مواصفات الحكومة المرتقبة كانت في صلب اتفاق ابرمه الرئيس سعد الحريري مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، بتفاهم مع الثنائي الشيعي، في الايام القليلة التي سبقت توافق الحريري والثنائي الشيعي على ترشيح الصفدي لترؤس الحكومة، في 14 تشرين الثاني.
اما ما تضمّنه اتفاق الحريري ـ باسيل، فهو الآتي:
1 – حكومة جديدة يُتفق مع الحريري على رئيسها، على ان يتولى هو اقتراح اسمه. رغم ان الثنائي الشيعي ظل يعوّل على موافقة الحريري على ترؤسها، الا ان الرجل رفض ما لم يخضع تأليفها لمواصفاته هو، وهي حكومة تكنوقراط خالصة ليس فيها احد يمثل الاحزاب بما فيها حزب الله. رفض الثنائي الاقتراح. كان ثمة شرط آخر: في مقابل وجود الحريري على رأس الحكومة يصير الى توزير باسيل. وهو مطلب يصر عليه رئيس الجمهورية اذ يوازن وجود هذا بذاك: الاثنان معاً في الداخل او الاثنان معاً خارجاً. الامر الذي رفضه الرئيس المستقيل بذريعة ان ليس في وسعه، بإزاء الحراك الشعبي، تحمّل باسيل في صفوف حكومته. مناقشات الرجلين انتهت الى تفاهمهما على عدم ترؤس الحريري الحكومة الجديدة.
2 – الحكومة مختلطة من اختصاصيين وسياسيين، يُتفق لاحقاً على توزّع حصة كل من هذين الطرازين. على ان يُعهد الى كل كتلة ممثلة فيها ان تسمّي هي وزراءها تبعاً لحصتها، سواء كان هؤلاء سياسيين او اختصاصيين، او احد هذين الطرازين دون الآخر. ليس لأي كان وضع فيتو على الاسم المرشح.
3 – اتفاق تمنيات لا اتفاق شروط على نحو ان لا يكون الوزراء الاختصاصيون شرطاً لازماً لتأليف الحكومة. كأن إذا لم يختر تيار او حزب احد هؤلاء لا تبصر الحكومة النور. كذلك الامر بالنسبة الى تمثيل بعض القوى والكتل التي سبق ان تحفظت او لا تزال تتحفظ عن الانضمام الى حكومة مختلطة كهذه، كرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وجودهما في الحكومة – اذا لم يشاءا – ليس شرطاً لتأليفها، بل يمكن ان يصير الى تأليفها من دونهما. الا ان اي احد لا يفكر في استبعادهما عنها.
4 – يقتضي تمثيل الحراك الشعبي في الحكومة الجديدة بحصة، على ان لا يؤول رفض الحراك مشاركته فيها الى تعذّر تأليفها. امتناعه لا يمنعها، بل تنطلق من دونه.
5 – لا شرط على الحريري ان يشارك في الحكومة بسياسيين او اختصاصيين، وهو طليق اليد في ان يقرر التمثل فيها او الابتعاد. الا ان عليه – اذا عزف عن المشاركة – التزام توفير التغطية السنّية لها. ليس بالاكتفاء باقتراح اسم رئيسها فحسب، بل كذلك حضور جلسة مثولها امام مجلس النواب ومنحها الثقة.
6 – الاختصاصيون الذين يتمثلون في الحكومة الجديدة ينبغي ان يكونوا مسيّسين، من دون ان يكونوا بالضرورة حزبيين.
تلا التوصل الى هذا التفاهم عقد جلستي عمل بين الحريري وباسيل، صار فيهما الى الاتفاق على الاسماء. ثم كانت جلسة ثالثة اكدت الاتفاق والاسماء. لم يؤتَ فيه، في بداياته، على ذكر طبارة والخطيب، وكان الخيار المطروح لرئاستها هو الصفدي.
الى الآن، من بين الافرقاء المعنيين بهذا الاتفاق، لا يزال في حسبانهم ساري المفعول. لم يعلن احد سقوطه. الخطيب مرشح لترؤس الحكومة بناء على مقتضياته وبنوده ايضاً. الا ان مرور بضعة ايام على تداول اسمه من غير احراز تقدّم ملموس في محادثاته مع اطراف الاتفاق الرباعي، يضعه على المحك ويختبر حظوظ الاتفاق والمرشح على السواء.