سارة طهماز- خاص ليبانون تايمز
يدخل الفساد السياسي المستشري في عمق قطاع الإتصالات كما القطاعات الأخرى في الدولة اللبنانية، فما من إنتاج مادي إلاًّ ويجب أن يمر تحت أيدي السلطة الناهبة لتعتصر ما تيسر من مدخوله وتحوله إلى صرر الذهب المدفونة في الكهوف العميقة التي باتت تجذب رُزم الدولارات، وفي الاتصالات حزم الدقائق والميغابيتات..
بناء على كلام رئيس لجنة الإعلام والإتصالات النائب حسين الحاج حسن في مؤتمر صحفي شرح فيه واقع قطاع الإتصالات في لبنان، مخالفاته، والإلتباسات الحاصلة، تَبين حجم الفساد والهدر الذي يحصل والذي يفوق ما قد يتوقعه اللبناني من ناحية الصفقات التي تتم على حسابه والتوظيفات العشوائية، أما ما يذهل أكثر هو الحديث عن وجود عجز بالرغم من أن كلفة الإتصالات في لبنان هي الأغلى عالميًا!
حديث الحاج حسن يبين أيضًا أن الوزراء الذين تعاقبوا على تولي وزارة الإتصالات لم تقع أنظارهم على النهب الحاصل للوزارة والدولة والمواطن، حتّى أن الوزير الحالي لا تصل إلى مسامعه سيرُ الفساد والهدر وهو غائب عن المؤتمر المنعقد في سبيل إجراء إصلاحات أساسية في وزارته.
وفي هذا السياق أكد نقيب محلات الخلوي في لبنان علي فتوني في حديث لموقع “ليبانون تايمز” أن قطاع الإتصالات بدون رقابة ولا حتّى 1%، وشبهه بـ “سفينة بلا ربان”، كباقي القطاعات في لبنان، وقال “لو كان هناك رقابة لما قام النائب حسين الحاج حسن بعقد مؤتمر صحافي والحديث على العلن بكافة المشاكل التي تضرب القطاع”.
وأوضح فتوني أن الفساد يضرب كافة القطاعات ولكن إذا قامت اللجنة المعنية بمتابعة عملها في وزارة الإتصالات، وكان لديها النية لتصحيح الوضع وعدم الإكتفاء بالتصاريح وأن تكون قادرة على التنفيذ، عندها يمكن أن نقول أن هناك إصلاح لهذا القطاع”، مشيرًا إلى أن “المدعي العام المالي علي ابراهيم أرسل بطلب الوزراء السابقين في وزارة الإتصالات ونترقب ردّة فعل هؤلاء على طلبه إذا كانوا سيمثلوا أم لا”.
وعن سبب الفروقات في أسعار الإتصالات بين لبنان والدول المجاورة، اشار فتوني الى أن “قطاع الإتصالات يشكل جزءًا كبيرًا من مداخيل الدولة، ونحن أغلى دولة عالميًا ولذلك يجب ان نقدّم الخدمات الأفضل لزبائننا، لكن ما يحصل واقعيًا هو العكس الخدمات متدنية النوعية والسعر عالٍ، كما أنه ليس هناك منافسات بين الشركات في لبنان كونها تابعة للدولة وعقودها بالعملة الأجنبية (بالدولار)، والمشكلة الأخرى والأساسية والتي يجب أن يعرفها المواطن هي أنه إذا حوَلت الدولة اللبنانية أسعار الإتصالات إلى الليرة اللبنانية فسيتأثر الإقتصاد الوطني، لذلك يجب الحرص على أن لا يرتفع السعر حاليا وأن يتم الإلتزام بسعر الصرف الرسمي للدولار عند 1,515، وقد توصلنا مع الشركات إلى حل يقتصر على أن تتقاضى جزء بالدولار وجزء اَخر بالليرة اللبنانية لتبقى بطاقات التشريج بالسعر نفسه دون أن تستغل السوق السوداء الوضع، وبدءًا من الأسبوع المقبل سيكون هذا القرار فاعل في السوق”.
ولفت فتوني إلى أن “الكارت مسعّر ب 22 دولار ولكن الحقيقة أن السعر هو 22,73 دولار قبل الضريبة وبعد إضافة ضريبة الـ 250 ليرة باتت تكلفة الكارت 25,40 دولار وبسعر الدولار الحالي في سوق الصرف فتصل تكلفة الكارت إلى 41,000 ليرة لبنانية، ونضيف إلى ذلك ربح 1,000 ليرة فقط للموزع فيكون السعر الثابت للكارت اليوم 42,000 ليرة لبنانية”، وطمأن أن الأسبوع المقبل سيشهد إستقرارا في هذا الموضوع.
كما نبّه فتوني إلى “خطورة الهدر في هذا القطاع خاصةً ذلك الذي يكون لرعاية جمعية ما، أو فريق رياضي وسواه مما يستهلك خزينة الوزارة ويدخلها في عجز في المدفوعات، خاصة وأن الوزارة قادرة على تحقيق أرباح كبيرة ولكنها غير قادرة على سد المستحقات بوجود اَلاف الموظفين اللذين ليس لديهم مهمة عمل أو مكتب في الوزارة، كما أن الوزير الحالي فتح المجال أمام الجميع للمشاركة في مناقصة “خدمات الوزارة” الـ (vas)، وقد تم سابقًا رفع هامش الربحية لدى تلك الشركات إلى 50% للشركة و50% للدولة، فيما يسمح القانون بـ 30% كسقوف ربحية إلى تلك الشركات و70% تعود للدولة”.
من جهةٍ أخرى، قال فتوني أن قطاع الإتصالات وغيره من القطاعات تحتاج إلى كف يد السياسين عنها، فهي مرهونة للسياسيين اللذين يستغلون كل البلد وكل منهم يعمل على هواه ولمصلحته.
المشكلة في لبنان تحتاج إلى حل جذري بوضع أسس خاصة بكل قطاع لكي ترتاح الدولة وبالتالي المواطن.