نسيب فقيه – خاص ليبانون تايمز
تشكل الجماهير القاعدة التي تستند اليها الأحزاب السياسية والنقابات العمالية في عمليات التعبئة من اجل تحقيق مطالبها. وقد احتلت الجماهير في التاريخ البشري موقعا أساسيا لجهة الأدوار التي تلعبها ولا تزال على مسرح التغيرات السياسية والاجتماعية وهذه الجماهير يتم استخدامها في التظاهرات.
كفل القانون الدولي الحق في التظاهر كما فرض حماية على حرية الرأي و التعبير. وقد كرَّست المادة 13 من الدستور اللبناني “حرية إبداء الرأي قولًا وكتابةً وحرية الطباعة وحرية تأليف الجمعيات”. وهذه الحريات “كلّها مكفولة ضمن دائرة القانون”.
يرى غستاف لوبون ذوبان كل شخصية فردية للجماهير المحتجة في اتجاه فكري واحد. “ايا تكن نوعية الافراد الذين يشكلونه وتجعلهم روح واحدة بحيث كل فرد يرى ان المجموعة تتلاشى معه الشخصية الواعية وتصبح شخصيته اللاواعية في حالة من الهياج، والتحريض وتصيبهم عدوى انفلات العواطف، وخصوصا ان الجماهير غير مهيأة لاحترام النزعات الاخلاقية لكونها صاحبة نزوات وغرائز شديدة الهيجان.. فتعاطف الجماهير مع حدث ما قد يتحول نوعاً من العبادة، كما أن النفور من شيء قد يتحول مباشرة حقداً، فلا يسود العقل ولا تحتل الموضوعية مساحة كبيرة في العلاقة بين الطرفين فتتحول الى كراهية واستلاب حرية الفئة الاخرى. ونتاج ذلك منظومة سياسية واجتماعية تتسم بالصراع قد تؤدي الى نزاعات، وهنا ترى فئة لفئة اخرى أنها غير جديرة بالتحاور والتشاور وإنما تساق بالعصا.
والجماهير بعد تزييف وعيها تصبح كائنا انفعاليا غير منطقي يميل إلى التحيز على أساس عاطفي وحماسي، ويميل إلى الاندفاع في الاتجاه الذي يحدده له من قاموا بتزييف وعيه، ويصف جوستاف لوبون الجماهير في حالة احتشادها وانفعالها واندفاعها وغضبها بأنها “أبعد ما تكون عن التفكير العقلاني المنطقي، وكما أن روح الفرد تخضع لتحريضات المنوم المغناطيسي الذي يجعل شخصا ما يغطس في النوم فإن روح الجماهير تخضع لتحريضات وإيعازات أحد المحركين أو القادة الذي يعرف كيف يفرض إرادته عليها، وفي مثل هذه الحالة من الارتعاد والذعر فإن كل شخص منخرط في الجمهور يبتدئ بتنفيذ الأعمال الاستثنائية التي ما كان مستعدا إطلاقا لتنفيذها لو كان في حالته الفردية الواعية والمتعقلة.
التظاهر والتجمع والشعارات المرفوعة
ان سلوك الحشد من الناحية النفسية أشبه ما يكون بالهستيريا الجماعية حيث يبدأ الحشد بفرد أو مجموعة من الأفراد يظهرون حماسا معينا بشكل مؤثر فينتقل هذا الحماس بما يشبه العدوى إلى الأفراد المحيطين بهم ثم تتسع دائرة العدوى بسرعة تتوقف على قدرة المحركين للحماس وعلى الحالة الانفعالية لبقية الجموع وكل هذا يحدث بشكل غير واع. ولكي يحدث هذا لابد من وجود أرضية مشتركة تدعم انتقال هذا الحماس وتصاعده بشكل تلقائي وسريع.
هناك عادة امور يجب مراعاتها في التظاهر او تجمع جماعة أولها في الشعار، ويلعب دورا رئيسيا وحاسما في التظاهر. ويمثل المضمون السياسي للشعار أحد أهم مكوناته، والذي يجب أن يلخص في كلمات قليلة حالة عامة شاملة، ومن ذلك الشعار الذي تناقلته القوى الثورية “الشعب يريد إسقاط النظام”، وثورة، ثورة، ثورة.
لقد تعدّدت الشعارات والمطالب المرفوعة، وإن كان الكثير من المطالب المعيشية هو نتيجة وجع الناس والتردي الاقتصادي الذي ينعكس غلاء وبطالة وسوء خدمات فان بعض المتظاهرين يطالبون بسقوط الحكومة وبعضهم يطالب بما يسميه اسقاط النظام وبعضهم يطالب بالاموال العامة المنهوبة والكثير من الشعارات المرفوعة …بينما البعض وقع ضحية الاستغلال السياسي من قبل اطراف ركبت موجة الحراك الشعبي، وطرحت بقوة إغلاق الطرقات أمام المواطنين كضغط مباشر مع العلم انه حق للعابرين والمادة رقم 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي نصت علي أنه لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية. ولا يجوز إرغام أحد على الانضمام اليهم.