الجمهورية ـ أسعد بشارة
هل يكون الطعن الذي قدّمه حزب الكتائب ونال توقيع عشرة نواب، مقدِّمةً لإبطال قانون مشروع خطة الكهرباء واعادة درسه وتصحيحه لإزالة الشوائب المقصودة في القانون، التي تحمل في طياتها مخالفات دستورية واضحة، خصوصاً للمادة 89؟
عملياً عيّن رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان مقرراً للطعن يُفترض أن يقدم مطالعته خلال مهلة أقصاها عشرة أيام، وفي مطلع الاسبوع سيجتمع المجلس الدستوري، لاتخاذ قرار بإبطال مفعول القانون او عدمه، الى حين البتّ بأساس الطعن ومضمونه، علماً انّ المجلس لديه مهلة خمسة ايام حين تسلّمه التقرير، للاجتماع والتداول فيه، على أن يصدر قراره خلال 15 يوماً، وبما انّ الطعن قُدِّم في التاسع من الجاري، يفترض ألاّ يأخذ المجلس الدستوري بعد احتساب مجموع المهل أكثر من شهر لإعلان قراره.
في اسباب الطعن محاور عدة لتبيان مخالفة القانون للدستور، مخالفات صريحة أبطل المجلس الدستوري قوانين سابقة استناداً اليها.
المخالفة الاولى ركزت على أنّ القانون المطعون فيه، مخالف لأحكام المادة 36 من الدستور لجهة عدم التصويت بالمناداة، هذه المادة تنص على احتساب الاصوات بطريقة دستورية، وهو ما لم يحصل في جلسة التصويت في المجلس النيابي على رغم من اعتراض عدد من النواب، وقد توقع البعض انه لو تمّ التصويت باحتساب الاصوات لسقط القانون.
يورد الطعن في هذه المخالفة حكماً سابقاً للمجلس الدستوري اكد فيه حرفياً انّ التصويت العلني بصوت عال ليس قاعدة شكلية، بل هو شرط ضروري للمراقبة والمحاسبة في الانظمة الديموقراطية، وخلص المجلس الى إبطال القانون، في قرار اصدره في 22/9/2017.
اما المحور الثاني لأسباب الطعن فقد ركّز على مخالفة المادة 89، التي تنص على إصدار قانون لأيّ التزام او امتياز والى زمن محدود، وقد اعتبر المشترع انّ هناك مواضيع محجوزة للقانون ولا يجوز للمشترع التفويض في شأنها.
ولقد أجرت مُعِدّة الطعن المحامية لارا سعادة مستشارة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل مقارنةً بين قانون تلزيم الهاتف الخلوي، وقانون الكهرباء الذي اعتبر أنّ معاملة اعداد دفتر الشروط وفقاً للقواعد الاساسية التي يحددها قانون منح الامتياز او الالتزام، ومصادقة مجلس الوزراء على هذا الدفتر هما من الاجراءات الممهِّدة للمزايدة والمناقصة إنفاذاً لمنح الامتياز، ولا يدخلان في نطاق المبادئ والقواعد الاساسية التشريعية لهذا المنح. بالتالي هذا الإجراء الممهِّد للمناقصة لا يمكنه الحلول مكان القواعد الاساسية التي يحددها قانون منح الامتياز غير الموجود في قانون الكهرباء.
يركز الطعن في هذه النقطة على انّ قانون الكهرباء لم يقر إعطاء الامتياز الى فترة محددة، أي الى ما شاءت وزيرة الطاقة ندى بستاني، كذلك لم يحترم القواعد الاساسية التي تكفل المنافسة من اجل حماية المال العام وحقوق المستهلكين.
في الطعن الذي اصبح لدى المجلس الدستوري ايضاً اسباب تتعلق بمخالفة احكام مواد دستورية، لجهة عدم مراعاة اختصاص مجلس النواب ومجلس الوزراء وعدم احترام مبدأ الفصل بين السلطات، كذلك تضمن اسباباً تتعلق بمخالفة القانون المطعون فيه لمبدأ وضوح القاعدة القانونية، كما في مخالفته لمفهوم الاستثناء المرتبط بالظروف الطارئة، كما في مخالفته لمبدأ الأمان التشريعي.
المخالفات كبيرة وجسيمة يرتبط معظمها بانعدام وجود رقابة حقيقية على التلزيم، وبإعطاء وزيرة الطاقة صلاحيات غير مقيّدة بأيّ قيد او مراقبة، في وضع دفتر الشروط وتجاوز قانون المحاسبة العمومية وادارة المناقصات، وفي التفلت من ايّ وقت محدد لإعطاء التلزيمات، وهذا ما لم يحصل في قطاع الهاتف الخلوي الذي بدوره نفذ على رغم من الضوابط باحتكار مشهود، ادّى الى انعدام المنافسة، والى أن يدفع المستهلك اللبناني اسعاراً باهظة لقاء الخدمة التي نالها.
يبقى السؤال: هل سيقبل المجلس الدستوري بهذا الطعن؟
الواضح انّ هذا المجلس سيتخذ قراره الاخير والكبير، قبل تعيين مجلس دستوري قريب خلال اسابيع، وهذا الطعن الذي استند حرفياً الى ادلة استند اليها المجلس حين أصدر قرارت سابقة، سيكون اختباراً، لمجموعة اعضاء المجلس قبل أن يغادروا الخدمة العامة، علماً انّ هذا المجلس لا زال يعاني من قراره السابق في موضوع التمديد للمجلس النيابي، اما في قراره الحالي، فيكمن السؤال: كيف سيكون الختام؟