ناقشت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها، الوضع المتوتر في منطقة الخليج، ومسار التصادم بين الولايات المتحدة وإيران.
وترى الافتتاحية، أن الهجوم على ناقلات النفط في خليج عمان هو تطور ينذر بالشؤم، متسائلة عما إذا كانت هناك إمكانية لوقف التصعيد.
وتقول الصحيفة: “كان هناك شيء واحد واضح، قبل أن ينجلي الدخان المنبعث من ناقلة النفط فرونت ألتاير يوم الخميس، وهو أن مخاطر الحرب في المنطقة أصبحت حقيقية وتتزايد بسرعة”.
وتورد الافتتاحية نقلا عن مسؤولين أمريكيين، قولهم في تصريحاتهم إن الجهة التي تقف وراء العملية، وباحتمال كبير، هي إيران، التي هاجمت ناقلة نفط نرويجية وأخرى في خليج عمان، الذي يقع قرب مضيق هرمز، وهو الحاجز الذي يمر منه النفط العالمي وتجارة الغاز، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لامت إيران على هجمات أخرى استهدفت ناقلات نفط الشهر الماضي.
وتفيد الصحيفة بأن وزير الخارجية الإيراني كان سريعا في الرد وكتابة تغريدة، قال فيها: “إنه أمر مثير للشبهات، لا يمكن وصف ما حدث هذا الصباح”، مشيرا إلى أن الناقلات كانت محملة بنفط في طريقه لليابان، التي كان رئيس وزرائها شينزو آبي في مهمة وساطة في طهران لنزع فتيل الأزمة، والتقى فيها بالمرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي.
وتؤكد الافتتاحية أن “السؤال حول الفاعل اندرج تحت سؤالين آخرين: من هو المسؤول ومن خلق السياق لهذه الهجمات، التي لم يكن أحد يفكر فيها قبل عامين، وأصبحت اليوم مثيرة للقلق وليست مستغربة”.
وتجد الصحيفة أن “إيران تواجه أسئلة حول دورها في المنطقة، خاصة سوريا، لكن الولايات المتحدة هي التي خرجت من اتفاقية نووية دولية التزمت إيران ببنودها، وكان الخروج مدفوعا بحساسية دونالد ترامب ضد أي نجاح حققه سلفه باراك أوباما”.
وتشير الافتتاحية إلى أنه “مع وجود جون بولتون على رأس القرار في مجال الأمن القومي، وبدعم من الإمارات العربية المتحدة والسعودية، فقد تبنى ترامب سياسة (الضغط الأقصى) وبدأ بالاقتصاد الإيراني، وأرسل رسائل تهديدية حتى مع الإشارات التي قال فيها إن بلاده مستعدة للتفاوض”.
وترى الصحيفة أن “القيد الوحيد على الرئيس هو الوعد الذي قطعه للناخبين بأنه سيحاول تجنيبهم حربا جديدة ومكلفة في الشرق الأوسط، وربما رغبته في إظهار أنه صانع صفقات أفضل من أوباما”.
وتستدرك الافتتاحية بأن “زيادة أسعار النفط التي تبعت الهجوم على الناقلتين تظهر أن إيران ليست المتضرر الوحيد من التوتر، وأدى قرار الولايات المتحدة التنكر للاتفاقية النووية وإضعاف ما تبقى منها إلى تقوية المتشددين وإضعاف المعتدلين في طهران”.
وتلفت الصحيفة إلى أن ظريف حذر يوم الثلاثاء من أن الولايات المتحدة يجب ألا تتوقع أن تبقى آمنة، بعدما شنت حربا اقتصادية ضد طهران، فيما أرسل المرشد الأعلى سلسلة من التغريدات لآبي التي أظهرت تحديا أكبر، وقال فيها إن رئيس أمريكا لا يستحق تبادل الرسائل، ولا أحد يستطيع منع إيران من مواصلة برامجها النووية، ولا يمكن الثقة في أمريكا.
وتبين الافتتاحية أن “إيران تجد نفسها أمام ضغوط، خاصة أن الصين وبسبب مشكلاتها مع الولايات المتحدة، لم تملأ الفراغ الاقتصادي مثلما عولت طهران، وتشعر الأخيرة بالإحباط المتزايد رغم الجهود الأوروبية المكثفة لدعم الاتفاقية النووية، ولم تكن الآلية التي أنشأتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا (إنستكس) لتسهيل التبادل التجاري سوى بيان سياسي دون أي جوهر عملي، وما ترغب فيه إيران هو حقنة حقيقية من الدعم تقنعها في وقف عملية التصعيد الحالية”.
وتنوه الصحيفة إلى أنه “في الوقت الذي لم تعد فيه للكونغرس أي سلطة لتقييد الإدارة الحالية، إلا أنه يستطيع تأكيد وإبراز الثمن السياسي للمسار الذي ينتهجه البيت الأبيض، فبعد تردد أظهر الكونغرس أنه مستعد للوقوف ضد الدعم الأمريكي لحرب اليمن”.
وتجد الافتتاحية أنه “يبدو من غير المرجح أن تكون لدى إيران أي رغبة لمواجهة الولايات المتحدة، لكن لا أحد يبدو مستعدا لوقف التصعيد، وكان وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت قد حذر الشهر الماضي بعد الهجوم على الناقلات من إمكانية حدوث الحرب بطريقة (عرضية)”.
وتختم “الغارديان” افتتاحيتها بالقول إن “أي هجوم سيترك خسائر فادحة وسقوط أمريكيين، وقد يدفع المواجهة الحالية للحافة، وربما تحولت عواقب حادثة فرونت ألتاير إلى مقدمة لمواجهة واسعة في المنطقة ذات تداعيات كارثية ولا تقتصر على إيران”.