فاطمة المولى – ليبانون تايمز
مما لا شك فيه أن الحروبَ تترك أثراً بليغاً في النفس البشرية ، لا سيما على الطُلاب الصغارِ منهم خصوصاً، وذلك عبر ذاكرتهم التي تُجمع فيها صور الدمار ، القصف ، الاشلاء أو عيش صدمةَ فقدَ عزيزٍ أو قريب ، بالاضافة الى ثرثراتِ المحيط الذي لا يتوقف عن الإدلاءِ بالمخاوفِ أمام الصغار.
كما نلحظُ الغياب – الشبه – كلي لطرقِ الرعايةِ الصحيةِ والآمنةِ للطُفلِ للتخفيفِ من وطأةِ الحربِ عليه بالقدر المستطاع.
وخِلالَ هذهِ المرحلةِ يكتسبُ الطِفلُ العديدَ من السلوكياتِ والاضطراباتِ النفسيةِ المُتناقِضةِ منها و العِدائيةِ ، زيادة الحركة ، البُكاء، الإِنزِواءِ، الصُراخ، خفقان القلب السريع، عدم القُدرة على أداءِ المُهماتِ، كوابيس، مشاكل في الانتباه، مُعتقدات سلبية، ويترافق معها تعبيرٌ صادم: ” بابا \ ماما بدنا نموت”!؟
أما بعد إنتهاء الحرب، ما هي الاجراءات التي يجب إتِباعُها مع الطفل لمُعالجة هذه السُلوكياتِ والإضطراباتِ النفسية وتهيئتهُ للعودةِ المدرسيةِ؟
يُعاني أولياء أمور الأطفال من إقناعِ أبنائِهم بالعودةِ الى المدرسةِ وذلك نتيجةَ لعدةِ أسبابٍ منها المُكوثَ لفترةٍ طويلة في المنزلِ والإنقطاعِ عن الدِراسةِ فضلاً عن الأجواءِ التي كانت سائدة.
هُنا يجب على الأهلِ إتباعِ عدة خُطواتٍ سليمة نفسياً وجسدياً وذِهنياً لإكتسابِ الأطفالِ وإدارةِ هذهِ العمليةِ وإقناعِهم بالعودةِ المُحببةِ للدراسةِ بالإضافةِ الى ترميمِ تلك النُدوبِ العالقةِ في نُفوسهم.
بدايةً يجب إدارة المُحادثات مع الطفلِ لفَهم مشاعرهِ على نحوٍ أفضل ومُساعدتهُ على التكيفِ وكُلَ ما زادَ مُستوى الشرح وتبسيطِ الأمورِ من قبلِ الأهلِ إستطاعَ الطفلُ التعبيرَ عن ما في داخلهِ بوضوحٍ أكبر.
علينا ان نتجنب قول: “لا تبكي “
فهذهِ آليةٌ دفاعيةٌ تعبر عماَ بداخلهِ وتساعدهُ على تفريغِ عواطفه.
• يجب إشغال وقت الطفل بألعابٍ تربويةٍ هادفةٍ وكلٌ وِفق عُمره مثلا: كلمات متقاطعة – تركيب مجسم – رسم – متاهة – صنع مجسمات فنية وزخرفية – قراءة قصص – بازل.
• العاب رياضية مثل: النط على الحبل – الفوتبول – الجري – بولينغ – المشي، هذه التقنيات تساهم الى حد كبير في إعادة محاور الطفل الى مكانتها كالإنتباه – التركيز – العاب مسلية.
• عدم التحدث أمامهُ عن أمورِ الحربِ أو الذكرياتِ القاسيةِ التي تعيدُ ذاكرتهُ السلبية أو الخوف لنفسهِ.
• إِعطاء الحنان الكافي لهم من خلالِ الحُضنِ وقراءةِ قصةٍ قبلَ النومِ والتأكيد على الشعورِ بالأمانِ.
• تشجيع الطفل على تَرديد الأذكارِ الدينيةِ والسورِ القرآنيةِ القصيرةِ التي يحفظونها وذلك للإحساسِ باليقين والتوكلِ على الله وأنهم في حمايةِ الرحمانِ.
• عندما يتحدث طفلكَ عن هذه الأمورِ يجب إعطاءهُ مساحةً من الحُريةِ في التعبيرِ ، ثم تختم حديثهُ بطريقةٍ مُغايرةٍ أَنها مرحلةٌ وإنتهت وأننا سنعوضها بأيامٍ أجمل وأفضل.
• تعويدهُ على فكرةِ العودةِ الى الأصدقاءِ والحياةِ الطبيعيةِ مثل المدرسة.
• التحدث عن أهمية العلمِ والتعلُمِ وذلك لتحسينِ مستواه وتقدمهُ وليصبحَ قادراً على مُجاراة أقرانِهِ.
• حل بعض التمارينِ الصيفيةِ القديمةِ وذلك استعداداً للعودةِ.
كل هذه الأساليبِ والإستراتيجياتِ قادرةً على الحدِ من خوفِ الطفل وإعادةِ إتزانهِ النفسي ومجرى حياتهِ بشكلٍ تدريجي وطبيعي.
إن مسؤوليةَ الأهلِ كبيرةً كما المدرسةِ للتعاونِ على إعادةِ الثقةِ لنفوسِ الأطفالِ وذلك من خلالِ إستخدامِ طُرقٍ تربويةٍ سليمةٍ من أجلِ غدٍ أفضل.