خلود شحادة – ليبانون تايمز
غلاء فاحش، شح في المواد الغذائية، وأزمة اقتصادية استفحلت في الواقع اللبناني. حصار فعلي يعيشه اللبناني، وحرب على لقمة عيشه جعلت من “شواء اللحمة” تهمة، ومن شراء الدجاج دليل على “برجوازيته”.
بعد أشهر من الحديث عن السلة الغذائية المدعومة، التمس المواطن أخيراً انخفاض أسعار المواد التي تضمنتها، والتي أعلن عنها وزير الاقتصاد، لتخفف العبء قليلاً عن كاهل المواطن.
من جهة أخرى، التمس المواطن انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في السوق، بالمقابل ارتفعت أسعار الدجاج بشكل جنوني، فما كان من وزارة الزراعة الا أن تدخلت في سبيل ضبط السوق ومنع الاحتكار.
وفي حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، أشار وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عباس مرتضى إلى أن “الحكومة اليوم في مرحلة إدارة الأزمات أكثر من القيام بمشاريع بحكم الظروف الاقتصادية التي تمر على البلد، والأزمات الصحية”.
وفي تفاصيل الخطوات التي تقوم بها وزارة الزراعة وتحديداً ملف “الأعلاف”، أشار مرتضى إلى أن “هذا الملف بدأ مع وزارة الاقتصاد حيث كانت تدعم العلف، لكن كان هناك بعض الخلل حيث كانت العملية تفتقر للرقابة والآلية لتوزيع الأعلاف. ومن ثم أحيل الملف الى وزارة الزراعة وبعدها الى وزارة الاقتصاد حيث أصبح الملف مشتركاً بين الوزارتين”.
وأوضح أن “وزارة الزراعة حينها اعتمدت آلية متمثلة ببطاقة “التعريف بالمزارع” وهي تتضمن كمية الحيوانات وكمية الأعلاف التي يستهلكها بالشهر، ويتقدم بها لأي تاجر ليحصل على الأعلاف”.
ولفت الى أنه “تم تطوير هذه البطاقة لمعالجة الخلل الذي كانت تحتويه، ولتوضح كل التفاصيل، مشيراً الى أنه يجري العمل على منصة الكترونية، بحيث أنه عندما يسجل اسم المربي يظهر لدى وزارتي الاقتصاد والتجارة وفي كل المتاجر”.
وعن حوكمة الأعداد شرح مرتضى: “هذه الآلية تفرض على المربي تسجيل اسم هذه البطاقة عند المستورد، وعندها يتم تحديد الأعلاف أين تذهب، وفي نفس الوقت تكون العملية مباشرة مع المربي، لأن بعض التجار الذين تصلهم الأعلاف يتحكمون بها وبأسعارها مما يؤدي الى الاحتكار”.
وأضاف: “التجار في المناطق عليهم أخذ البطاقة وتصديقها عند المستورد، لأن المستورد هو الذي يصرح للوزارة، حتى يتم تحديد وجهة الأعلاف التي يجب أن تذهب مباشرة للمزارع، وكل عملية تظهر عبر المنصة الإلكترونية، حيث تم تحديد كل الكمية التي يمتلكها كل تاجر ومستورد، اضافة إلى الكمية المباعة والمتبقية”.
وعن إحصاء الثروة الحيوانية الدقيق الذي قامت به وزارة الزراعة، لفت مرتضى الى أنه “في لبنان هناك 36 الف مربي، أحصي عددهم بعد تصريح كل المربين عن أعداد المواشي التي يرعونها”.
وعن أسعار اللحوم الحمراء، أوضح مرتضى أنه “تم تنظيم آلية الملاحم، وكمية استهلاك كل ملحمة أسبوعيا من اللحوم، عبر إطلاق بطاقات تعريف لكل ملاحم لبنان تتضمن (رمز خاص، رقم الهاتف، الاسم كاملاً والعنوان) و يتم تصديقها من رئيس البلدية ومن المركز الزراعي ليتسلّم حصته من المستوردين، عبر آلية معتمدة لكل مستوردي اللحوم الحية.”
وأكد أن آثار هذه العملية ظهرت في السوق، حيث هناك استقرار بأسعار اللحوم الحمراء بكل لبنان، بين 30 و 40 ألف ليرة للحوم الأبقار بعدما كانت قد لامست 70 ألف ليرة سابقاً.
أما بالنسبة لأسعار الدجاج، فأشار مرتضى الى أن “لبنان دولة منتجة للحوم البيضاء ومصدرة للبيض، ولكن مع تسكير المطار وانخفاض الاستهلاك، دفع المربين الى تخفيض الانتاج من 60 الى 65%، وفجأة عادت الحياة الطبيعية وفُتح المطار مما أدّى الى ارتفاع الطلب مقابل العرض وساهم في ارتفاع الأسعار”.
وأعرب مرتضى عن أسفه “لفتح الباب للدجاج المستورد بعد الارتفاع الجنوني لأسعار لحوم الدجاج حيث وصل كيلو السفاين الى 35000 لتهدئة الأسعار، لأن بعض الكارتيلات أخفوا الدجاج واحتكروا السوق وقننوا بيعه”.
ولفت الى انه “بمجرد أن أعلن عن اتخاذ القرار وقبل ادخال الدجاج المجلد انخفضت الأسعار لأنه تم كسر الاحتكار، وستنخفض تدريجياً مع دخول الدجاج المجلد الى لبنان”، مؤكداً “دعمه لهذا القطاع لكن ليس على حساب لقمة عيش المواطنين”.
“حرم الناس من آخر مورد يعودون إليه في حالة الفقر والجوع”، جملة استعرتها من كتاب التاريخ جميعنا يحفظها، تحكي عن ما تسبّبت به موجة الجراد الذي هاجم لبنان ابّان الحرب العالمية الأولى. وهي نفسها تصف الواقع اللبناني بسبب المحتكرين الذين يستغلون أوجاع الناس ويرفعون أسعار المواد التي كانت تصنّف بأنها قوت الفقير “كالعدس والبقوليات” ليراكموا الارباح… ويحرمون الناس من آخر مورد يعودون اليه في حالة الفقر والجوع…