غسان همداني- ليبانون تايمز
يعاني لبنان، كما معظم دول العالم، من تفشي فيروس “كورونا”، ويكافح للحد من انتشاره، ومحاولة احتوائه، بالرغم من الإمكانات الطبية المتواضعة، ومن عدم التزام شريحة كبيرة من اللبنانيين بسبل الوقاية.
وبالرغم من خطورة تداعيات الوباء الصحية الا ان تداعياته الاجتماعية أخطر بكثير.
يتوزع اللبنانيون على فئات عدة: فئة تعيش تحت مستوى خط الفقر وهي الفئة الأكبر، وفئة تناضل للبقاء على هذا الخط، وفئة تعيش بحبوحة دون الوصول الى مستوى الرفاهية، وفئة تمتلك من المقدرات المالية الكثير الكثير وهي الفئة الأقل.
عدا الفئة الأخيرة، كانت باقي الفئات تكابد للحصول على موارد الرزق، وهي قليلة، في ظل مزاحمة اليد العاملة الأجنبية الرخيصة، في ظل غياب قوانين تحمي العامل اللبناني، او عدم تطبيق هذه القوانين في حال وجدت.
هذه المهمة أصبحت مستحيلة بعد التعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة، وهي خطوة مهمة، واضطرار الكثير من الناس البقاء في منازلهم، واقفال المحلات، وتعطل بعض المهن، التي شملها قرار التعبئة، وامتناع بعض المؤسسات عن دفع الأجور للعاملين لديها، او دفع جزء من الراتب.
يضاف الى ما تقدم، ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية (وتشمل الخضار والفواكه واللحمة وغيرها) نتيجة لجشع التجار، دون أن ننسى المعقمات، مع غياب واضح لوزارة الاقتصاد، ناهيك عن تفلت سعر الدولار نتيجة تواطؤ بين المصارف والبنك المركزي والصيارفة، وامتناع المصارف عن إعطاء اللبنانيين ودائعهم سواء بالعملة اللبنانية او بالدولار.
الوضع الاجتماعي مأساوي، وهو مرشح للتفاقم، خاصة إذا طالت فترة التعبئة العامة، ويشكل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، وأولى بوادرها تمرد الناس على قرار التعبئة العامة، وخروجهم للبحث عن رزقهم، مع ما يعنيه ذلك من اختلاط وتفشي للوباء.
إن المساعدات التي توزعها الأحزاب والجمعيات والخيرون، تمثل مُسَكِن لا يعالج الداء، والمبالغ الموعودة للعائلات الأكثر فقرا لا تغطي الفئات المذكورة أعلاه، والتي تحولت بفعل الوباء الى تحت خط الفقر.
هذا في الأزمة، اما بعد انتهائها فالمشكلة أخطر، فبالإضافة الى ما تقدم هناك التزامات على المواطن ان يدفعها، بدءا من بدل ايجار المنزل المتراكم، الى فاتورة الهاتف والكهرباء، والقسط المدرسي، وووووو…. ما سيشكل نقمة متزايدة على السلطة، نقمة لن تنجو منها القوى السياسية في البلد، سواء المنكفئة، او التي ما تزال تحمل هموم الناس، أوضاع قد يستغلها المتربصون باستقرار هذا البلد، في تكرار لحراك لن يكون سلميا هذه المرة.
نجحت الحكومة في المجال الصحي، لكنها فشلت في الموضوع الاقتصادي والاجتماعي، وان لم تبادر الى تأمين المواد الغذائية، وضبط الأسعار، ولجم تفلت سعر الدولار، والضغط على المصارف بتحرير ودائع المواطنين، والزام المؤسسات بدفع أجور العاملين فيها دون نقصان، فلا تلومن الا نفسها، ولتتحمل المسؤولية امام الله والبلد والناس.