فضيلة الشيخ ربيع قبيسي- خاص ليبانون تايمز
من أين أبدأ يا إمام حكايتي؟
من صباحنا المشتاق وسلامنا اليتيم دونك؟
أم من نبضات قلوبنا التي تأنسُ لطيب ذِكرك ؟
و أمانينا الغالية بالدعاء الدائم لك ولعودتك ؟
كم نحتاجك ؟
و كم نريد الظلّ تحت عباءتك ؟
من أين أبدأ يا إمام .. حكاية الأيام ؟
عن صباحاتنا التي فارقَها الخير ؟
عن أيّامنا التي جُبِلَت بالنفاق والقلق والشرّ ..
من أين أبدأ حكاية المدن والقرى في لبنان ..
من صور عروسة الشاطئ المضيئة بنور قلوب أهلها ومحبتهم،
من بحرها الذي حفظ أسرارك، فأصبحت أمواجه تتلاطم حزناً على ما أصاب الأرز والتين والزيتون ،
ها نحن اليوم نلوذ بخيط عباءتك
عَلَّنا نصل إلى جادّة الصواب ..
نقرأ سفر إيمانك ومزامير وطنيّتك وآيات وعيك ..
أُحبّ أن أخبرك كم حافظنا على وطننا وتفاصيله، وصِرنا نصلي صلاةً واحدة ونقدّس بنفسٍ واحد (كُلّنا للوطن)، وندعو لبعضنا في المسجد والكنيسة والخلوة أن حيّ على خير العمل ..
أُحب أن أخبرَك أنَّ مشاريعنا التي سعيت من أجلها نُفِّذَت ، وأنَّ الطريق من الناقورة إلى عكّار العتيقة وطرابلس الفيحاء ودير الأحمر …
أصبحَ سهلاً جداً عبر السِّكة الحديدية، وأنَّ الحكومات منذ زمن تتشكَّل خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر…
وأنّ النبلاء يحذون حذوك لا مكان للفاسدين والمحتكرين والطمّاعين ، فالأدوية والمحروقات والمواد الغذائية توزَّع بعدالة،
حتى الوكالات الحصريّة لم تعد موجودة، أما إخراجات القيد ميسّرة عبر البريد الإلكتروني ويكتبون عليها لبناني فقط دون ذكر المذهب ..!!
وقوانين المحاسبة تطوّرت وقوانين إلغاء الطائفية السياسيّة سارية المفعول،
حتى الإنتخابات منذ سنوات على القانون الذي كنت تسعى إليه…
لبنان دائرة انتخابية واحدة دون القيد الطائفي ..
آه آه … عذراً سيدي الإمام ..
سامحني ….
أخذتني الأحلام، واستيقظتُ وجدتُ نفسي في كابوسٍ لا يعرف معنى النور .. ماذا أخبرك بل ماذا أعدّد لك ؟
إنّك تعلم ماذا حلّ في وطني لذلك أتيت، وقلبُك يحاول التغيير لذلك جاهدت وسعيت ..
يا إمام المحرومين ..
ثلاثة وأربعون عاماً مرّت على تغييبك، وما زال تقدّمنا حلماً نحاول تحقيقه،
بل العودة للخلف أمراً محتوماً في كل مأزقٍ ومحنة تواجه بلادنا ..
لعلّك خلف الجدران تبكي على لبنان الذي ضحّيت لأجل ترابه ؟
لعلّك تصرخ لا تدمّروا بقايا هذا الوطن الذي ناديت أنّه نهائي لجميع أبنائه …
سامحنا إن أَطَلْنا الكلام، نحن أصبحنا ننام منتظري فرج الصباح بعيون دامعة تبكي الحقوق …
سامحنا إن أطَلْنا الشكاوى، فَـنحن
نقضي نهاراتنا في طوابير الانتظار بين الرغيف والدواء ومحطات الوقود المشتعلة نار الحرمان …
أطفالنا حُرِمت طفولتها والحصول على ألعاب فصل الصيف بل أصبح أقصى أحلامهم النوم المريح في ليالي آب الحارّة .. !!
سامحنا إن تكلّمنا فبريق الأمل في عيون أمهاتنا أصبح ضعفاً وتعباً وقلقاً …
والوجع يأكل زنود رجالنا الذين قاوموا وما نامت عيونهم عن حفظ الوطن …
نعم يا سيدي أصبحنا نعيش في عالم تفترسه الذئاب ..
والخوف أن نبحث عن وطننا في مزابل التاريخ
لم يعد لدينا أمل في وطنٍ ضاع بين الثأر والمحسوبيات والسرقة والإحتكار، فالناسُ تأكلُ بعضها دون خجل في وطنٍ ضاع بين الفاسد والمحتاج الذي يسعى ويفتّش عن قليلٍ من حاجات حياته البسيطة ..
ولكن يا سيدي الإمام
سوادُ أيّامنا تكحّله صورتك المبتسمة التي تدلنا أنّك بجانبنا،
وتعاسة صباحاتنا يؤنسها الخير بوجودك، و هَمُّ مسائنا يقتله الصبر الذي درسناه في حديثك وكلامك ..
ننظر … نرتقب عيونك المليئة بالفخر نمعن النظر ،
وحدها تخفّف الآلام وتمسح دموع السنين ..
ولم يبقَ في وطننا إلا القليل من الأمل يحميه النبيه المؤتمن حتى لا يضيع في عهد جهنم …
سيدي الإمام ..
نلتمس العذر أنّنا أبناء وطنٍ نهبنا بعضنا، وتغذّينا من لحم بعضنا البعض،
وسرقتنا الأيام وخانتنا الذاكرة ، أنّك أصل الحكاية،
وأنّك سيّد الزمان والمكان …
وأنّك زادُ ثباتنا،
وذخرُ أعمارنا ..
وأنَّك موسى الصدر
وكفانا فخر