خاص ليبانون تايمز _ غسان همداني
يقع لبنان على خط زلازل صنعته التركيبة الطائفية والمذهبية، بالإضافة الى تدخلات خارجية عمرها من عمر لبنان، تغذيها وتستدعيها مصالح شخصية وأحقاد دفينة، وهو عرضة لهزات غب الطلب، تتراوح قوتها حسب مقياس ريختر الطائفي ــ الخارجي، هذه الهزات تأتي على فترات متقطعة ينتج عنها دمار وموت، وانهيار اقتصادي، وتنتهي بتسويات بين الدول المتصارعة في لبنان ومن خلال شعبه العظيم، تضمن لهذه القوى مصالحها وتحقق للبعض أحلامه الوردية.
يتعالى الخطاب الطائفي بصورة غير مسبوقة، في محاولة لشد عصب انتخابي، هذا الخطاب يتبدى أكثر لدى القوى المسيحية، وتحديدا لدى الطامحين الى رئاسة الجمهورية التي بدأت تباشير معركتها منذ زمن، ويتسابق هؤلاء للتصويب على أهداف تدغدغ الشعور الشعبي المسيحي، واستعادة عبارات وشعارات من زمن الحرب الأهلية ظن اللبنانيون أنها ذهبت الى غير رجعة، من استعادة حقوق المسيحيين، إلى شعار حماية المناطق المسيحية، الى التحذير من الآخر، بالإضافة الى القضية المركزية سلاح حزب الله، دون أن ننسى شعار الحياد الذي شكل غطاء دينيا لهذه الجماعات.
يتسابق الطامحون للرئاسة الى نيل رضى الولايات المتحدة، ويقدمون أوراق اعتمادهم لديها.
رئيس الظل، الوزير جبران باسيل يقدم نفسه قادرا على لجم حزب الله وترويضه استكمالا لمسيرة العهد ووريثا له، وهو بدأ يُظهر تمايزه عن الحزب في قضايا مفصلية ومصيرية، حول انتخابات المغتربين، وعزل القاضي بيطار او كف يده، اكراما لعين السفيرة الأميركية والتزاما بتعليمات الكونغرس الأميركي.
اما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فهو لم يغادر الحرب الأهلية ولم تغادره، وقد قدم نفسه القائد الملهم القادر على التصدي لحزب الله وسلاحه، متباهيا بتنامي أعداد ميليشيا القوات وتدريبهم، وما حصل في الطيونة كان رسالة الى الأميركيين وحلفائهم تظهر قدرة القوات على المضي بهذا الخيار الى النهاية.
ومن ضمن الطامحين الذين أوحي لهم بتوفر الحظ بالوصول الى رئاسة الجمهورية قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، الذي تلقى مساعدات عسكرية عبارة عن طوافات وخلافه من الإدارة الأميركية، والكلام عن أن هذه الإدارة تراهن على الجيش في معركة سلاح حزب الله، وما البيانين المتضاربين اللذين صدرا عن قيادة الجيش حول ما حصل في الطيونة الا مؤشر عن النية في عدم اغضاب هذه الادارة.
ولا يشذ عن هذه القاعدة رئيس حزب الكتائب سامي الجميل مع فارق أن تأثيره في الساحة المسيحية الى انحسار بالرغم من مكابرته حول هذا الموضوع.
من اجل تحقيق الأوامر السلطانية الصادرة عن المفوض السامي السفيرة الأميركية شيا، حول ضرورة اضعاف محور المقاومة، وسحب الأكثرية من بين يديه، تم تكليف القاضي بيطار محققا عدليا في قضية انفجار المرفأ، والمطلوب أمر واحد اتهام حزب الله بأنه وراء هذه الجريمة، في استعادة للعام 2005 والمحكمة الدولية وما رافقها، وقد قام القاضي بيطار بالمطلوب منه على أكمل وجه، وضرب بالأصول الدستورية والقانونية عرض الحائط فيما يخص الوزراء والنواب، بينما راعى الأصول فيما يتعلق بالقضاة والقادة الأمنيين، ما جعل الحزب يتوجس خيفة حول تصرف القاضي بيطار، عبر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر في اطلالتيه التلفزيونيتين.
وفي حين رفض مجلس الدفاع الأعلى برئاسة رئيس الجمهورية إعطاء القاضي بيطار الأذن بملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء صليبا، رفض رئيس الجمهورية البحث في موضوع عزل القاضي بيطار مشددا على فصل السلطات حفاظا على سير التحقيق!! ولا يخفى أن رئيس الجمهورية يرمي من هذا الموقف مسايرة الإدارة الأميركية كرمى عين الصهر، بالإضافة الى النيل من خصمين لدودين هما رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية المرشح الأوفر حظا لرئاسة الجمهورية.
لقد قدم الطامحون للرئاسة أوراق اعتمادهم الى المفوض السامي دوروثي شيا مكتوبة بدماء الضحايا الذين سقطوا برصا ص القنص، وترويع الآمنين في بيوتهم، والأطفال في مدارسهم، والخوف والهلع لدى اللبنانيين من عودة الحرب الأهلية التي أطلت برأسها، وكشرت عن أنيابها، لولا حكمة الثنائي الشيعي وتعاليه على الجراح حفظا وصونا للوطن، والاحتكام الى القضاء العادل لا المسيس ، والاحتفاظ بحق الرد المناسب في الزمن والمكان المناسب.
إن ما حصل بالأمس رسم بسمة الرضى على وجه المفوض السامي شيا، والعدو الصهيوني واتباعهما، لكنه لم يثلج صدورهم بعدما فشل مخططهم، وسيكون لبنان على موعد مع خضات أمنية قد تتفلت من عقالها، الا إذا تدارك العقلاء الأمر، وما اقلهم في هذا البلد، وجنبوا لبنان حربا قد تغير وجهه الى الأبد.