اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة “ان جريمة تفجير مرفأ بيروت هي بحق جريمة العصر، إذ انها تعتبر من اكبر ثلاثة تفجيرات غير نووية حصلت في العالم، وهي جريمة تحمل معها الكثير من عناصر الشكوك والريبة والتساؤلات الخطيرة حول اسباب حصول هذا التفجير، ولماذا توجهت تلك السفينة وعلى متنها تلك الكميات من نترات الامونيوم، وكيف غيّرت وجهتها لتصل إلى مرفأ بيروت، وكيف أفرغت حمولتها في عنابر المرفأ، وكيف أغرقت الباخرة في محيط مرفأ بيروت بعد ذلك. ومن كان وراء مجيء تلك الشحنة الخطرة إلى لبنان، ومن هو صاحبها الحقيقي، ومن هي الفئات التي كانت تحمي استمرار وجود هذه الكميات في مرفأ بيروت عبر تلك اليد الخفية التي كانت تؤمن التغطية الكاملة على تلك المواد المتفجرة والخطرة، ومن كان وراء إخراج كميات منها، لاسيما وان قسما من حائط العنبر الذي كانت فيه تلك الكميات كان مهدّما بما يسمح بالدخول إلى العنبر وإخراج كميات منه”؟
اضاف السنيورة في تصريح “كل ذلك يطرح تساؤلات خطيرة تجب الإجابة عليها حتى تكون جميع الأمور والملابسات واضحة امام جميع اللبنانيين. اما الامر الثاني الذي ينبغي ان يكون واضحاً وثابتا، ان من حق جميع اللبنانيين وكل لبناني، اُصيب او لم يصب، من حقه ان يعلم كامل الحقيقة”.
وشدد على “ان لا يجوز على الاطلاق ان تكون هناك خيمة او حماية تغطّي اي انسان او اي فرد او اي مجموعة تكون قد شاركت فيما حصل، او ان تكون مسؤولة عن ارتكاب اهمال اظو تقصير او تواطؤ مهما علا شأن هذا الشخص او اولئك الأشخاص وفي اي موقع يشغله او يشغلونه. إذ لا يمكن التذرع بأي عذر او سبب ليكون اي شخص في منأى عن المحاسبة والمساءلة. لذلك، فإنه يجب ان يُصار الى كشف الحقيقة كاملة، ولتتم عندها محاكمة أولئك المتورطين والمسؤولين”.
وذكّر “باننا كرؤساء حكومات سابقين بادرنا مباشرة بعد انفجار المرفأ إلى المطالبة بالاستعانة بتحقيق دولي يتمتع بالحرفية وبالحيادية والنزاهة لكي يتولى التحقيق في هذه الجريمة لكشف ملابساتها. وطالبنا وقتها من جميع الأجهزة القضائية والعسكرية والأمنية المعنية بالحفاظ على مسرح الجريمة وعدم العبث به ريثما يباشر التحقيق الدولي عمله. وكان هاجسنا ودافعنا آنذاك في الاستعانة بلجنة تحقيق دولية، الخوف من التأخير والتمييع إذا ما تسلّم التحقيق في هذه الجريمة قضاة لبنانيون قد يصبحون معرّضين للضغوط والحسابات السياسية والضغوط المحلية أو ما شابه”.
اضاف السنيورة “في المقابل، كان قد وعدنا رئيس الجمهورية آنذاك ان وخلال خمسة ايام سينجلي التحقيق ليبين لجميع اللبنانيين حقيقة ما جرى. وها قد مضى على هذا التفجير اكثر من اربعة اشهر ولا تزال التحقيقات تميل يمنه ويسره ولا يبدو انها تلامس سوى القشور، وانها لا تقارب جوهر المشكلات الأساسية في هذه الجريمة، تحديداً لكشف من اتى بتلك الشحنة إلى لبنان وماذا كان غرضه ومن هو المستفيد منها، ومن كان يستعمل ويخرج كميات منها من العنبر ومن حرم المرفأ، ومن كان يحرص على الا يُصار إلى إعادة شحن تلك الكميات إلى خارج لبنان ومن كان يحرص على عدم اتلافها”.
وذكّر “بان رئيس الجمهورية ميشال عون كان يقول انه كان يعلم قبل 15 يوماً من الانفجار عن وجود نيترات الامونيوم د ولم يتّخذ اي اجراء. اما رئيس الحكومة حسّان دياب، فقد نقل عنه ايضا انه عندما علم بشأنها، فقد كان ينوي النزول الى المرفأ ليعاينها من اجل ان يستكشف ملابسات هذه المسألة ثم عدل عن تلك الزيارة. لذلك يُطرح السؤال: لماذا لم يبادر إلى اتّخاذ اي موقف يحول دون بقاء تلك الكميات وما يحمله استمرار وجودها في عنابر المرفأ من مخاطر؟”، وسأل “الآن لماذا هذه الانتقائية في الملاحقة وفي هذا الامر، فكلاهما مسؤول”؟
ولفت الى “ان الدستور واضح بشأن ملاحقة الأشخاص الذين ينطبق عليهم احكام المواد 70 و71 و80، بأن ينبغي ان يُصار الى النظر به من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي يؤلف من سبعة نواب وثمانية من اعلى القضاة”.
وقال السنيورة “صحيح ان المحقق العدلي كان قد ارسل رسالة الى مجلس النواب، وبغض النظر عن إشكاليات التبليغ، حيث يذكر في رسالته ان هناك شبهات جدّية على كل رؤساء الحكومات والوزراء الذين تعاقبوا على رئاسة الحكومة وعلى الوزراء الذين تولّوا حقائب المال والأشغال والعدل منذ سنة 2013 حتى سنة 2020 وعددهم جميعا 16 شخصا بمن فيهم اربعة رؤساء حكومة، إلا ان المحقق بادر بعد ذلك إلى مناقضة نفسه وتخلّى عن الرسالة التي ارسلها لمجلس النواب، وها هو يقوم اليوم باستدعاء اربعة من الأشخاص الـ16 وبشكل انتقائي للاستجواب بكونهم متهمين ومدعى عليهم. وهو بذلك يخالف الدستور ويتخطى صلاحياته ويخالف مضمون كتابه ويخالف مبدأ فصل السلطات الدستورية، لأن الدستور يحرص على حصر الادعاء بمجلس النواب في هذه الحالات”.
وشدد على “ان لا يجوز ان يستعمل القضاء كقناع لعمليات بوليسية او لتركيب اتّهامات من اجل تصفية الحسابات السياسية او للانتقام. وإذا كان هناك من حيادية حقيقية فمن الأولى ان يُصار الى طلب الاستماع إلى الرئيس عون الذي قال انه علم بالأمر يوم العشرين من تموز اي قبل 15 يوما من التفجير، اي 15 يوما وهي مدة كانت كافية وكفيلة بتفكيك قنبلة ذرية”.
وختم السنيورة “لا يمكن ان تتم التحقيقات بشكل حيادي وصحيح الا من خلال العودة إلى المطالبة بتحقيق تجريه لجنة تحقيق دولية. إذ انه الوسيلة الحقيقية والصحيحة والموثوقة من اجل ان يرتاح اللبنانيون ويطمئنوا إلى ان تجري التحقيقات بحيادية ودون كيدية ودون التغطية على احد، وليتأكدوا ان الامر ليس فيه عمليات افساد او عمليات استغلال للقضاء من اجل النيل من اشخاص معينين”.