على وقع تداعيات الاتفاق الذي توصلت إليه إيران مع السعودية حول استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وبرعاية صينية، تحركت بوصلة التصريحات وردود الأفعال الإقليمية والدولية، لاسيما أن الاتفاق سينهي بالضرورة حقبة أليمة من الصراعات التي كلفت المنطقة الكثير، ويدخلها في مرحلة من الاستقرار أكد عليها طرفا الاتفاق.
أنظار السياسيين والمتابعين وبعد الإعلان عن اتفاق «بكين»، تركزت مباشرة نحو ملف تطبيع العلاقات السورية- السعودية المنتظر، لاسيما أن تصريحات مسؤولي الرياض المتتابعة كشفت عن تحركات مرتقبة على هذا الصعيد، ستسمح بالضرورة بانفراجات دبلوماسية سورية- سعودية، وسورية عربية بصورتها الأشمل.
وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان اعتبر أول من أمس في تصريح لقناة «العربية» السعودية، أن الوضع القائم في سورية غير قابل للاستدامة وأن أي مقاربة جديدة ستتطلب حواراً مع دمشق، وقال: «لا بد أن نجد سبيلنا لتخطي التحديات التي يفرضها الوضع القائم فيما يتعلق باللاجئين والوضع الإنساني داخل سورية، ولذلك لا بد أن نجد مقاربة جديدة وهذا سيتطلب لا محالة حواراً مع الحكومة في دمشق، ونحن والدول العربية نعمل على الصياغات المناسبة بالتشاور مع شركائنا في المجتمع الدولي».
تصريح بن فرحان بدا استكمالاً لتصريحات سابقة له قبل أيام والتي كشف فيها أن الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن «عزل سورية لا يجدي وأن الحوار مع دمشق ضروري خصوصاً لمعالجة الوضع الإنساني هناك»، وأضاف: «الحوار ضروري وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى عودة سورية إلى جامعة الدول العربية».
على الضفة المقابلة لم يصدر عن دمشق أي تعليق رسمي على التصريحات السعودية حتى الآن، غير أن بيان الخارجية السورية الذي صدر أمس للإعراب عن الترحيب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، اعتبر أن هذه الخطوة المهمة ستقود إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وإلى التعاون الذي سينعكس إيجابياً على المصالح المشتركة لشعبي البلدين خاصة ولشعوب المنطقة عامة.
وأضاف البيان: «تتمنى سورية استمرار هذه الجهود لتشمل العلاقات بين دولنا العربية وأصدقائنا لمواجهة التحديات الكبرى التي نواجهها في عالم اليوم».
بموازاة ذلك، كشفت التصريحات التي صدرت من موسكو عن تحركات وشيكة على صعيد تطبيع العلاقات السورية- العربية وأعرب نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف عن تهنئته للأصدقاء في إيران والسعودية والصين على التوصل إلى اتفاق عودة العلاقات بين الرياض وطهران، وقال: «على الأساس نفسه نشجع أصدقاءنا في أنقرة ودمشق على تطبيع العلاقات السورية- التركية وفق مبادئ القانون الدولي، كما نحيي التوجه نحو تطبيع العلاقات العربية السورية، ونعتقد أن تطبيع العلاقات الإيرانية- السعودية سينعكس إيجابياً على مجمل أوضاع المنطقة التي تعتبر مناطق نفوذ للسعودية أو لإيران وهنا يمكن الإشارة إلى عدد من البلدان مثل سورية ولبنان والعراق واليمن».
وأشار إلى أن الاجتماع المزمع عقده في موسكو بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وسورية قد يفتح الطريق أمام لقاءات قمة يتعين التحضير لها على أعلى المستويات.
في غضون ذلك توالت ردود الأفعال المرحبة بإعلان السعودية وإيران أول من أمس اتفاقهما برعاية صينية على إعادة العلاقات الطبيعية وإعادة فتح سفارة كل بلد لدى الآخر وتبادل السفراء.
وقال وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، عبد اللـه بن زايد آل نهيان: إن عودة العلاقات بين السعودية وإيران خطوة مهمة نحو الاستقرار والازدهار في المنطقة، في حين قالت وزارة الخارجية المصرية: «نتطلع أن يسهم الاتفاق السعودي- الإيراني في تخفيف حدة التوتر في المنطقة»، في حين أعربت الخارجية الأردنية عن أملها في أن يسهم الاتفاق السعودي- الإيراني بتعزيز الأمن في المنطقة وبما يحفظ سيادة الدول.
بدورها، أعلنت البحرين تطلعها لأن يسهم الاتفاق السعودي- الإيراني في تخفيف حدة التوتر في المنطقة، في حين أكدت الخارجية اللبنانية أن الاتفاق سيترك أثره الإيجابي على مجمل العلاقات الإقليمية، وأعلنت وزارة الخارجية العراقية ترحيبها بالاتفاق لتبدأ بموجبه صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
بالمقابل أثار الاتفاق الغضب في كيان الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير، حيث استغلته معارضة رئيس حكومة الكيان لاتهامه بالفشل، معتبرة أن الإعلان عن الاتفاق بين السعودية وإيران هو بمنزلة «البصقة» في وجه نتنياهو.