لفت رئيس الجمهورية ميشال عون، في كلمة له خلال حفل الإفطار في قصر بعبدا الى أنه “في بداية شهر رمضان في العام الماضي قطع عهداً ووعداً لجميع اللبنانيين، بأنه “وقبل أن يهل هلاله مجدداً ستكون دولتهم قد أنجزت خطوات حاسمة على طريق اجتثاث الفساد من لبنان”، مشيرا الى أن “عاما مضى على ذلك الوعد، والكثير من الخطوات الحاسمة قد تحققت على هذه الطريق في أكثر من ميدان، مجددا الوعد بمتابعة ما بدأه”.
وشدد الرئيس عون على أن “مسيرة مكافحة الفساد لن تتوقف مهما اشتدت الضغوط وتشعبت المداخلات، لأنها حجر الزاوية في العملية الاصلاحية. مؤكدا أن “الاستقرار السياسي والاستقرار الأمني قد تحققا، وكذلك الانتظام المالي بفعل التصميم على إنهاض مشروع الدولة بأركانها كاملة بعد طول انتظار، ويبقى الاستقرار الاقتصادي ووقف استباحة المال العام ومحاسبة مرتكبيه”.
ورأى أن “التحدي اليوم أمام الحكومة في وضعها موازنة 2019 ليس فقط في الترشيق والتخفيض المقبول والمتوازن بل في قدرتها على توفير عنصرين لتحاكي الأزمة التي تعصف بالوطن والشعب”، مبينا أن “العنصر الأول هو تحديد مكامن الخلل والهدر والفساد والقضاء عليها، والثاني تظهير الوظيفة الاقتصادية للموازنة بعد طول إنكار وغياب، لتبدأ بعدها معالجة حقيقية للعجز في شقيّه المالي والتجاري، في ضوء اعتبار واحد مصلحة الشعب العليا”.
وأضاف: “لقد مرّ لبنان في عصوره بتجارب قاسية وأزمات حادة، سياسية وأمنية واقتصادية ومالية واجتماعية، منها ما هو من صُنع أيدينا ومنها ما فُرض علينا، ولكن الشعب كان دوماً يتغلّب عليها بالتصميم والارادة والنضال والتضحية ووحدة الموقف”، لافتا الى أن “لبنان اليوم يمرّ بأزمة اقتصادية ومالية واجتماعية صعبة، الكثير من أسبابها موروث وثقيل، ولكنها مرحلية وهناك قدرة على تجاوزها إذا تم التعاون في الانقاذ”.
واعتبر الرئيس عون أنه يجب التضحية كي لا يصبح لبنان لقمة سائغة على طاولة المؤسسات الدولية المقرضة التي سوف تفرض وصفة اقتصادية ومالية قاسية وخاضعة لوصايتها وإدارتها المباشرة وفقاً لمصالحها الاقتصادية والسياسية، لا قدرة على تحمّلها”، موضحا ان التضحية ستكون متوازنة ومتناسبة بين القوي والضعيف وبين الغني والفقير، فتتحقق العدالة في الموجبات وفي الالتزام وأيضاً في الألم المؤقت، ليخلص لبنان”.
وشدد على أن “المطلوب اليوم، العودة إلى الضمير الوطني والعمل بوحي منه قبل المصلحة الشخصية الآنية والتوقف عن الاعتصامات والاضرابات والتظاهرات وشلّ قطاعات العمل العامة والخاصة التي تعمّق الهوة بين ما نسعى إليه وبين الواقع المرير”، مشيرا الى أنه “للإعلام دور كبير في هذا المرتجى من الآمال والجهود املا في ان يكون شريكاً أساس في الانتصار على الشائعات المغرضة والهدامة التي تطال أسس الدولة وخصوصاً الوضع النقدي والليرة، وشريكاً أيضاً في التوعية على المخاطر وفي شرح الحلول وتبيان ضرورتها”.
وأعلن الرئيس عون أن “الليرة بخير، ولا خطر يتهدّدها، والصعوبة التي نمرّ بها مرحلية ومحدودة”، معربا عن أمله أنه “في العام القادم ان يتحسن الوضع الاقتصادي “.
وأضاف: “إن المراقب لمشهدية الاعتصامات والاضرابات المتنّقلة لا بد وأن يتبادر الى ذهنه سؤال منطقي أيعقل أن يرفض المواطن اللبناني المساهمة بأي شيء وهو يعرف جيداً الوضع الدقيق والمفصلي الذي يعيشه لبنان؟ أيعقل أنه فقد أي ارتباط بالمصلحة العامة وصارما يهمه فقط مصلحته الضيقة والآنية؟”، مبينا أن “الصورة ظاهرياً هكذا تبدو، أما جوهر الصورة فينبئ بحقيقة مؤلمة، جوهر الصورة يقولإن هذا المواطن اللبناني، وعلى مر السنوات الماضية، قد فقد ثقته بدولته ولم يعد يشعر أنه معني بها. فالضرائب التي كان يدفعها يراها تشبه الخوّة، تذهب منه ولا تعود اليه بأي شيء، لا هو يسأل أو يحاسب ولا هي تعود، وتضيع ما بين هدر وفساد”.
ودعا الرئيس عون الحكومة الى “إعادة الثقة الى اللبناني بدولته، أثبتوا له أن تضحياته لن تذهب سدى في مسالك الهدر والفساد الوعرة، عندئذ فقط يستعاد الشعب الى وطنه”، وتوجه الى اللبنانيين قائلا: “عندما ناديتكم يوماً بشعب لبنان العظيم كنت أقصد هذه القدرة على النهوض من الكبوات ومواجهة الواقع بتصميم وإيمان، ودحر المخاطر عن الوطن مهما كانت، والالتفات دوماً الى المستقبل وعدم الوقوع في الاحباط القاتل والسلبية العقيمة. ويقيني اليوم، لا بل إيماني، أنكم ما زلتم وستبقون شعب لبنان العظيم”.