غسان همداني _ليبانون تايمز
في العام 1990 اعلن رئيس الحكومة العسكرية العماد ميشال عون رفضه إتفاق الطائف، وظل هذا الرفض على حاله طيلة وجوده في فرنسا وحتى بعد عودته الى لبنان في العام 2005، هذا الرفض ترسخ في ادبيات التيار الوطني الحر وفي عقيدته الحزبية.
مع اعلان العماد عون ترشحه لرئاسة الجمهورية، خفت اللهجة تجاه اتفاق الطائف، عبر المطالبة بتعديل بعض المواد لصالح استعادة صلاحيات رئيس الجمهورية.
بعد وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية، نتيجة تسوية مع رئيس الحكومة في حينه الشيخ سعد الحريري، بدأت بوادر الإنقلاب على الطائف تظهر بوضوح مع ضعف موقع الرئيس الحريري بعد الاستقالة الملتبسة من السعودية ، وحاجته الماسة الى البقاء في السلطة حفاظا على مستقبله السياسي، الأمر الذي أثار امتعاض مجموعة العشرين في تيار المستقبل، وتململ لدى قيادات الطائفة السنية ومرجعيتها الدينية، وظهور الانتقاد الى العلن.
لم يتغير الأمر مع وصول الدكتور حسان دياب الى رئاسة الحكومة، فالرئيس دياب وخلافا لرؤساء الحكومات السابقين ، مقطوع من شجرة بالمعنى السياسي، فهو لايملك حزبا يسانده في الشارع، ولا كتلة نيابية تساهم في حمايته او الدفاع عنه،او حتى كتلة وزارية تسانده في مجلس الوزراء، حتى المرجعية الدينية المتمثلة بدار الفتوى لم تسبغ عليه بركاتها، إضافة الى اتفاقات يقال انها حصلت مع الوزير جبران باسيل ثمنا لوصوله الى السلطة.
يتصرف رئيس الجمهورية كما لو أنه في زمن قبل الطائف، فيمسك بالسلطة التي منحها الاتفاق الى مجلس الوزراء، وتؤخذ القرارات في الاجتماعات التي تُعقد في قصر بعبدا، والتي اصبحت شبه دائمة، بالإضافة الى تصرف رئيس الظل كانه الآمر الناهي، فيقرر ويعطل وفقا لمصلحته الخاصة، ضاربا بعرض الحائط صلاحيات رئيس الحكومة.
ما حصل مع موضوع محافظ مدينة بيروت، خير دليل، حيث كسرت شوكة رئيس الحكومة، واستقبل رئيس الجمهورية المطران عودة متعهدا ان يترك اختيار إسم المحافظ له، والضغط على رئيس الحكومة للتراجع عن تعيين مستشارته، بغض النظر عن صوابية الاقتراح ام لا،وتصريح الوزير الياس ابو صعب العالي النبرة تجاه الرئيس دياب، وابلاغه رسالة بطريقة غير مباشرة ان القرار لا يعود له، وغيرها من الأمور ، وليس آخرها تجاوز آلية التعيين، والعودة الى حصر الأمر بالوزير المختص عبر رفع الأسماء واجبار مجلس الوزراء اختيار واحد من ثلاثة فقط.
بعد مرور مائة يوم على توليه رئاسة الحكومة،على الرئيس ان يتصرف كرجل دولة، يتمسك بصلاحياته ويمارسها، ولا يسمح بتجاوزه اذا اراد النجاح في مهمته وتقديم نفسه منقذا في زمن الانهيار، وأن يحافظ على الدستور، والا سيفتح الباب على مصراعيه لمعارضيه من داخل طائفته لإظهاره كمضيع لحقوقها ومكتسباتها، ووتعلن التعبئة المذهبية دفاعا عن حقوق الطائفة، مع ما يستتبع ذلك من بلبلة امنية تؤدي الى مالا يحمد عقباه، ومن داخلها وخارجها لإظهاره ضعيف الشخصية، ومفرطا بالدستور، وليست صورة الرئيس شفيق الوزان ببعيدة.