خلود شحادة – ليبانون تايمز
يطوي العام الحالي آخر أيامه في لبنان، على أزمة اقتصادية تطال كل القطاعات، وحراك شعبي بلغ من العمر ما يزيد عن السبعين يوماً.
عام 2019 حفل بالأحداث والمستجدات على كل الساحات، وكان مليئاً بالتوقعات والمخاوف التي تلاحق المواطنين والطبقة السياسية، وقد ينتهي على حكومة على وشك الولادة التي تعرقلها بعض الشحنات الطائفية.
انطلق عام 2019 مع حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري، شكّلت بعد تسعة أشهر من التكليف، وضمّت 30 وزيراً يمثلون القوى السياسية الكبرى، ومن بينهم 4 نساء. أطلق “سعد الحريري” حينها وعوداً بإصلاحات اقتصادية عبر دعم دولي تمثّل “بمؤتمر سيدر” لمساعدة القاطاعات الاقتصادية.
وبعد انتصاف العام، وتحديداً في 30 حزيران، نجا وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من حادث إطلاق نار على موكبه، قُتل على إثره اثنان من مرافقيه، في جبل لبنان. ووجهت يومها التهم إلى الحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط كون المنطقة التي وقعت فيها الحادثة تخضع لنفوذه.
وأدت تلك الحادثة إلى توقف اجتماعات الحكومة لأكثر من ستة أسابيع، في ظل إصرار رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان، على إحالة الملف إلى المجلس العدلي، مع رفض الحزب الاشتراكي الأمر.
وانتهت القضية بلقاء بين جنبلاط وارسلان، وإحالة الملف إلى المحكمة العسكرية.
وفي أواخر الصيف، بدأت أزمة الدولار تلوح في الأفق، حيث تزعزع استقرار الليرة اللبنانية، مما أدى الى ارتفاع سعر صرف الدولار الواحد الى 1700 ليرة لبنانية ووصل في الأشهر الأخيرة من العام الى ما يزيد عن 2000 ليرة لبنانية، ولا زال مرشحاً للارتفاع.
ومنذ بدء الأزمة كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ينكر وجودها، مشدداً على أن سعر الصرف الرسمي لا زال كما السابق يتراوح بين 1506 و 1520 كحد أقصى، في الوقت الذي شحّ الدولار في السوق، وامتنعت المصارف عن تسليمه، اضافة الى ارتفاع سعر صرفه في السوق السوداء.
تزامنت هذا الأزمة مع تحركات كان يشهدها لبنان كل يوم أحد، تخللها تظاهرات في وسط بيروت احتجاجاً على الواقع المعيشي.
وتباعاً، استيقظ اللبنانيون يوم 15 تشرين الأول على وقع حرائق واسعة اجتاحت الغابات في مناطق متعددة أبرزها بلدتا المشرف والدامور في جبل لبنان، بالتوازي مع ارتفاع في درجات الحرارة والرياح الشديدة، مما أدى الى نزوح السكان من بيوتهم التي حاصرتها النيران.
قدّر عدد الحرائق بأكثر من مئة، وأودت بحياة أحد المواطنين خلال مشاركته في إخمادها، وأرسلت قبرص والأردن واليونان طوافات للمساعدة مكافحة الحرائق.
بعد اخماد الحرائق، اشتعلت احتجاجات شعبية طالت كل المناطق اللبنانية، تخللها قطعاً للطرقات واعتصامات في ساحات المدن، وأبرزها كان في ساحة الشهداء وسط العاصمة، ولم تتمكّن حتى اليوم أي جهة سياسية من إطفاء سعير الاحتجاجات التي نشبت رفضاً للواقعين السياسي والاقتصادي وتنديداً بالواقع المعيشي، مطالبة باستقالة الحكومة و”اسقاط النظام” والتي تخللها مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية والجيش اللبناني، وتوتر في الشارع غالباً ما يحصل ليلاً.
وفي 21 من تشرين الأول قدم سعد الحريري ورقة اصلاحية، تضم خطة لتحسين الوضع الاقتصادي وانهاء الأزمة التي يمر بها لبنان، الا أنها قوبلت بالرفص من قبل الشارع.
وفي 29 من الشهر نفسه، تقدّم رئيس الحكومة سعد الحريري باستقالته من منصبه “استجابة لرغبة اللبنانيين” بحسب ما صرّح، ليدخل لبنان في مرحلة تصريف أعمال لحكومة لم تتم عامها الأول.
بعد الاستقالة طرحت العديد من الأسماء لتكليفها تشكيل الحكومة، الا أنها “حُرقت”، إمّا عبر الشارع الذي يقابلها بالرفض التام، أو عبر بعض القوى السياسية، ومن هذه الأسماء “بهيج طبارة ومحمد الصفدي”، مع تمسك الثنائي الشيعي بخيار عودة الحريري رئيساً، إلا أن الأخير رفض العودة.
وبعد الانتظار الذي دام لأكثر من شهر ونصف، تم تكليف الوزير السابق حسان دياب لتشكيل الحكومة، حيث نال تأييد 69 نائباً من النواب الذين شاركوا في الاستشارات، مع افتقاره للتأييد السني، الأمر الذي أدى الى محاولة لتفجير الشارع طائفياً من خلال نزول جمهور “سعد الحريري” الى الشارع وقطع الطرقات رفضاً لتكليف دياب، لأنه “لا يمثل الطائفة السنية” بحسب قولهم، مما أدى الى حصول مواجهات بينهم وبين الجيش اللبناني والقوى الأمنية، واخراجهم من الشارع، الامر الذي ترافق مع بارقة أمل “نفطية” بدأت تظهر في بحر لبنان، حيث تم تلزيم حفر أول بئر نفطي بداية العام المقبل.
واليوم، هدنة يشهدها الشارع الى حين انقضاء فترة الأعياد، مع وعد من رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بتشكيل الحكومة قبل انقضاء الأسبوع الحالي، إلا أن الأنظار تترقب الآتي والى أي شطّ ستقذف الأمواج العاتية لبنان!