احمد الحاج – ليبانون تايمز
لبنان يعيش حالة من الترقب لولادة حكومة جديدة قد تكون الاسرع في تاريخه، بعدما أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تصريحات قبيل مغادرته بيروت، تؤكد وجود تعهدات من الأحزاب السياسية اللبنانية للإسراع في تأليف حكومة جديدة بغضون أسبوعين، ما أثار التساؤلات حول تركيبة وشكل التوزيعة الوزارية المرتقبة.
وسارع رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، إلى الإعلان عن رغبته بتشكيل حكومة “اختصاصيين”، لتنفيذ الإصلاحات، التي يطالب بها المجتمع الدولي، كشرط أساسي قبل بدء المساعدات والمعونات الدولية لتخفيف معاناة انفجار مرفأ بيروت.
وقال أديب إن “قناعتي ورغبتي أن أشكل فريق عمل متجانس وحكومة اختصاصيين، تسعى لتنفيذ الإصلاحات في أسرع وقت ممكن”، لافتا إلى أنه “لمس من جميع النواب والكتل، التعاون والرغبة في الإسراع بتشكيل الحكومة”.
فيما أوضحت مصادر سياسية لـ”ليبانون تايمز” أن “قرار تأليف الحكومة برئاسة أديب جاء بناء على ضغط فرنسي واضح، ما استدعى سرعة في اختيار شخصية رئيس الحكومة العتيدة، وإعطاء مهلة لا تتجاوز الأسبوعين لتشكيلها، بعدما اقتنعت غالبية الأطراف اللبنانية بوجهة النظر الفرنسية”.
وتوقعت المصادر نفسها أن يتركز دور الحكومة المقبلة، في معالجة “المعضلات الجسام”، موضحة أنه “لا بد أن يكون للكفاءات الدور الأساسي فيها، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والحزبية”.
وتابعت المصادر : “من المعروف أن الأحزاب الرئيسية هي التي تسمي أعضاء الحكومة، كي تأخذ الثقة في المجلس النيابي”، مؤكدا أن التدخل الفرنسي يرتب التزامات على الحكومة لمعاجلة الملفات الرئيسية، والحد من الهدر ومعالجة مشكلة الكهرباء والوضع الاقتصادي الهش، واعادة إعمار بيروت بعد انفجار المرفأ.
كما شددت المصادر لـ “ليبانون تايمز” على أهمية “مراعاة أهل الاختصاص والخبرة في اختيار التشكيلة الحكومية، وإبعاد الخلافات السياسية عن أدائها، وإعطائها صلاحيات للقيام بدورها”، منوهة إلى أن فرنسا أكدت أنها لن تسعى لإضعاف قوة حزب الله خلال المرحلة الحالية، بل إن ذلك مؤجل إلى وقت لاحق.
وفسّرت المصادر هذا التأكيد بالقول: “الهم الفرنسي الحالي هو تأمين التوافق والانسجام بين النسيج اللبناني، لكن تبقى الأدوار الأخرى للولايات المتحدة ودول الخليج، لأن غياب الدعم الدولي للبنان سيحرمه من الحصول على المساعدات المالية، القادرة على إعطاء بعض الأكسجين للاقتصاد اللبناني”.
كذلك رجحت مصادر مطلعة لـ “ليبانون تايمز” على عملية تشكيل الحكومة أن تكون الحكومة من غير تمثيل سياسي مباشر، مبينة أن “هذا الطلب فرنسي، ويلبي حالة الاعتراض الموجودة بالشارع، على رفض وجود السياسيين، مثل حكومة حسان دياب”.
وتابعت المصادر “اختيار هؤلاء سيتم من قبل القوى السياسية المختلفة، مع مراعاة التوازن الطائفي”، مضيفة أن “الطابع العام للحكومة سيكون من غير السياسييين، وسيتعمد على الخبراء المختصين”.
ورأت المصادر أن الرهان الدولي على إضعاف حزب الله، “يبدو أنه أصبح مؤجلا، لأن نجاح الدور الفرنسي يحتاج إلى دعم كافة القوى السياسية”، معتقدة أنه “في المرحلة الراهنة لن تكون هناك حكومة لإضعاف الحزب أو تطويره، وماكرون نفسه لا يريد طرح سلاح حزب الله”.
وأضافت المصادر نفسها لـ “ليبانون تايمز”: “قد يكون ذلك هدفا في مراحل مقبلة، لكن يبدو أن الأولويات الغربية الحالية تهدف إلى منع انهيار لبنان”، موضحا أن “الانهيار يعني نهاية كل النفوذ الغربي، وبالتالي يطلب لبنان مساعدة أي دولة سواء إيران أو سوريا أو روسيا أو الصين”.
واعتبرت المصادر أن”الأولوية الحالية لعودة النفوذ الغربي، بالتكيف مع وجود حزب الله وليس بالصدام معه ومحاولة عزله”.
وانطلقت مشاورات رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب الأربعاء، مع الكتل البرلمانية لتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد اختتام ماكرون زيارته الثانية لبيروت في أقل من شهر.
وأعلن ماكرون أنه انتزع تعهدا من القوى السياسية، بإتمام مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، خلال مدة قياسية أقصاها أسبوعان، لافتا إلى أن مهمة الحكومة محددة ومؤلفة من كفاءات، تحظى بالدعم السياسي، وتركز على إجراء إصلاحات عاجلة، مقابل حصولها على دعم دولي.
وجرى تكليف مصطفى أديب، سفير لبنان السابق في ألمانيا، برئاسة الوزراء قبل ساعات من وصول ماكرون. وينبغي على أديب ضمان الموافقة على حكومته قبل تولي المنصب وهو أمر كان يستغرق في العادة عدة شهور، فهل ستكون الحكومة العتيدة سفينة النجاة التي ستصل بلبنان إلى بر الامان في ظل ما نعيشه من أزمات ؟