حذر المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس، من سوء تقدير يرتكبه واحد من طرفي التصعيد الحالي بين أميركا وإيران.
ويقول إغناطيوس في مقاله، إن “التعبئة العسكرية الأميركية والإيرانية يقف وراءها مفهوم أن كل طرف قد يقوم بالهجوم على الطرف الآخر، وهذا لا يبدو تظاهرا بقدر ما هو مواجهة قد تقود إلى نزاع حقيقي لو ارتكبت أخطاء”.
ويشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة أرسلت حاملة طائرات ومقاتلات وغير ذلك من الأرصدة الثمينة في نهاية الأسبوع، بعد توصلها إلى تغيير إيران استراتيجيتها، وانتظار الضغوط التي يفرضها عليها ترامب، وكانت تحضر لعمليات ضد القوات الأمريكية في المنطقة.
وتورد الصحيفة نقلا عن قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط الجديد الجنرال فرانك ماكينزي، قوله في خطاب له يوم الأربعاء، إن التعزيزات جاءت “كرد مباشر على عدد من الأمور التصعيدية المقلقة والتحذيرات”، فيما قال المتحدث باسمه الكابتن بل إربان في يوم الثلاثاء، إن “هناك إشارات واضحة بأن الإيرانيين والجماعات الوكيلة لهم يقومون بالتحضير لهجمات محتملة على القوات الأمريكية في المنطقة”.
ويرى إغناطيوس أن “هذا الشعور بحتمية الهجوم الإيراني يمثل تغيرا واضحا مما توقع المسؤولون قبل ذلك بأسابيع، ففي تلك الفترة توقع المسؤولون تجاوز إيران العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب في العشرين شهرا المقبلة؛ أملا بأن يقوم خليفته بإلغائها، وفي الأسبوع الماضي، وبناء على معلومات جديدة، توصل المسؤولون إلى نتيجة، وهي أن الإيرانيين قاموا بإعادة ترتيب استراتيجيتهم، ويحركون المعدات العسكرية تحضيرا للمواجهة”.
ويقول الكاتب إنه “من غير المعلوم إن كان هذا التحول حدث؛ لأن العقوبات الأمريكية باتت تترك أثرها الحاد على الإيرانيين، ولا يستطيعون في هذه الحالة الانتظار حتى عام 2021، أو قدروا أن ترامب سيعاد انتخابه، ويبدو أن إيران وجماعاتها الوكيلة قد تلقت الرسالة”.
ويلفت إغناطيوس إلى أنه تلقى يوم الخميس رسالة نصية من أمريكي سافر على نطاق واسع في العراق وسوريا، وقال “إنه اتصل بي نيابة عن قائد منظمة شيعية مدعومة من إيران في العراق، وبحسب هذا الوسيط، فقد أعادت القوات الشيعية موضعة نفسها للرد على التصعيدات الأمريكية، ولا توجد خطة للهجوم، فقط رد لو قامت الولايات المتحدة بمهاجمة الولايات المتحدة”.
وينوه الكاتب إلى أن لهجة زعيم المنظمة الشيعية بدت تصالحية، فقال: “هناك مساحة لخفض التوتر إن لم يرد الطرف الآخر نزاعا مباشرا”، لافتا إلى أن الوسيط الأمريكي، الذي يعرفه إغناطيوس منذ عقد، أوصل الرسالة بشرط عدم الكشف عن اسم زعيم المنظمة ولا مليشياته.
ويفيد إغناطيوس بأن المسؤولين الأمريكيين قد عبروا عن قلقهم من تعرض 5 آلاف جندي أمريكي أو أكثر لهجوم عليهم في أثناء عملهم في تدريب القوات العراقية وتعزيز الأمن، و”لهذا فإن الرسالة من قائد المليشيا تحاول تخفيف المخاوف الأمريكية”.
ويذكر الكاتب أن القوات المدعومة من إيران قد عبرت عن قلقها بعدما أسقطت المروحيات الأمريكية قنابل ضوئية قرب معسكر سبايكر، قرب مدينة تكريت، حيث تتمركز بعض المليشيات، وأدت القنابل إلى احتراق المحاصيل قرب القاعدة، واعتقد المقاتلون أنها مقدمة للعمل العسكري.
ويقول إغناطيوس: “السؤال الأكبر هو إلى أن تتجه عملية التصعيد هذا الأسبوع من الحملة القائمة على ممارسة الضغط العالي، ويشعر الإيرانيون وبشكل واضح بالضغط، ويبحثون عن طرق للرد”.
ويبين الكاتب أن “جزءا من هذا يعود إلى إعلان حسن روحاني عن إمكانية تخلي إيران عن الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، التي خرج منها ترامب العام الماضي، وأعاد فرض العقوبات من جديد على طهران، وخافت البنتاغون من أن تشمل عملية إعادة تعديل الاستراتيجية عملية عسكرية؛ أملا في دفع الولايات المتحدة للتفاوض”.
ويشير إغناطيوس إلى أن التشوش الإيراني من الموقف الأمريكي بدا عبر تصريحات سفير إيران في الأمم المتحدة لشبكة “أن بي سي”، حين سألته المذيعة إن كان روحاني مستعدا للجلوس مع ترامب والتفاوض على اتفاقية جديدة، التي قال الرئيس الأمريكي إنها هدفه، فقال: “فجأة قال: لا أحب هذا، ودعونا نجلس ونتحدث حول اتفاقية أوسع.. ما الذي يضمن عدم تراجعه مرة ثانية عن المحادثات بينه وبين إيران في المستقبل؟”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول، إن “ما كشفت عنه أحداث الأسبوع هو خطأ إيران عندما اعتقدت أن إظهار القوة سيجعل أمريكا تنسحب، وقال الجنرال ماكينزي إن أي هجوم على المصالح الأمريكية سيواجه بالقوة الصارمة”.