* مقدمة نشرة أخبار “تلفزيون لبنان”
ترقب لتحرك فرنسي في اتجاه لبنان الأسبوع المقبل، فيما حراك الشارع اللبناني يبتدع أساليبه، والمطالب جمة والحقوق كثيرة، لكن التظاهرات والاعتصامات في الساحات تجمعها وتطالب بها منذ خمسة وعشرين يوما وحتى الآن. والأزمة متشعبة: مطالب وحقوق حياتية، معيشية، اقتصادية، ومشكلة سياسية شديدة، وهوة بين مجمل أبناء الجيل الطالع ومفاهيم الحكم أو التركيبة السياسية، يعززها انتفاء الثقة.
هذا هو المشهد العام في الأزمة الجاثمة والمتفاقمة. وإذا كانت المسؤوليات الوطنية الاجتماعية والسياسية يتحملها الجميع، إلا أن على المسؤولين المعنيين المباشرين في الحكم أو في منظومة الحكم، تقع أولى المسؤوليات. ومن هنا تستمر الاتصالات المعلنة وغير المعلنة على خطين متوازيين: الأول يتعلق بمواجهة الأمور المالية والنقدية والسلع. والثاني يدخل في صلب عناصر ومقاربات المعالجات في اتجاه تأليف حكومة، خصوصا مع وجود تصورات عدة لأنواع الحكومة وللخيارات الحكومية، ومع انطلاق دعوات متصاعدة وأصوات متزايدة تبدي قلقا وريبة في حال تأخرت الاتصالات عن تثمير تأليف الحكومة، واندلعت الفوضى كالنار في الهشيم. ناهيك ببعض المواقف الخارجية التي تحاول ذر قرون الشر، والتركيز على الجدلية في ما خص سلاح المقاومة، إضافة الى دقة ملف استخراج النفط.
إذن، التظاهرات مستمرة، أبرزها اليوم في اتجاه مطار القليعات- شمال لبنان، مع أسئلة المحتجين واستغرابهم: لماذا لا يبدأ العمل في المطار؟، إن المطار هو لجميع الناس ولجميع المناطق ولخير البلاد والعباد، هكذا صدح السائرون في التظاهرات.
الحراك حط أيضا في “الزيتونة باي” عند شاطئ بيروت في العاصمة، حيث انطلقت كذلك تظاهرتان في اتجاه وزارة الداخلية للأمهات اللواتي يطالبن بجنسية لأولادهن، وأخرى باتجاه المصرف المركزي، وبالتوازي مع تحركات باتجاه منازل السياسيين والمقرات الرسمية والعامة، متنقلة بين المناطق من الشمال فالجبل وبرجا- إقليم الخروب والى الجنوب.
ومع تردد أصداء التطمينات الاقتصادية التي خرج بها الاجتماع المالي في القصر الجمهوري، وبانتظار تنفيذ اجراءات تمنع الهلع لدى المودعين في المصارف، ومواصلة السعي لتثبيت سعر الليرة مقابل الدولار، لفت موقف له أبعاده بتوقيته، وفحواه في عنوانه، وهو للسفير الأميركي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان، في مقال عن لبنان، في معهد “بروكينز” البحثي في واشنطن والعنوان هو: مع إحراز لبنان تقدما هشا، ليس الآن الوقت المناسب لسحب الدعم الأميركي… وقد بدا هذا العنوان معاكسا لموقف الوزير بومبيو يوم الجمعة.
وسط هذه الأجواء، تنتظر مواقف مهمة للسيد حسن نصرالله في إطلالته غدا. كذلك يعقد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مؤتمرا صحافيا، في الساعة الثانية عشرة والنصف، ظهر غد الاثنين، في قاعة المحاضرات في المبنى الرئيسي لمصرف لبنان، يتناول فيه موقف مصرف لبنان من الأمور المتعلقة بالخدمات المصرفية، قبل عودة عمل المصارف طبيعيا يوم الثلاثاء المقبل.
وقد سجلت نقابة المحررين امتعاضها، في بيان صدر عنها، لاقتصار الدعوة للمؤتمر على عدد محدود ومحدد من الصحافيين.
من جهة ثانية، برز توضيح من مكتب سلامة بالآتي: “لا صحة لأي معلومات متداولة عن اجتماع بعبدا، لأن الحاكم لم يسرب أيا منها خصوصا تلك المتعلقة بضخ مبالغ مالية في الأسواق الثلاثاء.
كما سجلت اليوم سجالات حادة، لها صلة بالجلسة التشريعية المحددة الثلاثاء، في شأن قوانين العفو العام ومسألة الفساد. وقبيل انعقاد جلسة البرلمان، يرتقب تصعيد حراكي.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أن بي أن”
مع مرور خمسة وعشرين يوما على بدء الحراك في الشارع، وثلاثة عشر يوما على استقالة الحكومة، لم يخرج لبنان من نفق المراوحة السياسية والتقهقر الاقتصادي. وعلى وجه التحديد، ظل الاستحقاق الحكومي رهينة الجمود، بحيث لم يتحقق أي اختراق جدي لا تكليفا ولا تأليفا.
وإذا كان آخر ما رصد على خط هذا الاستحقاق، هو الاجتماع الذي عقده الرئيس سعد الحريري والوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام ل”حزب الله” حسين الخليل، فإن الأمور بقيت في أعقابه على حالها ولم يرشح أي تقدم.
ومن رحم هذا الاستحقاق، تولد اليوم موقف لبكركي ناشد فيه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي رئيس الجمهورية إجراء الاستشارات النيابية وتكليف رئيس للحكومة والإسراع معه في تأليفها، محذرا من أن حال البلاد لا يتحمل أي يوم تأخير.
فهل يعني هذا الكلام لرأس الكنيسة المارونية، رفضا لاستئخار الاستشارات إلى ما بعد التوافق على الحكومة العتيدة؟.
مهما يكن من أمر، فإن الأسبوع الطالع يفترض ان تتوضح فيه معالم المرحلة المقبلة، وذلك استنادا إلى جملة محطات سياسية واقتصادية. فغدا الإثنين كلمة للأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، يسبقها في اليوم نفسه مؤتمر صحفي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
والثلاثاء انطلاقة للثورة التشريعية التي أعلن عنها الرئيس نبيه بري، وذلك من خلال جلسة لمجلس النواب، في جدول أعمالها اقتراحات قوانين تتعلق بمكافحة الفساد والرعاية والعدالة الاجتماعيتين.
ومما لا شك فيه أن من شأن هذه الثورة التشريعية غير المسبوقة، أن تفتح الباب واسعا أمام تحقيق مطالب محقة للناس في هذا الزمن الصعب.
وفي جدول الأعمال أيضا مشروع قانون مهم ينتظره اللبنانيون منذ سنوات، ويتعلق بالعفو العام. ورغم أن المشروع لا يشمل كل من ارتكب جرائم بحق عسكريين أو مدنيين وكل من ساهم في سفك الدماء، ورغم أن باب نقاشه مفتوح أمام النواب لإبداء ملاحظاتهم، فإنه يتعرض لهجمة غير مبررة من قبل بعض القوى، علما بأن المشروع جاء من الحكومة وورد في الورقة الاصلاحية التي وافقت عليها بلا تحفظ كل القوى الحكومية بمن فيها المعترضون الجدد، فما سر هذه الازدواجية؟. إضافة إلى أن مشروع قانون العفو، لا يشمل الجرائم المالية بجميع أشكالها.
أما من يتحدث عن إعطاء قانون العفو أولوية على قانون مكافحة الفساد، فهو إما مضلل أو مضلل، لأن مشروع قانون مكافحة الفساد وارد على رأس جدول أعمال الجلسة.
ويبقى السؤال الأهم: لماذا الاستعجال والتصنيف، طالما أن المشروع سيخضع للنقاش والتصويت في الجلسة إذا لزم الأمر، ومن لديه ملاحظات فإن الهيئة العامة هي المكان الصحيح لطرحها وليس منابر التواصل واللغة الشعبوية.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “المنار”
ما أنبله وأطهره من حشد، يأتون غدا في ذكراهم من كل طرق السماء، راغبهم وعباسهم والرضوان بجيش من قديسين، لم يتركوا ساحة عز إلا ونزلوها، وزرعوا فيها أوتادا وخياما من نصر.
فأنتم أيها الشهداء من سيجتم مساحة الحرية لكل ناشد إصلاح، أو متظاهر يدعو لمكافحة فساد.
ومن على منصتكم يطل من وعد أنه لن يسمح للعابثين والمفسدين باسقاط وطن بذلتم من أجله الأرواح، يطل الأمين على الدماء سماحة السيد حسن نصرالله ليضع النقاط على حروف أزمة، بل فتنة يختلط فيها الحق بالباطل، بين مخلص صادق ينشد الاصلاح، ومتآمر لا يعدم وسيلة إلا استخدمها لأخذ البلد إلى حافة الهاوية.
الصادقون الذين قال فيهم رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” محمد رعد، إننا نتماهى معهم في نهوضهم ونزولهم إلى الشارع، ورفع شعار التصدي للفاسد والمفدسين. أما من يستغل ويضغط من خلال أسعار العملة لتحقيق مآرب سياسية، هؤلاء دعاهم عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الدكتور حسن فضل الله، للخروج من هذه اللعبة، لأنها مكشوفة، داعيا المصرف المركزي والحكومة المستقيلة للعمل على معالجة التفلت في أسعار الصرف وغلاء الأسعار.
غلاء أسعار وانهيار لا يكترث له الأميركي، فكل ما يعنيه من الأزمة، سواء في لبنان أو العراق، هو محاربة النفوذ الايراني، بحسب ما قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من ألمانيا في الذكرى الثلاثين لسقوط جدار برلين.
أما في جدار التكليف والتأليف الحكومي، تقول مصادر مطلعة ل”المنار”: إنه على الرغم من المشاورات المكثفة والجهود التي تبذل، إلا أنه إلى الآن لم نلمس خرقا معتدا به. لكن لا بد من خرق ايجابي يعيد ثقة المواطن بالدولة، ويخفف من حالة الذعر والهلع التي يعيشها اللبنانيون.
ومع هذا الجمود على اليابسة، هل تأتي طلائع الفرج من بحرنا، من نفطنا، على شاكلة ما أعلنته ايران من خرق نفطي هائل. الرئيس الشيخ حسن روحاني أعلن عن اكتشاف حقل نفطي سيزيد الاحتياطات المثبتة حتى اليوم بمقدار الثلث، ويبلغ 53 مليار برميل. فالغيث الرباني قد يأتي من السماء أو من تحت الأرض برغم أنوف الطغاة.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أو تي في”
الأسبوع الطالع هو أسبوع الحسم.
من المبكر التوصل إلى استنتاج من هذا النوع، ولو أن غالبية اللبنانيين تتمنى حسم التوجهات على مختلف المستويات اليوم قبل الغد.
شعبيا، التحركات مستمرة، مع تسجيل إيجابية أساسية تكمن في التحول النوعي الذي شهدته الاحتجاجات، بعد التخلي عن قطع الطرق، والتخفيف من موجة الشتائم، لمصلحة تسليط الضوء على المكامن الأساسية للفساد.
اقتصاديا وماليا، وفي انتظار وصول موفد الرئيس ايمانويل ماكرون الثلاثاء، مؤتمر صحافي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الثانية عشرة والنصف من بعد ظهر الغد، يأتي بعد يومين من لقاء بعبدا الذي رسم خارطة طريق لمواجهة الأزمة المستجدة.
تشريعيا، الأنظار نحو جلسة الثلاثاء، علما أن أسئلة كثيرة يطرحها البعض حولها في الشكل والمضمون. فمن حيث الشكل، أكد نادي قضاة لبنان أن “إعمالا لأحكام المادة 32 من الدستور، فإن من المحظر على مجلس النواب أن يقوم في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء المقبل، وهو لا يزال في عقده العادي، بأي عمل قبل البحث في الموازنة والتصويت عليها”. أما في المضمون، فاعتراضات من أكثر من طرف، علما أن معلومات الـ OTV تشير إلى موقف مرتقب من تكتل “لبنان القوي” في الساعات المقبلة، يتوقع أن يعرب عن الإصرار على إقرار القوانين المرتبطة بمكافحة الفساد ورفع السرية والحصانة واستعادة الأموال المنهوبة، في مقابل رفض قانون العفو بالصيغة المطروحة.
حكوميا، مصادر تيار “المستقبل” تتحدث عن قرار قريب للرئيس سعد الحريري من توليه رئاسة الحكومة. في وقت يترقب اللبنانيون الكلمة التي يلقيها الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله الثانية والنصف من بعد ظهر الغد في “يوم الشهيد”.
وفي انتظار الحسم المرغوب اقتصاديا وماليا وفي السياسة، حسم منشود على مستوى الحرية: الزميلة ريما حمدان بكت اليوم. لكنها لم تبك إلا على وطن منهوب لا مكسور، يصر البعض فيه على مساواة الجلاد بالضحية، فيما كل المطلوب تضافر جهود جميع المخلصين من أجل استعادة الاموال وتكريس هيبة الدولة وحفظ كرامة الوطن والمواطنين، كل المواطنين.
******************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أم تي في”
اليوم الخامس والعشرون للانتفاضة: يوم آخر من الحشد الشعبي على الطرقات وفي الساحات. في “أحد الطلاب” بدا الحراك في أزهى صوره. من أقصى الشمال إلى اقصى الجنوب، مرورا ببيروت والجبل والبقاع، ثبت الشعب من جديد حضوره ودوره، مؤكدا أنه أضحى الرقم الصعب في المعادلة السياسية والوطنية.
والواضح أن الحراك سيأخذ بعدا تصاعديا في اليومين المقبلين، مستفيدا من أمرين: الأول، العطلة الرسمية الاثنين في ذكرى المولد النبوي، والثاني جلسة مجلس النواب الثلثاء، والتي تتضمن بنودا كثيرة ملتبسة، لا سيما البند المتعلق بالعفو العام.
علما أن الأسبوع الطالع يشهد تطورات مفصلية مهمة. فغدا موقفان: الأول اقتصادي مالي لحاكم مصرف لبنان، والثاني سياسي للأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصر الله. والثلثاء جلسة تشريعية في ساحة النجمة، ستشهد كباشا بين النواب الذين يرغبون في المشاركة في الجلسة، والحراك الذي سيقطع عليهم الطرقات. وبعد الجلسة، تبدأ زيارة الموفد الفرنسي. وهي زيارة مهمة لأنها قد تشكل الدفع الأساسي لاجراء الاستشارات النيابية الملزمة التي ستؤدي إلى ولادة الحكومة المنتظرة.
حكوميا، لقاء أمس في “بيت الوسط” لم يحقق خرقا نهائيا، لكن خريطة طريق الحكومة المقبلة أصبحت شبه واضحة، بالنسبة إلى التركيبة السياسية على الأقل. فالرئيس الحريري هو الذي سيكون رئيس الحكومة المكلف، بعد حصول شبه توافق عليه من مختلف القوى السياسية. أما الحكومة فتكنو- سياسية، للجمع بين البعدين السياسي والتقني. لكن المشكلة تبقى في رغبة الرئيس الحريري في اطلاق يده نهائيا في تشكيل الحكومة، وفي رغبة مقابلة لدى “حزب الله” و”التيار الوطني” وحلفائهما، قوامها وضع خطوط عريضة تحكم عملية التأليف.
وحول هذه النقطة يدور الحوار ويتشعب، من دون أن يصل إلى قرار نهائي. وثمة من يرى أن الرئيس الحريري يتأخر في اعلان موقفه النهائي، في انتظار اكتشاف الجو الفرنسي الذي يحمله مبعوث الرئيس ماكرون.
والسؤال يبقى: ما ردة فعل الحراك الشعبي على حكومة تكنو سياسية؟، هل سيرضى بها أم أنه سيسقط خيار السياسيين في الشارع؟.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أل بي سي آي”
… وفي اليوم الخامس والعشرين، كل السلطات في عطلة وتعطيل، إلا سلطة الشارع الذي تميز في الأحد الرابع على بدء الحراك، بالظواهر والمؤشرات التالية: الإتساع الجغرافي للحراك. الطابع التنظيمي سواء على مستوى الأنشطة أو على مستوى الشعارات. التوسع في انتقاء الأهداف بعناية لافتة. الطابع السلمي للحراك بحيث لم تسجل أي حوادث تذكر.
فعلى مستوى الإتساع، يلاحظ ألا تعب لدى الحراك بل إن الساحات تزداد يوميا. على مستوى التنظيم، يلاحظ أن الحلقات الحوارية باتت تظهر في أكثر من ساحة. على مستوى الطابع السلمي لم تسجل أي حوادث تذكر. على مستوى الأهداف الحراك يختار أهدافا مدروسة وغير عشوائية: من “الزيتونة باي” إلى منزل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الرابية، مثلما اختار “الإيدن باي” منذ يومين، ومثلما اختار مؤسسة كهرباء لبنان، ومثلما سيختار ساحة النجمة بعد غد الثلاثاء، حيث البرلمان على موعد مع العفو العام، الأكثر إثارة للجدل والخلافات.
وفي مقابل دينامية الحراك، تراوح السلطة السياسية بين حراك داخل الجدران وتبادل رسائل فوق السطوح، فعند الاقتراب من أي توافق، يسود الصمت، وعند الخلافات تضج مواقع التواصل الإجتماعي لدى المختلفين بشتى أصناف الحملات وفتح الدفاتر القديمة، وحين تستعر الحملات يجري التوصل إلى هدنة، غالبا ما تكون هشة لأنها ليست مبنية على أسس صلبة.
في هذا السياق، أين أصبح موضوع التكليف والتأليف؟. ما هو شبه ثابت أن الرئيس المستقيل سعد الحريري ما زال متقدما على غيره في موضوع التكليف، وإذا كان هذا التكليف سيكون ملحقا بشروط “حزب الله”، وإذا قبل بها، فبماذا سيجيب المجتمع الدولي، وتحديدا واشنطن حيال هذه الخطوة التي ستعتبرها تحديا لها؟. في المقابل، هل بإمكانه أن يشكل حكومة لا يرضى عنها “حزب الله”؟. هنا أيضا مشكلة.
إذا التكليف والتأليف مازال في العناية الفائقة، أما في خارج غرفة العمليات السياسية فحراك يرتفع سقف شروطه ومطالبه يوما بعد يوم، فبالتأكيد ما كان يقبل به في 17 تشرين الأول، لم يعد يقبل به في العاشر من تشرين الثاني، فهذا الحراك تخطى مطبات كثيرة وتجاوز قطوعات واستهدافات.
ولكن ما يضغط على الجميع، هو الوضع النقدي والمالي الذي يزداد صعوبة يوما بعد يوم، مع كل انعكاساته على كل القطاعات، على الرغم من التطمينات التي يعطيها المعنيون. وفي هذا السياق الأنظار موجهة إلى المؤتمر الصحافي الذي سيعقده حاكم مصرف لبنان غدا، بعد الضوء الأخضر الذي حصل عليه من اجتماع قصر بعبدا أمس.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “الجديد”
ضرب الأحد الرابع في أرض ثائرة، وعلمت دعساته على خد السلطة، لكنها لم توقظها. فالمتظاهرون في الشهر الأول من الثورة لم يعدموا وسيلة إلا وخاضوها، مشوا في اليابسة اللبنانية، وعلى سطح الماء، عمالا وشعراء وفلاحين، طلبة خرجوا من صفوفهم لنيل شهادة وطنية. استملك المواطنون أرض الزيتونة وجعلوا مطاعمها بساطا على الأرض. مراكب الصيادين رفعت أشرعتها للتصويت على حراك بحري. مطار القليعات أقلع بطائرة من ورق، تذكيرا بوجود ملاحة جوية على أرض الشمال تسمى “مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض”.
كل هؤلاء، وقبلهم خمسة وعشرون يوما من أيام الثورة والغضب، ولم يتحرك الساكنون على رؤوس العباد. وأقصى ما ارتكبته رئاسة الجمهورية أنها لعبت في الأوراق النقدية، فجهزت وزيرين من عيار جريصاتي وبطيش، ووضعتهما في مواجهة حاكم مصرف لبنان والمصارف، وأزاح الرئيس ميشال عون عن ظهره حمولة مالية، وكلف بها مجموعة النقد المحلي، ليتفرغ في الأسبوع المقبل لمعركة إنقاذ جبران، لكن طريقك مسدود والحكومة نائمة في قصر مرصود يا ولدي.
والمعلومات لغاية الساعة، تؤكد فشل المساعي مع الرئيس المستقيل وخلانه، بحيث يشترط الحريري حكومة خالية من السياسيين والوجوه الكالحة المنبوذة من قبل الناس. ويستعين الحريري بقدرة الشارع على قلب أي تشكيلة تعيد إنتاج السلطة عبر مسحوق لا يزيل الأوساخ. وهذه فرصة الشعب، والذين توجه إليهم الرئيس حسين الحسيني اليوم بنداء في الساحات والمنازل قائلا: لا تنتظروا ممن أسرف كل الإسراف في إفقاركم، ممن لم يعرف حدا في إذلالكم، ممن لا عيش له إلا بإكراهكم، وتفرقة صفوفكم، وبث العداء في نفوسكم، لا تنتظروا سوى الشر.
لكن إصرار الرئيس غير المكلف على حكومة الخبراء واستبعاد الأحزاب، اصطدم بأول كتلة رعدية هبت من صوب “حزب الله”، وقال النائب محمد رعد: لا تلوى ذراعنا، ولا يحيدنا عن تحقيق أهداف الشهداء لا شغل ولا اهتمام جزئي ولا معارك مفتعلة يفرضها الآخرون بين الحين والآخر. ونبه إلى أن المسار الذي تسلكه طريق مكافحة الفساد، ينبغي ألا يأخذنا إلى ما لا يمسك به العدو ليبتزنا بأمننا واستقرارنا وليغير المعادلات.
وأبعد من الإصرار على التمثيل، يتوجه “حزب الله” إلى أولى معاركه الميدانية في محاربة الفساد، وينفذ النائب حسن فضل الله عملية انغماسية نيابية تساعد، في حال نجاحها، على تطبيق وعده بمكافحة الفاسدين. وهو قال اليوم إن مطلبنا من الهيئة العامة إقرار رفع الحصانات، ودفع القضاء المختص نحو محاكمة الوزراء الذين تحوم حولهم شبهات واتهامات، لاسيما أن القضاء يتذرع بمعجزة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء الذي ما زال معطلا. ولأننا في وضع استثنائي، فقد سأل فضل الله: لماذا لا يتم تجميد أملاك وحسابات الذين مروا على السلطة، وكل شخص عمل في الدولة اللبنانية ولديه ثروات الآن، يتم الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، ونراسل الدول الخارجية بضرورة الحجز.
غير أن فضل الله قد يصبح شهيدا في هذه العملية، ما لم تتم مؤازرته من قبل حزبه أولا وبالسلاح الثقيل، ومن نواب حلفاء كنواب الرئيس نبيه بري أو من خارج الدائرة الحليفة كنواب “القوات” و”الكتائب” الذين حملوا راية مكافحة الفساد في التصاريح والمواقف.
لكن ملامح الجلسة التشريعية لا تبدو عليها علامات الجدية في الطروح التي لم ترق إلى مستوى مطالبات الشعب، فالجلسة لم تتضمن مشروعا لاستعادة الأموال المنهوبة، ولا تجميد حسابات المسؤولين ورفع السرية المصرفية. واذا ما صدقت الجلسة على اقتراحات ومشاريع تهز بنيان الدولة الفاسد، فإن مجلس النواب سيدخل شريكا في عملية فساد تشريعية، تمكنت من خداع الشعب وتمرير السم في العسل النيابي، وعندها فإن المجلس برمته سيطلب من الشعب العفو العام.