خلود شحادة – ليبانون تايمز
يصحّ في وصف عام 2020 في لبنان بأنه عام الكارثة أو الانفجار بعد أن عاش أشهرا صعبة ستترك ندوبها على مستقبل الاقتصاد والاجتماع والسياسة.
ومع اقتراب 2020 من إسدال ستاره بعد أيام مثقلة بأحداث فظيعة فاقمها فيروس كورونا، نستعرض أبرز المحطات التي أدت إلى وصول لبنان لهذه المرحلة وانعكاسها على البلاد والشعب بشكل عام.
انطلق عام 2020 برفقة الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019.
في 21 كانون الثاني تشكلت حكومة اختصايين برئاسة حسان دياب، انقسم حينها الشارع اللبناني بين من رأى إمكانية منحه فرصة لا سيما وأنه خرج بوعود وشعارات إصلاحية، ومن اعتبر أن حكومته لن تختلف عن سابقاتها، ولذلك تراجعت الاحتجاجات الشعبية.
ورغم تعهّد دياب بتحقيق مطالب المحتجين وإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية التي يعاني منها منذ عشرات السنين، لم ينجح وحكومته في تحقيق أي تغيير أو تنفيذ أي وعد.
في 23 آذار أعلنت وزارة المالية أن لبنان سيتوقف عن تسديد مستحقات سندات اليوروبوند بقيمة 1,2 مليار دولار، وسعيها للتفاوض مع الدائنين في الخارج لإعادة هيكلة الدين العام في ظل تراجع الاحتياطات بالعملة الأجنبية.
وفي أيار بدأت الحكومة اللبنانية مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. ومن اللحظة الأولى كان واضحا أن المسار لن يكون سهلا بل شاقا ومعقدا لا سيما مع الاختلاف بين تقديرات الحكومة لخسائر الدولة وبين تقديرات المصرف المركزي وجمعية المصارف. لم يطل أمد المفاوضات حتى أعلن وزير المالية اللبناني غازي وزني عن تعليقها في 3 (تموز).
قبل أكثر من شهر على اندلاع حراك الشارع في 17 تشرين الأول 2019، بدأت الليرة اللبنانية تشهد سلسلة. وخلال هذه الفترة، أصبح الدولار متداولاً بثلاثة أسعار؛ الأول هو سعره المُشار إليه في السوق السوداء، والثاني سعره الذي لا يزال متوسّطه المعتمد رسمياً لدى “مصرف لبنان” المركزي محدداً عند 1507.5 ليرات لهامش بين 1500 و1515 ليرة منذ العام 1997، والثالث سعره المعتمد عند الصرّافين، بالاتفاق مع المصرف المركزي، والذي بلغ 3900 ليرة.
وفي حين أن السعرين، الرسمي وعند الصرّافين ثابتان تقريباً، فإن السوق السوداء مسرحها عملياً سوق الصرّافين، مرخّصين وغير مرخّصين، بالتنسيق أحياناً مع مسؤولين في المصارف، وكذلك التطبيقات الإلكترونية التي يتلاعب من يديرها بالسعر صعوداً وهبوطاً وعلى أساس مؤشرها يجري التسعير وإجراء الصرف في الأسواق التجارية التي فيها يدفع المواطنون ثمن فلتان سوق العملة في نهاية المطاف.
ومع بداية الأزمة طرحت “ورقة بعبدا الاقتصادية” والتي تحتوي خطة اقتصادية إصلاحية دعت إلى ضرورة الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي، وتضمنت سياسات مالية واقتصادية واجتماعية وتهدف لمعالجة جميع الأزمات. الا أنها بقيت حبراً على ورق…
كما شهد لبنان عاماً صحياً كارثياً، تجلّى بإنتشار فيروس كورونا (كوفيد -19). فكما سائر الدّول وحال تفشي الوباء حظي لبنان بتقلّبات سريعة، بدأت بإشادات دولية بقُدرته على ضبط وتعقّب المُصابين وصولاً إلى تحذيرات من السّفر منهُ وإليه ووضعه على قوائم الدّول الأكثر انتشاراً وتفشياً.
استمر لبنان في مكافحة الوباء، بسياسة إغلاق وفتح البلاد وسط ارتفاع يومي في عدد الإصابات. بعدَها شهد لبنان إغلاقات جزئية لبعض القرى والبلدات، لكن الخطّة لم تنجح بشكل كليّ في إعادة ضبط الوضع بعد تفشي سريع طال كل المناطق في لبنان.
مع استمرار ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات، خلال أشهر تموز وآب وأيلول، بلغ لبنان “رقم الذروة”، بدأ الحديث الفعلي عن عدم قدرة المستشفيات على استيعاب الأعداد المتزايدة، واليوم يعيش البلد حالة هلع بعد تخطي الاصابات اليومية عتبة الألفين.
في أواخر شهر تشرين الثاني ومع بداية الشهر الأخير من السنة توالت التصريحات لوزير الصحة حمد حسن لتُعيد لبنان التفاؤل بالخير، إذ أعلن عن اتّفاق مع شركة “فايزر” و”بيونتيك” للقاحات على أن يستلم لبنان جزءاً من حصته خلال الربع الأول من العام القادم 2021 أي بشهر آذار.
العام الحافل بكورونا في لبنان، لم ينته إذ أعلن مطار بيروت في 21 كانون الأول التّشدد بالإجراءات والفحوصات مع القادمين من المملكة المتحدة في ضوء ظهور السلالة الجديدة للفيروس في بريطانيا.
في مساء الرابع من شهر آب هزّ انفجار صنّف بالأكبر عالميا، العاصمة بيروت. انفجار قضى على ما تبقى من مقومات عيش في هذه المدينة بشكل خاص ولبنان بشكل عام، وقد نجم عن 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم كانت مخزنة منذ ست سنوات في مستودع بالميناء.
وقع الانفجار بمرفأ بيروت تردد صداه إلى مناطق تبعد عشرات الكيلومترات عن المدينة، استشهد على اثره المئات وأوقع آلاف الجرحى إضافة إلى آلاف المشردين.
ورغم وعد الجهات المعنية باظهار نتائج التحقيق لمعرفة المتهمين بعد خمسة أيام، لم تظهر حتى الآن اي نتائجح للتحقيق بعد مضي أربعة أشهر على كارثة المرفأ.
في اليوم التالي للانفجار وصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان في زيارة تفقدية لأضرار الانفجار، كشف عن نيته الدعوة لمؤتمر لدعم لبنان بعد انفجار المرفأ مطالبا بإجراء “تحقيق دولي” لكشف ملابساته.
تبع هذه الزيارة، زيارة ثانية لماكرون الى لبنان في نهاية شهر آب، عشية إحياء لبنان المئوية الأولى لتأسيسه، ودعا فور وصوله إلى لتشكيل حكومة “بمهمة محددة” في أسرع وقت، بعد ساعات من تكليف مصطفى أديب رئيساً لها.
وكان قد أعلن عن زيارة ثالثة خلال عطلة الميلاد الا أن اصابته بفيروس كورونا أدت الى تأجيلها الى موعد يحدد لاحقاً.
في 10 آب أعلن الرئيس حسان دياب استقالة الحكومة على وقع غضب الشارع عقب انفجار المرفأ ودخل لبنان في دوامة تصريف الأعمال.
وفي الثالث عشر من شهر آب وافق مجلس النواب اللبناني على قبول استقالة 8 نواب، تقدموا بها على وقع انفجار مرفأ بيروت، وجرى ذلك خلال جلسة مجلس النواب اللبناني، في قصر الأونيسكو ببيروت وهم سامي الجميل، ونديم الجميل، وإلياس حنكش، وبولا يعقوبيان، وميشال معوض، ونعمة إفرام، وهنري حلو ومروان حمادة.
بعد استقالة دياب، بدأ الحديث عن تكليف احدى الشخصيات لتولي مهمة تأليف الحكومة، فتم التوافق على تسمية السفير مصطفى أديب لتشكيل الحكومة أواخر شهر آب 2020
في السادس والعشرين من شهر أيلول اعلن السفير مصطفى أديب اعتذاره عن مهمة تشكيل الحكومة، معتبرا “انّ تشكيلة بالمواصفات التي وضعها باتت محكومة سلفا بالفشل، وحرصا منه على الوحدة الوطنية بدستوريتها وميثاقيتها، فإنّه يعتذر عن متابعة مهمّة تشكيل الحكومة.”
في ٢٢ تشرين الأول، كلف رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، تشكيل حكومة جديدة بعد حصوله على غالبية أصوات النواب في الاستشارات النيابية التي أجراها.
أشيعت أجواء ايجابية عقب اجتماعات متتالية بين عون والحريري،الا أنها سرعان ما تلاشت وظهرت الخلافات من خلال حرب البيانات بين بعبدا وبيت الوسط بسبب الخلاف على صيغةٍ موحدة لإعلان تشكيل الحكومة.
في تشرين الأول، تجدد مسلسل الحرائق في لبنان حين اندلعت الحرائق في مختلف المناطق اللبنانية وامتدت الى مساحات واسعة حيث التهم الغابات وأشجار الزيتون.
هذه الحرائق تأتي بعد عام كامل على حرائق مشابهة تعرض لها الغطاء النباتي في لبنان، دون أن يكون هناك اختلاف في المعالجة أو خطط المواجهة عن العام الماضي.. بحسب صحف لبنانية.
في نهاية تموز اتخذت الحكومة قرارا بالتعاقد مع شركة “ألفاريز أند مارسيل” لتولي مهمة التدقيق المالي الجنائي في المصرف المركزي، لكن المصرف المركزي تمنّع عن تسليم كل ما طلبته الشركة بحجة “السرية المصرفية” التي ينص عليها قانون النقد والتسليف في لبنان، لتعود الشركة وتعلن انسحابها من المهمة لعدم حصولها على المستندات الكافية.
ومن جديد، في الثالث والعشرين من كانون الأول، أعلن وزير اللمالية غازي وزني بعد اجتماع عن قرار التواصل مع شركة الفاريز ومارسال Alvarez & Marsal لمتابعة التدقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمؤسسات العامة أياً تكن طبيعة هذه الحسابات.
وسبق هذا الاعلان بيومين، خطوة وصفت بـ “التاريخية” حيث أقرّ مجلس النواب اليوم الاثنين بصيغةٍ مطوّرةٍ ما يتعلقُ برفع السريّة المصرفيّة عن كلّ الحسابات المرتبطة بالتّدقيق الجنائي، وهو ما يفتح الباب واسعاً امام مرحلة جديدة من العمل الحكومي لتطبيق الاصلاحات المنشودة.
في الأول من تشرين الأول، اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري اتفاق إطار “يمثل قاعدة أساسية لرسم الطريق أمام المفاوض اللبناني حول ترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب مع العدو الإسرائيلي، الذي سيتولّاه الجيش اللبناني بقيادته الكفوءة، وضباطه ذوي الاختصاص، وبرعاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وأية حكومة عتيدة”، معلناً انتهاء عمله في الملف الذي بدأه عام 2010، آملاً “التوفيق للبنان والجميع”.
ومع بداية شهر تشرين الثاني، انطلقت المفاوضات غير المباشرة بين الوفد اللبناني ووفد العدو الاسرائيلي برعاية اليونيفل ووساطة أميركية.
بعد 4 جولات تم تأجيل مفاوضات ترسيم الحدود، بعدما رفض العدو الاسرائيلي المطالب اللبنانية.
عام مضى تاركاً آثاره على كل مفاصل الحياة في البلد، يودّعه المواطن اللبناني كاسراً جرة اللاعودة لكل ما جرى فيه. ويستقبل عاماً جديداً بكل حذر وخوف.
أما المشهد السياسي فيبقى كما هو عليه بانتظار التبدلات الجديدة الناتجة عن السياسية المحلية والاقليمية، على أمل أن يلملم هذا البلد أشلاءه وينهض من جديد.