عبير شمص- ليبانون تايمز
لا يشعر العابر للأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي السورية أنه غادر أرضه إلى دولة أخرى، ولعل المعابر في منطقة قضاء الهرمل تشكل امرا طبيعياً لأسباب فرضها التاريخ والجغرافيا والعلاقات المشتركة، فإن وجود معبر حدودي لا بل معابر حدودية بين هذه المناطق حاجة حيوية وضرورة ومطلب، فلا يمكن فصل الإنسان عن أرضه وأهله وارزاقه.
هي حدود مصطنعة على الاقل كما يصفها أهالي تلك المنطقة، ويعود ذلك للتداخل بين الأراضي والارزاق العائدة لمواطني الدولتين، والجدير ذكره هنا أن هذه الحدود كانت مرسمة سابقاً، وكانت المنطقة تتمتع بانضباط كلي من الناحية الأمنية، وما إن اتخدت الدولة السورية قرار بناء سد عين معيان حتى أنشئت هذه المعابر التي تمتد على الساقية إلى السد.
بسياق الحديث عن ضبط الحدود، فإن هذه العملية لجهة قضاء الهرمل تستدعي التنسيق بين الدولتين اللبنانية والسورية لشرعنة بعض المعابر واقفال أخرى عبر سواتر ترابية أو شريط شائك، وللأسف تتعالى بعض الأصوات في الداخل اللبناني وتصور هذه المعابر وكأنها باب مشرع للتهريب والمخالفات والمخالفين مع العلم أن هذه لا تتجاوز نسبتها ١٪ مع العلم أن هذه العملية لا تتطلب أكثر من ٢٤ ساعة في الحقيقة.
كان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وخلال تدشين معبر القاع-جوسيه الحدودي الذي اقفل منذ العام ٢٠١٢ جراء النزاع في سوريا وسيطرة الارهابيين على الجهة المقابلة من الحدود، وأعيد افتتاحه العام الماضي، قد عبر عن التنسيق الكامل مع الدولة السورية لتحقيق التواصل بين محافظة بعلبك-الهرمل والدولة السورية للمساهمة في عملية النهوض الاقتصادي واعدا بالسعي الجدي لفتح معبر حدودي في منطقة القصر الحدودية كون أهالي ١٥ قرية غالبية سكانها من المواطنين اللبنانيين يقيمون في قرى ريف القصير السورية.
وموضوع افتتاح معبر شرعي في منطقة القصر مطروح منذ أكثر من عامين، ويأتي هذا الإجراء ليبرد قلوب أهالي قضاء الهرمل على أمل افتتاح المعبر في القريب العاجل.
وبالحديث عن موضوع المعابر، كان لموقع ليبانون تايمز لقاءً مع رئيس بلدية القصر، البلدة المحاذية للحدود السورية السيد محمد تركي زعيتر حيث أشار إلى إلى وجود ١٢ معبرا على طول الحدود، و أبرز تلك المعابر معبر القصر أو معبر مطربا، معبر حوش السيد علي، ومعبر قبّش-حاويك، وهذا الأخير ترابي وموجود منذ عهد الفرنسيين، لافتاً إلى أهمية وجود معبر شرعي على الحدود حيث أن اكثر من ١٥ قرية تمتد على الحدود اللبنانية – السورية ومنها زيتا، السغمانية، الفاضلية، السمائيات، المصرية، الجنطلية، السوادية، الحمّام، حاويك، وادي حنّا… وهذه القرى تضم ما يفوق ١٠ آلاف لبناني وهي تقع جغرافيا داخل الحدود السورية، وقد تنقسم عائلات هذه القرى فيسكن بعضها في الجانب السوري وبعضها في الجانب اللبناني.
ويلفت زعيتر إلى أن أهالي بلدة القصر لا يملكون أراضٍ زراعية في القصر، ومعظم أراضيهم هي داخل الحدود السورية ولهم بساتينهم ومصالحهم ومزروعاتهم، فالبعض زرع أرضه بالخضار والفواكه والبطاطا والذرية، والبعض الآخر أنشأ مزارع دجاج، وهذه هي معظم مصادر عيشهم في ظل غياب كامل للموظفين عن هذه البلدة.
وبدوره أحد المزارعين من آل ناصر الدين في بلدة القصر يتساءل كيف يُمنع المزارع الذي تقع أرضه في الأراضي التي يمتلكها في الجانب السوري والتي زرعها طيلة موسم كامل من إدخال محصوله إلى الأراضي اللبنانية؟!، وهي مصدر رزقه، مستغربا انهم يعتبرون ذلك تهريبا، وهل يهرّب محصوله من أرضه إلى أرضه؟! ولو أن كل أرض داخل دولة، مضيفا أيعقل أن يصادر “التبن” داخل الأراضي اللبنانية؟!.
وحول الأهمية الاقتصادية لهذه المعابر، شدد زعيتر أنه يغذي الإقتصاد ويسهل أمور الناس ويسمح بتصدير الخضار والمحاصيل الزراعية، وفي حال شرعنته وبرسوم بسيطة فإن ذلك من شأنه أن يقضي على كل فرص التهريب غير الشرعية إن وجدت، مع العلم أن التخوف الذي يبديه البعض من هذه الحدود لجهة دخول إرهابيين أو سوريين غير شرعيين فإن ذلك غير موجود، وهذا ما أكده زعيتر حيث تنتشر نقاط للجيش اللبناني، ونقاط للجيش السوري ومخابراته، بالإضافة إلى فرق الهجّانة مما يمنع ويحول دون أي تسلل غير شرعي من الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية.
عديدة هي المواقف السياسية التي ترى في المعبر ضرورة، فعلى حد تعبير زعيتر كان وزير الدفاع الياس ابو صعب من اوائل من اشرفوا على الحدود ورأوا الحقائق وقالوا كلمة حق أنه من المستحيل إقفال هذه الحدود، مشيراً أيضا إلى وعد اللواء إبراهيم بتفيذ هذا المعبر قائلا الملف بأيدٍ امينة، ونحن بانتظار الوعد وصاحب الوعد وفي.
وختاما، لا يمكن القول الا انها بالنسبة للبقاعيين عموما وأهالي الهرمل خصوصا حدودا وهمية، فقد انصهرت الدولتين في بوتقة التاريخ والعيش المشترك.