غسان همداني – ليبانون تايمز
يقول السيد المسيح: “يا مرائي أخرج أولًا الخشبة من عينك، وحينئذ تُبصر جيِّدًا أن تُخرج القذَى الذي في عين أخيك” (لو 42;5)
يعيش جماعة التيار الوطني الحر، رئيسا ونوابا ووزراء وكوادر، حالة من انفصام الشخصية، وحالة من نكران الحقيقة، والاقتناع بطوباوية مقدسة، والاعتقاد بأن ممارساتهم الفضائحية مغطاة بطاقية الإخفاء.
والأنكى من ذلك أنهم يتسابقون الى رمي الآخرين بتهمة الفساد، وفتح الملفات، والمزايدة على الناس بالشفافية، وإلقاء التهم جزافا على كل من يعارضهم أو يتجرأ على اتهامهم.
لا شك ان الفساد حالة مستشرية في لبنان، ولا تقتصر على العاملين في الشأن العام والسياسيين، بل تطال معظم الشرائح اللبنانية (يراجع مقالنا: من كان منكم بلا فساد فليرجم الفاسدين بحجر)، لكن من المتفق عليه أن عهد التيار الوطني الحر منذ دخوله السلطة هو الأكثر فسادا، وان عهد الاصلاح والتغيير من أسوأ العهود التي مرت على لبنان( يراجع مقالنا: ليت عهد الفساد دام لنا وعهد الاصلاح في النار)، لكن المفارقة أن الفاسدين يملكون شيئا من الحياء حينما تفتح ملفاتهم، ما عدا جماعة التيار الوطني الحر الذين يغرقون في بحور الفساد ويعيرون غيرهم به.
ومن نكد الدهر ان ينبري فاشل في وزارته، وعراب بواخر الكهرباء، والفيول المغشوش، والسدود المشبوهة، ومعمل سلعاتا، والهدر في وزارة الطاقة، والكهرباء المفقودة 24/24، النائب سيزار ابي خليل الى المحاضرة بالعفة، وتصل به الوقاحة الى حد اتهام الآخرين بالتسبب بكل ما ذكرنا، على طريقة “ما خلونا” التي اطلقها النائب جبران باسيل، وتحميل “حزب الله” مسؤولية الفساد عبر اتهامه بعدم تطبيق اتفاق مار مخايل.
وأمام تراجع شعبية التيار الوطني الحر، وتنامي حالات الانسحاب، والامتعاض من سياسته، لم يجد التيار غير اعتماد الخطاب الطائفي والمذهبي، في محاولة اعادة استقطاب الشارع المسيحي، دون ان ينجح في ذلك، خاصة وأن شظايا فساده طالت المجتمع المسيحي كما طالت باقي شرائح المجتمع، مع الأخذ بعين الاعتبار الصدمة التي أصابت المسيحيين حيث اكتشفوا زيف شعارات التيار، وأنها كانت في سبيل الوصول الى السلطة وليست من أجل حقوق المسيحيين ، وطبعا ليست من اجل تطبيق الاصلاح والتغيير، اللهم إلا إن كان التغيير يعني تغيير الأشخاص بأشخاص أكثر ولاءا إن لم نقل أكثر انبطاحا.
إن هوس الوصول الى السلطة، جعلت التيار يستسهل اللجوء الى الساليب الملتوية، والتحايل على القانون، من خلال مستشارين يبتدعون حلولا أقل ما يقال عنها أنها غير دستورية وغيرقانونية، ما جعلها”جرصة” في الوسط السياسي، ومدعاة للتندر والتهكم، تضاف الى إنجازات التيار العظيمة.
قيل إن لم تستح فأفعل ماشئت، لكن إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا، لأنه أقبح من ارتكات الإثم أن تعمد العاهرة الى المحاضرة بالعفة.