مازن نعيم – خاص ليبانون تايمز
كما كان متوقعاً، حصل فيلم Joker للمخرج تود فيلبس، على إعجاب النقاد والجمهور بشكل عام، بعد اسبوع واحد على عرضه في دور السينما حول العالم.
الشخصية المثيرة للجدل، عادت من جديد الى الشاشة الكبيرة من منظور مختلف، وبرؤية جديدة، صنعت بُعداً، كان مبهماً للكثير من المتابعين لشخصية (جوكر)، القادمة من عالم المجلات المصورة، والمرتبطة بشكل دائم بالبطل الخارق (باتمان).
ولكن ما الذي جعل هذه الرؤية السينمائية مختلفة عن سابقاتها من التجارب المنتمية الى عالم DC للمجلات المصورة ؟ والذي اكد انه يمكن لهذا الفيلم تحديداً ان يفتح عوالم خفية وجديدة على المتابعين المصابين بالإشباع، من كثرة تناول هذه الشخصية في الأفلام السابقة.
يقدم فيلم Joker دراسة شخصية، من البعد النفسي، الذي يصل الى حد الجنون والإجرام، فهو يعرض لنا قصة “أرثر فليك” الذي يعيش وحيداً مع والدته، ويعمل كمهرجاً في احدى الشركات المغمورة، ويحلم بأن يصبح نجماً كوميدياً.
يجسد الممثل (خواكين فينيكس) شخصية مضطربة الى ابعد الحدود، ومصابة بعدد من المشاكل النفسية. شخصية مركبة، تتأثر بشكل ملحوظ بالعوامل الخارجية المحيطة بها، وتؤدي الى تحولات تدريجية تراكمية، تدفع بصاحبها الى عالم الإجرام، وتكوّن له شخصية جديدة، ستُعرف بعد ذلك بالجوكر.
فيلم Joker هو ليس سرد قصة الشرير المعروف، في سلسلة أفلام باتمان السينمائية، والذي ظهر على الشاشة لأول مرة عام 1966 وجسّده الراحل Cesar Romero، ومن ثم Jack Nicholson عام 1989، ثم Heath Ledger عام 2008 وJared Leto عام 2016، بل هو شرح لأصل الشخصية، وصورة واضحة للبذرة الأولى التي كوّنت النزعة الإجرامية، وخلفياتها (الإنسانية، النفسية والإجتماعية).
لا يقدم فيلم Joker سرد لمغامرة، او مهمة على غرار الافلام السابقة التي تناولت الشخصية، بل هو صورة سوداء، لعالم خاص يعيش فيه المدعو (أرثر فليك) بكل تفاصيلها الحياتية اليومية، من منظور أحادي، يجعلك تعيش وكأنك انت الشخصية، يجبرك على الشعور بالألم والحزن والغضب الذي تعيشه الشخصية المذكورة.
يعتبر هذا الفيلم بحسب اراء النقاد حول العالم، بأنه مثير للإهتمام، وجاذب للإنتباه، غير ممل بإيقاع ممتاز، مع الإشادة بالصورة الرائعة للفيلم واللقطات التصويرية المرتبطة باللحظة، بالإضافة الى الموسيقى التصويرية، التي تتغير مع تحولات الشخصية.
نال بطل الفيلم، الممثل الأميركي، المولود في بورتو ريكو، (خواكين فينيكس)، إشادة من المتابعين، على الأداء الممتاز، الذي يحمل في جوانبه الكثير من الإنفعالات المتفجرة، بالإضافة الى اساليب التعبير المجنونة، والتي لامستنا كمشاهدين، وجعلتنا نطرح السؤال البديهي، “هل الجوكر مجرم؟ ام ضحية؟”.
نجح فينيكس في تجسيد التعبيرات الحركية، من خلال الرقصات التعبيرية التي قدمها في عدة مشاهد خلال الفيلم. ولمسنا في شخصيته الشق الرومنسي بشكل خفيف، لم يظهر كثيراً ولكنه كان كافياً ليشعرنا بان الشخص المريض النفسي، هو رغم مرضه بشر يمكن ان يحب ويحلم.
وصف بعض النقاد، اداء خواكين فينيكس بالجنوني، ولا يقارن بشخصية جوكر التي جسدها الراحل هيث ليدجر في فيلم The Dark Knight عام 2006، لما حملته شخصية فينيكس من عمق في تكوين الشخصية، يجعلك تظن انه فعلاً مجنون.
يحمل الفيلم في طياته عنف حقيقي، جعله عرضة للإنتقاد السلبي، ولكن العنف متقن ومرتبط بالتحولات، فبدونه لا يمكن ان يصل بطل الفيلم الى البعد الاخير، الذي ادخله عالم الإجرام.
رغم ان الفيلم يقدم قصة منفصلة عن عالم DC السينمائي، الا انه يشير الى عدة دلالات، لا يمكن فصله عنها، خاصة انه يشير الى شخصية (بروس واين، الذي سيعرف في المستقبل بBatman)، ويفتح ربما ابعاد جديدة، لاجزاء جديدة في المستقبل.
فيلم Joker هو دراسة شخصية، لا بد من مشاهدته، يأخذك الى عالم مختلف ذو ابعاد متشعبة، ويعطيك لاول مرة قصة لهذا الشرير، الذي لم تحكى قصة اصله من قبل، ويشرح ما الذي دفعه الى الجنون والإجرام. هو فيلم لا شك بأنه سيحطم العديد من الأرقام القياسية، وسيتواجد على قوائم الأوسكار لهذا العام.