عبير شمص – ليبانون تايمز
قرع الشتاء أبواب البقاع بقوة وسجلت درجات الحرارة انخفاضاً ملحوظاً، هذا الشتاء الذي يلبس الطبيعة في البقاع أبهى حلة في مشهدٍ ساحر لطالما كان مع الأسف يشكل عبئا على أهالي المنطقة نظرا للحاجات الجسيمة التي يفرضها لا سيما في ظل ضعف الامكانيات على كافة المستويات خصوصا في تلك القرى والبلدات التي يصل ارتفاعها إلى ١٨٠٠ و ٢٠٠٠ م عن سطح البحر.
اليوم، مع هذه الأحوال الجوية القاسية وفي ظل أزمة حقيقية في توفر مادة المازوت للتدفئة يتفاقم هذا العبء على المواطنين البقاعيين مما جعلهم يهرعون نحو محطات الوقود لتوفير احتياجاتهم من مادة المازوت اللازمة للتدفئة والتي لا نبالغ ابدا ان قلنا أن الشتاء في البقاع قد يميت البقاعيين بردا.
وحول حقيقة الأزمة، يذكر أحد أصحاب محطات المحروقات في حديث لليبانون تايمز أن الأزمة هي أزمة تسليم محروقات من شركات النفط التي تتذرع بحجج مختلفة منها عدم توفر كميات كبيرة، وعدم وجود اعتمادات للدولار، موضحاً أن هذه المحطات كانت تستلم من الشركة بالسعر الرسمي، متأسفا أن تصل الأمور اليوم إلى أن تخالف هذه الشركات الأسعار المحددة من قبل الحكومة اللبنانية حيث تسلم ٨٥ ٪ من قيمة الفاتورة من مادتي البنزين والمازوت بسعر ١٥٢٥ في الوقت الذي حددت الدولة سعر الصرف ب ١٥١٥.
وهنا يشدد صاحب المحطة أن الدولة تسلم عبر مصفاتي طرابلس والزهراني للمتعهدين الذين يتحكمون بأسعار تسليم المواد لمحطات المحروقات، مؤكداً ان الأزمة هي أزمة احتكار، ويقدّر الاحتياطي بأكثر من ٣٠٠ إلى ٤٠٠ ألف ليتر ولكنها غالبا ما تقوم هذه الشركات بتوزيعها وتسليمها لمحطات بإدارة الشركات في بيروت، اما بالنسبة لطرابلس والبقاع فإنهم للأسف ليسوا ضمن اعتباراتهم.
وفي ظل هذه الاوضاع الراهنة لا سيما وأن الشتاء قد أقبل، وفي ظل لامبالاة الدولة واحتكار الشركات كان على محطات المحروقات أن تتخذ تدابير بسيطة حرصاً على عدم انقطاع المازوت من المحطات، وكان أبرزها ان كل محطة تزود زبائنها لا بل نسبة قليلة جدا منهم بالمازوت، بالإضافة إلى تأمين المادة لبعض المدارس، أما البقية الباقية فلا مازوت لهم.
ويذكر صاحب المحطة أنهم اتخذوا إجراءً يقضي بتوزيع المازوت بكميات قليلة جدا تصل أحيانا إلى ١٠ ليترات لتأمين حاجات أكبر عدد من المواطنين في المنطقة من جهة، وحفاظاً على عدم نفاذ كمية المازوت في المحطة من جهة ثانية.
والجدير ذكره، أنه وبسبب هذه الأزمة فإن معظم الناس لم يستطيعوا حتى الآن تأمين حاجاتهم من المازوت، حتى الأحزاب والجمعيات والمؤسسات التي كانت تقدم مساعدات عينية من مادة المازوت رأفة بالمواطنين لا زالت حتى اليوم تمتنع عن توزيع هذه الحصص خوفا من فقدان المادة من الاسواق في ظل عدم وجود خطة لتأمينها في ظل الأوضاع الراهنة.
هذه الأمور كلها دفعت بعض أصحاب المحطات إلى استغلال الوضع القائم واحتكار السوق بما تملكه من مادة المازوت متذرعة بفقدانها، بانتظار أن تسجل سعرا أعلى إذا ما حدث وتفاقمت الأزمة، كما سبق وحصل خلال الفترة السابقة عندما تم إقفال الطرق حيث عمدت بعض محطات المحروقات إلى احتكار مادة البنزين ورفعت الأسعار ليصل سعر البنزين إلى ٤٠ الف ليرة لبنانية وأكثر.
ختاما، لعل ما يحصل يستدعي من الدولة اللبنانية الاسراع في إتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع الاحتكار الذي تمارسه الشركات من جهة، ومحطات من جهة ثانية، فعليها اولا معالجة موضوع التسليم بحيث يكون بطريقة مباشرة اي الاعتماد على شركات الدولة، وأن يكون الدفع بالليرة اللبنانية، وهذا ما ناشده صاحب المحطة، معتبرا أنه من الضروري ان يتم التسليم مباشرة وبكميات تكفي البقاع لا سيما أنه منطقة باردة ونائية تفتقر لمستلزمات العيش، لا سيما وأن المازوت حاجة ماسة للتدفئة، الا اذا كانت الدولة تريد من المواطن البقاعي ان يتوجه مرغما لقطع اشجاره وارزاقه والقضاء على ثروته الحرجية من أجل التدفئة؟!