خاص ليبانون تايمز
حسن الدّر
لشيخ الوفاء ومفتي المقاومة وأنيس الفقراء
لظلّ الامام الصّدر الّذي لم يفارقه في ليل، عندما تجرّأ عليه الآخرون في وضح النّهار!
لعضد الأخ الرّئيس، نبيه برّي، وعباءة حركته الشّرعيّة، وصوته على منابر الحقّ والحرّيّة.
لرفيق الشّهداء القادة في الأودية والتّلال والسّاحات.
لاعتدال نهجه وسماحة فكره واتّساع قلبه ونقاء حبّه!
له ولمن سبقه ومن ينتظر سلامٌ ورحمة ومحبّة وافتقاد!
وبعد..
الرّاحل الكبير الشّيخ عبد الأمير قبلان، ظلّ الامام الصّدر وثقته ورفيقه في أحلك الدّروب، واحد من الّذين مهّدوا وأسّسوا وأرسوا قواعد صرح المقاومة الّذي نستظلّ فيأه ونتنعّم بانتصاراته.
كثيرة مآثر الشّيخ قبلان، ومتعدّدة جوانب شخصيّته، لكنّ الوفاء درّة تاج صفاته، وهو الّذي حمل الامام الصّدر بقلبه وعينيه، فكلّما ذكر الامام بكى حسرة على تغييبه عن ساحة جهاده، وكلّما حكى ذكر الامام ومواقفه ويمّم قلبه جهته.
يكفي النّظر في ملامح رفيقه وصديقه وأخيه، دولة الرّئيس نبيه برّي، في مستشفى الزّهراء، لنقدّر مدى فداحة الخسارة وأثر الفقد، فالشّيخ كان سند الأخ الرّئيس وإزاره يوم تآمر عليه الدّاخل والخارج.
لم يترك منبرًا إلّا واعتلاه دافعًا تهم الضّلال والتّضليل عن حركة أمل وقيادتها، وله مع الشّهداء القادة صولات وجولات، فلا تكاد ترى صورة لقادة المقاومة إلّا وعمّة الشّيخ تزيّنها، ناصعة كقلب صاحبها.
ولأنّ الشّيخ يختزن ذاكرة مرحلة حاسمة في تاريخ لبنان والمنطقة، فقد كان شاهدًا على ولادة أفواج المقاومة اللّبنانيّة أمل، وكان إلى جانب الامام موسى الصّدر وهو يحمل صخرة المقاومة الممهورة بدم جريح عين البنية “كونوا مؤمنين حسينيين”، معلنًا ولادة المقاومة من رحم الثّورة، ويكفي الشّيخ فخرًا وذخرًا هذا المشهد الّذي غيّر مجرى التّاريخ.
من يعرف الشيخ قبلان يعرف كرمه ودماثة خلقه وسخاء يده وسرعة بديهته وروح الدّعابة فيه، ويعرف معنى الصّفات التّرابيّة الّتي يحملها، ترابية لبنان وفلسطين، وهو ابن قرية ميس المحاذية لحدود فلسطين المغتصبة، فجمع في شخصه الحنين والتّحدّي واللّيونة والصّلابة.
لذلك وأكثر كانت فلسطين قضيّته، سيرًا على خطى الوفاء للامام الصّدر، فلم يحد قيد أنملة عن خطّ الخطّ، واستمرّ داعمًا ومؤيّدًا وناصرًا للقضيّة الفلسطينيّة، وواحدًا من دعائم المقاومة اللّبنانيّة والاسلاميّة، وصوتًا صادحًا بالوحدة والتّعايش والسّلم الأهلي.
الوفاء لشيخ الوفاء يوجب علينا الاضاءة على جوانب جهاده ومساحات المحبّة الّتي فتحها على مدى قلبه المسكون بحبّ الله والانسان، والوفاء يقتضي التّمسّك بالمبادىء الّتي تمسّك بها ودافع عنها وحارب لأجلها!
الشّيخ قبلان صفحة معتّقة في كتاب موسى الصّدر، طواها الموت ولن يطويها النّسيان، وستضاف سطورها المكتوبة بحبر الصّدق والوفاء إلى سجلّ الخالدين في معركة الصّراع بين الحقّ والباطل!