الديار_ محمد علوش
رغم الثقة التي كان يتحدث بها مسؤولو التيار الوطني الحر عن حتمية قبول الطعن المقدّم من قبلهم لدى المجلس الدستوري، صدر القرار أمس بـ «لا قرار»، بمعنى أن المجلس الدستوري لم يتوصل إلى تأمين أكثرية 7 أعضاء على جميع النقاط المطروحة، فسقط الطعن وأصبحت التعديلات على قانون الانتخاب سارية المفعول.
إن قرار المجلس الدستوري فتح الباب واسعاً على جملة تساؤلات حول ما جرى داخل أروقة المجلس، إذ تُشير مصادر قضائية واسعة الإطلاع إلى أن قوانين المجلس تحتّم موافقة 7 أعضاء من أصل 10 على القرارات، وهذا بسبب التنوع في الآراء الدستورية، لذلك يجب أن يكون القرار قد حاز على أغلبية موصوفة لكي لا يصبح تفسير الدستور أسير أهواء فئة من القضاة.
وترى المصادر القضائية أن المجلس الدستوري لن يسلم من الهجوم عليه لو مهما كان قراره، فلو قبِل الطعن سيُهاجم من قبل فئة تتهمه بالإنحياز الى رئيس الجمهورية، ولو رفضه لاتهم بالإنحياز الى جانب الكتل النيابية التي صوّتت مع التعديلات، مشيرة الى أن الأمر المهم الذي يجب التوقف عنده هو أن المجلس اجتمع ولم يُفقد النصاب كما حصل بالسابق، وهذا يعني أن الجميع كان يسلّم بالقرار الذي سيُتّخذ.
وتكشف المصادر القضائية أن الرأي الراجح ضمن القضاة كان يقضي بقبول الطعن ببعض المواد ورفضه بمواد أخرى، ولكن لم يحصل أي رأي على ما يتطلبه من أصوات، رغم انعقاد المجلس لسبع جلسات متتالية، نافية كل النفي أن يكون القرار سياسياً، معتبرة أن ما ورد حول صفقة تتعلق بالطعن لم يكن صحيحاً.
ورغم ما تؤكده المصادر القضائية بشأن عدم وجود اتفاق، تكشف مصادر نيابية أن «التسوية» كانت موجودة، ولكنها فشلت عندما حاول التيار الوطني الحر تحقيق مكاسب كبيرة جداً، مقابل «لا شيء»، إذ أن التيار كان واثقاً من أن نتيجة الطعن ستكون لصالحه، والآخرين أعلنوا قبولهم بقرار المجلس الدستوري مهما يكن، لذلك حاول التيار تحقيق مكاسب لم تتوقف عند تغيير قضاة يعتبرهم «خصومه»، بل وصلت حدّ إقالة رياض سلامة.
منذ 10 أيام تقريباً طلب رئيس الجمهورية من القاضي غسان عويدات إصدار مذكرة لتوقيف رياض سلامة، فقرر عويدات التريث لعدم وجود أي ملف قانوني يستدعي مثل هذه المذكرة، عندها بات تغيير عويدات حاجة لدى تيار رئيس الجمهورية، الذي طرح هذا الامر منذ أسبوع تقريباً وتم رفضه، لذلك عندما حُكي منذ يومين عن «صفقة» كان ضمنها إسمي غسان عويدات وعلي ابراهيم، الامر الذي أفسد الاتفاق السياسي الذي كان يعمل عليه البعض لتسهيل تطبيق الدستور بشأن محاكمة الرؤساء والوزراء.
بالمقابل، ترى مصادر سياسية معارضة أن ما حصل في المجلس الدستوري يدلّل على أن الصفقة التي كان يُعمل عليها سقطت أمس، والنتيجة كانت بعدم صدور قرار المجلس، أي عدم حصول التيار الوطني الحر على ما يريده، لأن الأطراف الأخرى في الاتفاق لم تحصل على ما تريده، مشيرة الى أن «الإخراج هذه المرة كان نظيفاً»، لناحية عدم استخدام ورقة النصاب، أي لم تكن اللعبة وقحة كما جرت العادة، حيث جاء عدم صدور القرار على خلفية عدم توافق أعضاء المجلس الدستوري، الأمر الذي لم يكن متوقعاً، علماً أن المجلس الدستوري استنفذ كل الوقت المتاح له.
وتدعو المصادر للتدقيق بكلام رئيس المجلس القاضي طنوس مشلب الذي أكد عدم رضاه عن عدم صدور قرار، وأن ما جرى قد يكون سقطة في نقطة معيّنة للمجلس الدستوري. وتسأل المصادر المعارضة، هل سقطت التسوية بشكل نهائي؟ مشيرة الى أن هذا هو السؤال الأساسي اليوم، فهل يمكن العودة الى ظروف مشابهة في المستقبل، أي هل يمكن العمل على إنضاج تسوية جديدة وفق شروط جديدة؟
أما بما يتعلق بتوقيت الانتخابات، فيجب لفت النظر الى أن المجلس النيابي أصدر «توصية» بإجرائها في آذار، وهذا الأمر ليس تعديلاً على القانون، وبالتالي لن تحصل الانتخابات في آذار الا بحال وقع رئيس الجمهورية على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وهو ما لن يحصل، ما يعني ان التوقيت سيكون على الأرجح في أيار؟؟؟