بتول فواز- ليبانون تايمز
على وقع الإحتجاجات، والغضب الذي يملأ الشارع اللبناني بفعل الخلل الذي ضرب الأمن الإجتماعي، لم يكن أمام الحكومة اللبنانية سوى المصادقة على خطة إنقاذ، في خطوة تُعوّل عليها لإنتشال الإقتصاد من هُوّة التراجع الحاد، الذي قد يترتّب عنه “ما لا يُحمد عُقباه”.
خطة إصلاحية تسعى لعدم المساس بذوي الدخل المحدود، تحميل المصارف أعباء أساسية من خسائر التدهور المالي والإقتصادي وأكلاف النهوض، إعتماد نهج إقصادي قائم على تشجيع الإنتاج، الحفاظ على أصول الدولة وممتلكاتها، وفي مقدمتها النفط والغاز والذهب، معالجة مشكلة الكهرباء، فضلاً عن مكافحة الفساد وإعتماد سياسة ضريبية عادلة.
فبعد تبعات السابع عشر من تشرين الأول 2019، جاء وباء كورونا كضربة قاضية، وأثقل كاهل المواطن اللبناني، بفعل إرتفاع سعر صرف الدولار (4000 ليرة لبنانية)، والذي ساهم بارتفاع سعر السلع الغذائية، وأرهق جيب المواطن، فانخفضت القدرة الشرائية، وسيلحقها حُكماً إنخفاض الطلب على الإستهلاك، إنخفاض الإستثمار، إنخفاض الإنتاج، فإنخفاض للنمو الإقتصادي.
أمام شفافية هذه المعادلة الإقتصادية، كان رد الحكومة بسلسلة خطوات، ربما ليست الأفضل، لكنها أفضل الأسوأ، خاصةً بعد طلب لبنان الرسمي للمساعدة من صندوق النقد الدولي، والذي شكل إنقساماً في الآراء، فالبعض إرتأى أن هذا الطلب حاجة مُلحة، والبعض الآخر إعتبر ذلك خضوعاً.
وفي صدد التعليق على خطة الحكومة، أكد مصدر إقتصادي مُطلع لليبانون تايمز، إيجابية التخطيط الشامل للعمل العام، معتبراً إياه ضرورة آنية لتحديد المعالجات السريعة والأفق المستقبلي.
وأضاف المصدر: “الخطة تعتمد على المساعدة الأجنبية بصورة كاملة، وهو معطى غير مؤكد، وما ذلك إلا ثغرة منهجية مبدئية في التخطيط، فالخطة الحالية تفتقد للمرونة، ومهددة بالتعطل بتعطل أحد بنودها الرئيسة”.
وشدد المصدر على أهمية أن تكسب الحكومة “ثقة الخارج” قبل الحصول على الدعم، قائلاً: الثقة خطوة تسبق خطوة تقديم الدعم، بل هي شرط من شروطه، وليس العكس.
وتابع: “مطالب صندوق النقد علنية، فلا يمكن تأكيد الإجراءات المشمولة بالخطة لإقناعه، فالهدف الأساس هو إنطلاقة جديدة للإقتصاد مع وضعه على مسار طويل الأجل وقابل للإستمرار، ولا يمكن تحقيق الأهداف المرجوة دون دعم المجتمع الدولي، وفيما خص أموال “سيدر”، لا يمكن أن نغفل التغيرات المُحتملة على نوايا المانحين أو الملتزمين نتيجة الظروف التي فرضتها جائحة كورونا على العالم أجمع”.
ولفت المصدر إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطن، مع تغير سعر صرف الدولار، وأردف: هناك رهان في الخطة على قدرة القطاع الخاص في تحمل عبء المرحلة المقبلة، فالقطاعات الإقتصادية مهددة بالإقفال واحدة تلو الأخرى (صناعية، سياحية..)، وبالتالي لا قدرة على تغطية زيادات الرواتب لتتناسب مع الأسعار المعروضة في السوق، في وقتٍ لا قدرة للمواطن على تحمل عدم زيادة الرواتب، 56% من اللبنانيين فقدوا وظائفهم، ومع الإقفال المُستمر للمؤسسات، والرقم في تصاعد.
ولم يُخفِ المصدر ضبابية الخطة في تحديد معالم شبكات الأمان الإجتماعي، والإجراءات الخاصة بها، وبأية حدود سوف تتم، وإنعكاسات هذا الإنفاق غير المحدد على الإقتصاد.
الخطوات الإصلاحية ليست الأولى من نوعها، فقد زخرت المساعي لتحسين الإقتصاد بشتى قطاعاته منذ العام 2011، لكن في الخطة الآنية يُنسب الفضل للتوقيت الذي برزت فيه، كحاجة مُلحة في ظرفٍ إستثنائي، للحصول على دعم أجنبي، ففي شتى الظروف كان لا بد من إتخاذ إجراءات لمنع الإنحدار في قاع المجهول، وإن بدت بعض التحفظات، تبقى النتائج رهينة التبدلات الطارئة أولاً، والوقت ثانياً.