بتول فواز- خاص ليبانون تايمز
تتوالى الأزمات على كاهل المواطن اللبناني، الذي بات أسير الأزمة الاقتصادية الخانقة، والتي ترمي بثقلها على حاجاته الأساسية، من التلاعب بسعر صرف الدولار وما تبعه من تفلت جنوني بأسعار السلع، مروراً بأزمة الكهرباء والمحروقات، وصولاً إلى لقمة الفقير.
وعلى الرغم من ذلك يتصدّر الملف السياسي اهتمام اللبنانيين، لما له من تأثير على الوضعين المالي والاقتصادي، فبعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، “تنفّس الصعداء”، ولو بنسبة تفاؤلية جداً خجولة.
لكن إبان الأوضاع الحالية، لا بُد من عملية مراقبة وردعٍ لتجار الأزمات، من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة، التي تسعى بشكلٍ أو بآخر، وبإمكانياتها المتواضعة، لأن تضع حدّاً للسمسرات الحاصلة على حساب المواطن الذي لا حول له ولا قوة.
في هذا الصدد، أكد مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد أبو حيدر، في حديث خاص لموقع “ليبانون تايمز”، قيام الوزارة بدورها قدر الإمكان، مضيفاً بأنه “نقوم بشكل يومي بعمليات الدهم، ويتم تسيير 50 دورية، لكن لا يتم عرضها على وسائل الاعلام دائماً، فعمل الوزارة لا يقتصر على البروباغندا إلا لتكون رادعاً للمؤسسات المخالفة الأخرى، فالحديث اليوم عن السلامة الغذائية، هو بمثابة نشر الوعي للناس وليس العكس”.
وعن مراقبة التلاعب الحاصل بأسعار السلع، قال أبو حيدر: “لدينا 22000 ميني ماركت، وحوالي 7500 مولّدًا كهربائيًا، بالإضافة إلى 3000 محطة بنزين، و240 فرن، يقابلهم 70 مراقب على الأرض يعملون بكل طاقاتهم، وهذا رقم لا يكفي”، مقترحًا على البلديات “القيام بمهامها وتسيير دوريات في مختلف القرى والمدن باعتبار أنها سلطة محلية قادرة على بسط سلطتها ضمن موقعها الجغرافي، ما يجعل لبنان كله تحت الرقابة”، لافتاً إلى تنظيم الوزارة دورات تدريبية للبلديات في الجنوب والبقاع وبعض الأقضية بدءاً من مطلع الأسبوع المقبل.
وفي ما خص عدم تجاوب بعض البلديات على مقترحات وزارة الاقتصاد، علّق أبو حيدر: “نحن لا سلطة لنا على البلديات، حاولنا مراراً تفعيل التنسيق معهم ولكن الأزمة الصحية كانت عائقاً أمام تجاوبهم، ونأمل تلبية نداءاتنا إسوةً بالبعض الآخر، وهنا لا بد من التنويه بمواكبة الأجهزة الأمنية كافة لوزارة الإقتصاد”.
وأشار مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة، إلى أن “مهماتنا تقتصر على مراقبة جودة السلع، ومراقبة هامش الربح”.
وتابع أبو حيدر: “هناك تنسيق تام وكامل مع وزارة الزراعة بشخص معالي الوزير الدكتور عباس مرتضى والمدير العام، حيث يتم إعطاء أسعار توجيهية، لكن هناك أسعار تتحدد جرّاء آلية العرض والطلب على سلع مُعيّنة، ولا بد من الإشارة إلى أن المازوت يتحكّم بعشرين بالمئة من الكلفة النهائية”.
وأردف: “أضم صوتي لصوت معالي الوزير مرتضى الذي نادى بشكل متكرر بضرورة المحافظة على الأمن الغذائي، ونحن نملك القدرة كوزارتيّ زراعة وإقتصاد على دعم المزارع وتسويق إنتاجه ومراقبة جودة البضائع، ما يسهل عملية استيراد المعدات الضرورية المُدولرة”، داعياً إلى “ضرورة مساندة المزارعين والصناعيين، لفتح أفق عملية الانتقال من إقتصاد ريعي إلى منتج”.
وعن أزمة المحروقات، شدد أبو حيدر على أن “هناك مؤسسات ومنشآت تستورد النفط، وأي تأخير بفتح الإعتمادات في المصرف المركزي يخلق هذه الأزمة، أما التفاوت في توفّر هذه المواد من عدمها، خارجة عن صلاحيات وزارة الاقتصاد، ومهامنا تكمن في مراقبة الاحتكار ومراقبة الكيل والموازين ومراقبة الأسعار”.
واعتبر أبو حيدر أن “عوامل ارتفاع سعر صرف الدولار سياسية بامتياز، ما يقضي بضرورة تشكيل حكومة أولاً، وإجراء مفاوضات مع الدائنين ثانياً، فضلاً عن إجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وبذلك تعود الثقة الدولية بلبنان تدريجياً، ما يُحفّز الاستثمارات، وصولاً إلى تحريك العجلة الاقتصادية، فالعمل دون إصلاحات هو دوران في حلقةٍ مُفرغة”.
وختم أبو حيدر: “عند تشكيل الحكومة، المطلوب منا كوزارة إقتصاد، إعادة النظر ببعض الإتفاقيات الدولية، ومواكبة الخطة الإقتصادية الإصلاحية من روحية المُبادرة الفرنسية، التي لا زالت قائمة حتى اليوم”.
في المحصلة، تبدو الأزمة الاقتصادية ضحية الضبابية السائدة على المشهد السياسي، وهذا الأفق الايجابي لن يُترجَم إلا بكلام مُرفق بأفعال حقيقية، وهذا كله رهينة عامل الوقت.