خلود شحادة – ليبانون تايمز
لم يدرك اللبنانيون حتى اليوم حجم الكارثة التي حلّت بعد انفجار مرفأ بيروت، كل ما يعلموه، أن فاجعة الموت دقّت أبواب الجميع. ما إن وقع الانفجار، حتى توالت التحليلات والتوقعات، منها تتعلق بالأسباب الكامنة وراء الانفجار، وأخرى بنتائجه الصحية خاصة بعد أن أُعلن أن مادة “نيترات الامونيوم” هي التي أدت الى هذه المجزرة الحقيقية بحق ما يزيد عن 150 شهيد وأكثر من 5000 آلاف جريح.
عن طبيعة مادة نيترات الامونيوم، شرح البروفيسير في الكيمياء الصناعية تيسير حمية، في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، أنها مادة كيميائية ليست خطرة، وهي صنّعت للاستخدام الزراعي لاحتوائها على النيتروجين، موضحاً ان هذه المادة، أي نيترات الأمونيوم، اذا خضعت لحرارة تفوق 300 درجة مئوية تصبح خطرة لأنها تتفكك، فينتج عنها غازات النيتروجين واوكسيد النيتروجين ، فينجم عن ذلك ضغطاً هائلاً جداً مصحوب بدرجة حرارة عالية جداً فيسبب ما يعرف بـ “موجة الصدم”، والتي تشبه الى حدّ ما الموجة التي تحدثها الهزات الأرضية.
وأضاف: “هذه المادة اذا مزجت بشوائب معدنية أو عضوية، أو أكاسيد المعادن، أو بعض الزيوت، بالتزامن مع درجة حرارة مرتفعة قد تسبب انفجار كالذي رأيناه خاصة اذا كانت الكمية تصل الى 2750 طناً”.
وأكد الدكتور حمية أن ما أشيع عبر الاعلام أن قنبلة هيروشيما تساوي 17 ضعفاً من انفجار بيروت غير دقيق، لافتاً الى أن كمية الحرارة التي نجمت عن هذا الانفجار تساوي 4 مليار k/j في حين أن الحرارة التي نتجت عن القنبلة الذرية التي ألقيت في اليابان نتج عنها حرارة تساوي 40 ألف مليار k/j، أي ما يعادل 10 آلاف مرة قوة الانفجار الذي حصل في بيروت.
وعن الدخان المتصاعد الذي اتخذ شكل “حبة الفطر”، أوضح أن أي حريق يحصل في مكان مغلق يعطي دخانه هذا الشكل، والأمر ليس محصوراً بالنووي.
وعن أضرار انبعاثات نيترات الامونيوم بعد الانفجار، أوضح الدكتور حمية أن الأمر ليس مضخماً كما أشيع، لافتاً الى أنه بعد حصول الانفجار نتجت غازات سامة، وأخطرها أول أوكسيد النيتروجين، ولكنه سرعان ما يتفكك بالهواء ويتحول لثاني اوكسيد النيتروجين، وهو “حيادي” يكون تأثيره مماثل لتأثيرات الغازات الدفيئة التي تؤدي الى ارتفاع حرارة الأرض، مشدداً على أن ما تحدث عنه الاعلام حول تشوهات خلقية للأجنة وما شابه ذلك بفعل الانبعاثات هو كلام غير علمي.
وكأنه لا يكفي اللبناني ما عاشه من آلام هذه الكارثة التي وقعت على عاتق الشعب كله، حتى تتضاعف التهويلات والإشاعات لتخلق حالة هلع اضافية في نفوس المواطنين، لا خطر على الأحياء من انبعاثات الغاز، إنّما من مستقبل مجهول ينتظرهم، ومن شعور الفقد الذي ستعانيه كل عائلة دفنت أحبتها في جوف وطن ابتلع الأحلام قبل أن يحتضن الجثامين.