سارة طهماز- خاص ليبانون تايمز
ما تقوم به القوات التركية في سوريا هو غزو مباشر من قبل دولة لجارة، لطالما لعبت هذه الدولة بالأمن السوري منذ سنوات إندلاع الأزمة وحيث كان لتركيا وتحديدًا أجهزة الإستخبارات التركية الدور أكبر في دعم الحركات المسلحة. اليوم تركيا توسع من عدوانها على سوريا عبر هذا الغزو وتحاول أن تثبت امتلاكها أذرع عسكرية طويلة تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وأيضًا تحاول أن تؤكد أن قسما من الأراضي السورية بات من حق تركيا بعدما أعلنت أنها سوف توسع من حدودها الأمنية بإتجاه معاقل الأكراد.
ما يقوم به أردوغان هو نوع من الإستخفاف بكل القوانين والمواثيق والإتفاقيات الدولية التي ترعي الحدود بين البلدين، بحسب المتابع للشؤون السياسية الإقليمي الأستاذ طارق إبراهيم. أما على الصعيد الميداني، فيعتقد إبراهيم في حديث لموقع ليبانون تايمز أن تركيا ستواجه الكثير من المشاكل العسكرية والأمنية وربما نستطيع القول أنه كلما توغلت تركيا في الأراضي السورية ستتوسع ضدها جبهات المعارضة، ولن تستطيع تركيا أن تلغي مطالب الأكراد داخل بلدها، وأيضًا لن تستطيع أن تلغي الدور الكردي كنسيج أساسي في الدولة السورية.
وأوضح إبراهيم “أن الأكراد الذين راهنوا على الدعم الأميركي دفعوا مجدداً ثمن هذه المراهنة وإستغلت تركيا الموقف الأميركي وتحديدا موقف دونالد ترامب من خلال وضعه أمام خيارين أما تركيا أو الأكراد وبالطبع فضّل ترامب الإحتمال التركي لأنها عضو أساسي في الحلف الأطلسي كما أنها تشكل البوابة الجنوبية لهذا الحلف”.
هل تقوم أميركا بحماية عناصر من داعش أم تستغلهم لدوافع أخرى؟
ومن جهةٍ ثانية، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن القواتالأميركية تسلمت من الفصائل الكردية عشرات من أبرز المعتقلين “الدواعش”، ونقلت الصحيفة عن مصادرها، إن العسكريين الأميركيين تسلموا نحو 40 معتقلا يعتقد أنهم من القيادات البارزة في “داعش”، وبينهم البريطانيين ألكسندر كوتي والشافعي الشيخ، هما عضوان من مجموعة كانت تضم أربعة مسلحين أطلق عليها “بيتلز” نسبة إلى الفريق الغنائي البريطاني الشهير، بسبب لكنتهم البريطانية.
في هذا الصدد، إعتقد إبراهيم أن الأميركيين لعبوا أكثر من ورقة أولها ورقة “داعش” والنصرة وقد قاموا بوضعهم في معتقلات أو معسكرات حتى يحين الوقت لإستخدامهم، كما أنهم لعبوا بالورقة الثانية التي هي الأكراد وأوهموهم أنهم سيدافعون عن مصالحهم بإقامة حكم ذاتي في شمال شرق سوريا، وعندما أتى الوقت تخلوا عن هذه الورقة.
وقال “اليوم الأميركيين على خلاف علني مع أردوغان ولكن ليسوا مختلفين مع الدولة التركية أو الجيش والإستخبارات التركية أو الدور التركي الإستراتيجي المرسوم من قبل حلف الأطلسي، بالإضافة إلى الدور المتوقع لداعش والنصرة لاحقا، وأيضًا الورقة الكردية.
وعلّق إبراهيم على خطة ترامب قائلاً: باتت هذه الأراضي كهدية من ترامب لتركيا كقوله مثلاٍ “إليك داعش والنصرة إلعب بهما كما شئت!” بشرط ردعهم عن المصالح الأميركية، وبهذا يمكن لأردوغان أن يهدد الغرب والإتحاد الأوروبي بثلاث أوراق “داعش والنصرة، اللاجئين، والأكراد”. وبهذا يكون ترامب قادر على التسوية في شمال وشرق سوريا.
وتابع إبراهيم “هذه الأمور لها مفاعيل خطرة تمتد إلى العراق وإيران والداخل التركي، كذلك إلى روسيا. وبالتالي، ترامب حمّل أردوغان أثقالا كبيرة لن يقدر على حملها لاَخر الطريق، ولن يقدر أن يتعامل مجددا مع العالم وكأنه راعي داعش والنصرة والإرهاب السلفي التكفيري، ولن يقدر على تهديد أوروبا بأن يرسل لها الاف الدواعش مثلما أرسل لها الاف اللاجئين، ولن يقدر أن يحتل الحدود السورية دون مواجهة عسكرية، فكل هذه الأثقال على أردوغان، وعليه أن يكون متيقظًا لأنها في النهاية سترتد عليه، خصوصًا أنه هناك دول عظمى مثل إيران وروسيا راعية للأمن السوري بالتعاون مع الدولة السورية، كما أنه قد تنشأ مقاومة سوريا ضد الإعتداء التركي، وقد ينفجر الوضع الكردي داخل تركيا، نزيد على ذلك رفض حلفاء تركيا في الحلف الأطلسي للغزو التركي للشمال السوري.
في الخلاصة ترامب ألقى بأفكاره الأميركية بوجه أردوغان ولا نعرف إن كان ذلك بهدف توريطه أم بهدف إعطاءه أوراق قوة لمواجهة مرحلة ما بعد ترتيب الأوضاع في سوريا للجلوس على الطاولة مع الدولة السورية وحلفاؤها.