أكّد رئيس “جمعية مصارف لبنان” سليم صفير، أنّ “إعادة بناء الثقة تشكّل المعبر الإلزامي لإنقاذ لبنان، وينبغي أن تكون العنوان الأبرز لأي خطّة معالجة شاملة تكفل انتشال الاقتصاد من أزمته العاتية، ومعالجة الفجوات الماليّة والنقديّة الّتي تنذر بتداعيات أكثر إيلامًا اجتماعيّا ومعيشيًّا”، مركّزًا على أنّ “هذه مهمّة ذات أولويّة على رجال الدولة اعتمادها، بدلًا من حصر التوجهات بإعادة الهيكلة لمؤسّسات استراتيجيّة كالبنك المركزي والقطاع المصرفي”.
ولفت في حديث صحافي، إلى أنّه “ما دام أنّ نواة الأزمة تكمن في المالية العامة، فإنّه ينبغي توجيه الإهتمام وصوغ الإقتراحات الملائمة لمعالجة أصل المشكلة، ومن ثمّ التعامل مع ما أنتجته من فجوات وتداعيات على الاقتصاد وقطاعاته المنتجة”. وأوضح أنّه “عندما يتمّ الإصلاح الهيكلي للمالية العامة ويستقيم حساب الموازنة بين المداخيل والإنفاق، يمكن السعي إلى تحقيق فائض أوّلي يغطّي أقساط المستحقّات المتوجّبة على الدولة، وتنتفي تدريجيًّا عوامل التهيّب من إدارة الدين العام، وتتمكّن الدولة من تسديد موجباتها تدريجيًّا لدائنيها، ويعود التوازن تلقائيًّا إلى ميزانيّات البنك المركزي والجهاز المصرفي”.
ونبّه صفير إلى “ضرورة حسم الخيارات الحكوميّة بشأن أولويّة ضخّ سيولة جديدة من العملات الأجنبيّة عبر مصادر خارجيّة، وعدم الاعتماد على احتياطيات البنك المركزي فقط لسدّ الاحتياجات التمويليّة الملحّة. فـ”شراء الوقت” المُتاح حاليًّا من خلال استعمال مخزون العملات الأجنبية في تغطية مستوردات السلع الأساسيّة كالمحروقات والقمح والدواء، سيصبح تباعًا أكثر صعوبة مع استنزاف هذا الإحتياطي، الّذي يمكن استثماره بفاعليّة وقيمة مضافة أعلى في حال العمل على فتح قنوات الدعم المالي الخارجي وتعزيز رصيد الثقة المحليّة والدوليّة”.
وأقرّ بأنّ “لا مفرّ من اللجوء إلى “صندوق النقد الدولي” الّذي يتيح لأي بلد تعظيم حصّته الإقتراضيّة في الظروف الاستثنائيّة، على أن يتمّ في مرحلة لاحقة إعادة إنعاش وتسريع التزامات “مؤتمر سيدر” البالغة نحو 11.6 مليار دولار، على هيئة قروض ميسّرة لصالح القطاعَين العام والخاص ولمشاريع البنى التحتية”. ورأى أنّ “هذا المسار هو الأفضل والممكن في ظلّ تعذّر طرق أبواب الدعم الإقليمي والدولي التقليديّة الّتي اعتادها لبنان في أزماته السابقة، بسبب عراقيل محليّة وخارجيّة. وقد ازدادت الأمور صعوبة بفعل الوقائع الّتي أفرزها فيروس “كورونا” على الملاءة الماليّة للدول والأسواق العالمية، حيث يتمّ توجيه جزء كبير من الإحتياطيّات لحماية الاقتصادات والأسواق في أغلب دول العالم”.
كما أعرب عن اعتقاده أنّ “أي دعم مالي خارجي سيشترط أن تقوم الدولة بتنفيذ خطّة إصلاحيّة شاملة إداريًّا وماليًّا، والخروج نهائيًّا من مشكلة الكهرباء الّتي تكبّد البلاد نحو ملياري دولار سنويًّا”، مشدّدًا على أنّ “قرار الإصلاح منوط بالسلطات، وهي تكرّر قناعاتها بأولويّته، كما التزمته الحكومة في بيانها الوزاري”. وأوضح أنّ “مع الأخذ بالاعتبار المعطيات المستجدّة بعد اندلاع الإحتجاجات الشعبية منتصف تشرين الأول الماضي، وما رفعته من مطالب مشروعة، فإنّه من السهل اعتماد برنامج متكامل من خلال جمع وتنسيق برامج الإصلاحات المتعدّدة، وبينها اقتراحات مقدّمة سابقًا من الصندوق وبرنامج يحظى بموافقته سبق أن قدّمته الحكومة السابقة إلى مؤتمر المانحين في باريس. إضافة إلى الدراسة المستفيضة الّتي أعدّتها الشركة الاستشارية “ماكينزي” والتقارير الدورية الخاصة بلبنان الّتي يصدرها البنك الدولي”.