اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في حركة امل مصطفى الفوعاني أنّ “مشكلة الحكومة في لبنان تعود إلى السقوف العالية التي يتبناها البعض، وتحديدا فريق رئيس الجمهورية حيث يصرّون على الاستئثار بمعظم الحقائب ويريدون ما يُعرف بـ “الثلث المعطّل” وهو تعبير يُقصد به تعطيل أي قرار لا يتلاءم مع توجّه هذا الفريق، وهنا جوهر المشكلة”.
وأشار الفوعاني في حوار خاص مع “شفقنا العربي” إلى أن “لبنان تاريخيا، اعتمد اقتصادا ريعيا ولم يكن هناك من خطط لتنمية مستدامة تعتمد على الزراعة والصناعة، وكانت علاقة لبنان مع محيطه العربي علاقة أخوية تحكمها امتدادات تاريخية واجتماعية وانسانية، وهذا المحيط يعاني اليوم من تشظيات وخلافات”.
وأضاف الفوعاني: “كان الرئيس نبيه بري حريصا دوما على دعوة العرب إلى الحوار الداخلي، وتجاوز الاختلافات، وفتح قنوات التواصل مع ايران”، لافتا الى أن “قنوات التواصل يجب ان تستمر، ولا تقفل، والعلاقات الدولية ليست مرهونة بما تقدمه هذه الدولة لتلك، ثمّة قراءة هادئة لهذا المشهد، وعلى لبنان ان يعي المتغيرات الهائلة التي حصلت بالمحيط ويعيد بناء علاقاته ولا سيّما العربية منها والاسلامية بعيدا عن النفعية المباشرة”.
وفي الشأن اللبناني-السوري شدد الفوعاني على ان “سوريا تمثّل العمق التاريخي والجغرافي ليس للبنان فحسب بل لكل الدول العربية، وهي قلب العروبة النابض، ونظرا لضيق الأفق عند البعض في لبنان، فإنهم لم يلتزموا بمعاهدة الأخوة والصداقة، بل وسعى فريق آخر إلى تشويه هذه العلاقة، ولبنان مدعو بالأمس قبل اليوم أن يفتح نقاشا مع الدولة السورية في كل ما من شأنه أن يعزز سبل العلاقات المشتركة في مختلف الموضوعات”.
وفي جانب اخر من الحوار تطرق الدكتور الفوعاني الى موقع ايران الاقليمي والدولي، مؤكدا ان “ايران دولة لها تأثير عالمي، وبعد محادثات فيينا والتقدم الحاصل في البرنامج النووي السلمي سيعزز أكثر صوابية القرارات التي اتخذتها ايران سابقًا، وستنبئ عن فشل ذريع للدول التي وافقت على نقض اتفاقها السابق مع ايران”.
وأوضح الفوعاني ان “الرئيس نبيه بري كان يدعو منذ سنوات إلى ضرورة إجراء حوار مباشر بين السعودية وايران، هذا الحوار أكثر من ضروري وفيه مصلحة للأمة العربية والاسلامية، وهو نقطة ارتكاز لمصلحة القضية الفلسطينية وتوجيه كل الطاقات لمواجهة الاطماع الاسرائيلية، وكل وساطة تحصل نأمل أن تؤتي ثمارها لما فيه خير المنطقة”، مؤكدا أن “ما يُحل بالحوار والنقاش والوساطة سعي محمود النتائج، لانه سيشكل بارقة للافادة من كل المقومات لمواجهة العدو الاسرائيلي الطامع بمياهنا وارضنا وثرواتنا”.
وتاكيدا على ضرورة فتح قنوات الحوار بين دول المنطقة، لفت الفوعاني الى ان “الصراع الداخلي ـ الداخلي لا أحد ينتصر به حتى الرابح خاسر، ولذلك لا بدّ من حوار هادئ حول كل الاشكالات المطروحة بدء من اليمن إلى العراق إلى السعودية إلى ايران إلى مصر إلى دول المغرب العربي”، موضحا ان “الصراعات الداخلية تولّد الكثير من التفكـك والاحقاد، وتعطي العدو الاسرائيلي فرصة لتحقيق أهدافه، وهذا ما يدفعنا دوما إلى المناداة بحوار ومصالحة بيننا، لانها الطريق الأوحد لنا جميعا، والعدو الاسرائيلي هو الخاسر الأكبر في أي محاولة للتقارب العربي ـ العربي،/ والعربي ـ الايراني”.
وتعليقا على عملية “سيف القدس” الأخيرة في فلسطين المحتلة، قال الفوعاني: “ما حصل في هذه العملية ينبئ بتغييرات جيوسياسية طويلة الأمد، وهذا ما بدأت الولايات المتحدة وحتى دول كثيرة في اوروبا بمراجعة سياساتها في دعم العدوانية الاسرائيلية”، لافتا الى أن “هذا الانتصار في فلسطين حجر الزاوية في المرحلة القادمة، واستطاع التضامن الفلسطيني الداخلي ان يترك تأثيره على الرأي العام العالمي، وفشلت آلة التدمير الاسرائيلي في تحقيق أي من الاهداف وعادت فلسطين قطب الرحى والقضية المركزية، وفلسطين هي اليوم أكثر حضورا على مساحة العالم من حيث ما تعانيه من همجية وبربرية من قبل الاحتلال”.
وشدد الفوعاني على أن “اسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام”، مؤكدا أنها “غدة سرطانية، ولا بدّ من تضافر كل الجهود لاعادة الارض إلى أهلها في فلسطين المغتصبة، والعدو الاسرائيلي بدأ انكشافًا فاضحًا وهذا الأمر ليس جديدًا، يومَ تصدى ثلّة مؤمنة من أبناء حركة أمل عام 1982 إلى زحف العدو على مشارف بيروت، وتتالت الانتصارات وصولاً إلى تحرير 2000 وهزيمة العدو في 2006 وصولاً إلى عملية سيف القدس، النصر، وقائع الحق ونحن على حق، وهذا الوجود الصهيوني لن يكتب له البقاء إذا ما توافرات إرادات حقيقية في المواجهة كما هي اليوم في لبنان وفلسطين”.
وفيما خصّ التطورات التي شهدها العراق مؤخرا أكد الفوعاني أن “العراق بما يمتلك من تاريخ عريق وإرادات صلبة استطاع أن يسحق كل الطغاة والبغاة، وهو عراق الامام علي(ع) والحسين(ع) هو عراق العلماء والعراق لا يمكن أن يبقى تحت أي احتلال، فارداة شعبه أكبر من كل الاحتلالات، ولذلك لا بدّ من تضافر كل الفصائل مع الحكومة الحالية لممارسة أعلى درجة من الضغط لتنفيذ كل الاتفاقات المعقودة، وضروة أن يعود العراق إلى محيط متفاعل مع القضايا الاساسية، بعد أن استطاع هذا النسيج الاجتماعي بدعم من المرجعية الرشيدة ان يتنصر على داعش ولا خوف على عراق فيه مرجعية السيد علي السيستاني (دام ظله)”.