بتول فواز- ليبانون تايمز
“الرياضة المدرسية”، واقعٌ مريرٌ يعاني من إهمال لا متناهي، يتم التظاهر بنسيانه من قبل أصحاب الإختصاص، بغض النظر إذا ما كانت الأحوال قد دفعت بهم لتهميشه، أو التأقلم مع مرارة الواقع.
البعض يتناسى بأن الرياضة المدرسية هي العامل الأساس في تطوير قدرات الطفل العقلية والبدنية وتهييئه للخروج إلى مجتمعه بكل نضوج، كما أنها -أيضاً- تعتبر الخزان الأولي للرياضة النخبوية أو الاحترافية، والجدير ذكره ان المنهاج الدراسي الواجب إعتماده في المدارس، هو إمتداد للنشاطات الرياضية، ويفسح المجال أمام التلاميذ لاختيار ما يتناسب وإمكاناتهم وقدراتهم ورغباتهم.
للإلمام عن كثب بأبعاد هذه القضية، مساعد مدرّب نادي الراسينغ الحائز على شهادة تدريب من الإتحاد الآسيوي لكرة القدم، والمدرب في أكاديمية الكابتن رضا عنتر للفئات العمرية، والأستاذ الأكاديمي في مؤسسات أمهز التربوية، الكابتن ضياء برو، في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، أكد أن الرياضة بشكل عام هي مهارة يمكن للفرد أن يمارسها للترفيه والإستمتاع أو المنافسة، مشيراً إلى تعرّض الحصص الرياضية في الكثير من المدارس ليس فقط للإهمال، بل التهميش، لعدة إعتبارات، أوّلها عدم وجود الملاعب المخصصة للرياضة، عدم تخصيص أكثر من حصة تدريسية رياضية في اليوم، معدّل علامات الرياضة، تأمين المنشآت المخصصة لرياضة، وعدم إبداء الجدية من قبل التلامذة والأهل على حد سواء، لهذه الحصة.
ولفت الكابتن برو، إلى الأهمية التي تحظى بها هذه المادة على الصعيد النظري، دون الجدية في التعاطي عند التطبيق، مضيفاً: في أغلب الأحيان لا نرى الشخص المناسب في المكان المناسب، ويجب على الأستاذ أن يحفّز الطلاب لإبراز أفضل الموجود في هذه الحصة.
وفي الحديث عن واقع لبنان من هذه الظاهرة، شدد برو على تأخر لبنان في الأمور الرياضية كافة، وبالأخص المدرسية، بسبب غياب تثبيت المفاهيم الرياضية في كل المناهج، داعياً وزارة الشباب والرياضة والإتحادات الرياضية اللبنانية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، إلى وضع خطط تربوية للنهوض بهذا الواقع، فضلاً عن العمل على بناء منشآت رياضية للمدارس، لما له مصلحة في تحفيز الطفل/ الطالب قبل الأستاذ/ المدرب.
وتعليقاً على إستقدام الإتحاد اللبناني لكرة القدم، رئيس الاتحاد الدولي إلى جانب مدربين عالميين ولاعبين محترفين، وصف لاعب منتخب لبنان السابق، هذه الخطوة بالجيدة، لكنها تحتاج إلى متابعة دورية، بإعلام المدارس بهذه الخطوة قبل حدوثها، إقامة محاضرات مدرسية وجامعية من قبل مدربين أجانب، وتوقيع إتقافية بين الإتحادين اللبناني والدولي، للإلمام بالمستوى الرياضي في المدارس الخاصة والرسمية.
وقدّم الكابتن ضياء برو إقتراحات تساهم في النهوض بالقطاع الرياضي:
ايلاء الإهتمام بالفئات العمرية كونها العامل الاساس في التربية الرياضية.
توقيع إتفاقيات تعاون مع دول متطورة على الصعيد الرياضي.
تكثيف الدورات الرياضية.
إقامة ندوات توعوية في المدارس والجامعات عن أهمية التربية الرياضية.
وختم حديثه داعياً الأهالي إلى تحفيز أبنائهم وتقديم الدعم اللازم لهم للمشاركة في الحصص التدريبية، كما المناقشة واياهم في الرياضات التي تستهويهم.
لا بدّ أنّ الواقع الحالي، الممزوج بخيبات الماضي وضيق أفق المستقبل، يؤكّد أن الرياضة في لبنان ماتزال تدور في أسفل القاع، وفي حين أنّ معظم أسباب الفشل هذا يتشاركها لبنان مع بلدان أخرى، كالفساد والتمويل والضعف الإداري، إلا أن الحالة اللبنانية تحافظ على شيء من الخصوصية، فالفئات العمرية اليوم التي تغفل عنها معظم الأندية، هي شعلة المستقبل، وبصيص الأمل الأوحد في رسم مستقبل-ربّما- يُطرّز بالعديد من الإنجازات إذا ترافق مع الجدية.
في لبنان، الموهبة موجودة، لكن التطبيق لا يزال قيد التحميل..