زياد الزين ـ ليبانون تايمز
كانت قيادة حركة أمل قد كلفتني بتمثيلها في ذكرى يوم الأرض التي نظمها حزب وطني عريق وحليف تاريخي،
وكان المقر باحة مجاورة لمبنى الاسكوا، الناشئ في زمن “الحداثة” معزولا عن المواقف الحاسمة في محيطه، متفرجا عن بعد، مسجلا لمتغيرات متسارعة في آداء المنظمات الدولية، التي تحولت إلى ذاكرة اصطناعية ، أين منها متطلبات الحقوق المنتمية الى الإنسان، التي ألزمت بالاعتراف به فوق كل المنصات. “نظير في الخلق” …
وقد تناولت كلمتي مصطلحات محببة الى أهل فلسطين، متناغمة مع شعور التضامن العربي والاسلامي عموما، واللبناني خصوصا؛ ففي يوم الأرض تجتمع كل فصول السنة، لأنها تحن الى ربيعها في ٣٠ آذار؛ وفي يوم الأرض، الحنين والعشق الى تحرك الشعب الفلسطيني عام ١٩٧٦ محدثا دويا نوعيا ، يتردد صداه حتى يومنا هذا؛
هو يوم فلسطيني بامتياز دون منة من أحد، بل احتضان الوزن النوعي لهذا الحدث،
اما في يوم الأرض للعام ٢٠٢٣ فهو فرصة لتؤكد القوى الفاعلة الحية على موقف جريء وتحرك نابض، بعدما استهلكت كل شعارات النثر والشعر، وبات واجبا أن نتجاوز عبارات الإدانة والشجب والاستنكار، لأن المعيار الديني والوطني، يلزم بأن يرتقي آداؤنا وتتهذب سلوكياتنا تجاه تفعيل أسس القوة في مجتمعاتنا المخنوقة.
في اقتباس العمق الإيماني الحقيقي للامام القائد السيد موسى الصدر، فهو الحركة والايقاع لا الرضوخ لعناوين الأمر الواقع التي يراد لها أن ترسم صورة المشهد المقبل،
وفي عتمة الليالي ، لا يمكن للضوء المتسلل الى قلوبنا أن يتقبل منطق تسول عناصر القوة، بل أن يذهب بنا إلى صحوة بعد سبات، فالمقاومة المجيدة في لبنان وفلسطين، غير مستقطعة من أي روزنامة، جهوزيتها على زناد الأبطال، استراتيجية الهدف، وليست غب الطلب؛
تصادف اليوم الجمعة الذكرى السامية في تاريخ الحركة المقاومة، يوم القدس العالمي، محطة وليس مناسبة، ارادة وليس مغامرة ، خارطة طريق تسقط رمزية الملفات النظرية العتيقة البالية، المتقدمة على البحور، مد دائم للموج، لا تعترف بتغير مناخي، صحراويا كان ام استوائيا ام قطبيا ، لأنه يتوجب على العرب والمسلمين، ان لا تكون روحية مواقفهم في استيلاد النكبة، النكسة، إنما التمسك بنكهة اللغة وأبجديتها فلسطين،
لطالما كانت مواقف المخلصين، الأوفياء، وفي مقدمهم شريحة واسعة من اللبنانيين، حركة على مساحة أمة ترفض تصنيفها بالفئة، تقدمت نحو
نضوج حركة الوعي والثقة بالنفس بقدراتنا وطاقاتنا، في اننا لا نستطيع أن نصنع التغيير فقط إنما أيضا، إعادة صياغة التاريخ، من بوابة احتضار متسرع تنازلي لعدو كان جاحدا مغتصبا، واليوم تضاف اليه صفة “المرتبك”، دولة عابرة في بضعة سنوات، والى زوال، ومن علامات مرض الشيخوخة المبكرة، أنها اهتزت في بركان صلاة وصوم ، صباحا ومساء وعند مطلع كل فجر وفي آذان كل مسجد وأجراس كل كنيسة.
البدء بالمؤسس علامة قوة الانتماء ، والعودة الى صاحب الأمانة، علامة الاخلاص، الأخ الكبير، الذي زرع في كل عناوين البرلمانات العربية والأممية، وقبل ذلك في لبنانه وحركته المجيدة، بصبر الأيام والليالي، الوحدة الفلسطينية والتكامل بين جميع المكونات، وعدم اختراقها او تجاوزها في كل موقع من المواقع التي سترتد يوما عودة مظفرة الى أرض الكنوز الإلهية، الى هدية السماء ووديعتها،
سر هذا الرجل ، أنه الرداء الأبيض ، وأن العيون الشاخصة الى حق العودة، لا تعفيه يوما، انه في وطن يمنع من تقسيم وتوطين ، والبوصلة دائما فلسطين..