تم تحديد موعد انتخابات الرئاسة في كازاخستان في العشرين من تشرين الثاني المقبل، حيث يتوقع ان تكون انتخابات استثنائية خاصة بعد تعديل الدستور، بحيث ينتخب الرئيس الجديد لمرة واحدة فقط.
وقد كان عام 2022 نقطة تحول حقيقية لكازخستان، حيث حصلت الأحداث الدامية و أرست تحولات على طول محيط السلطة بالكامل، وأثارت كل هذه الأحداث اهتمامًا كبيرًا بالإصلاحات التي تهدف الى إضفاء الطابع الديمقراطي على النظام.
وبحسب العديد من المحللين، فإن هذه الانتخابات ستساعد في قطع الصلة تمامًا بين الرئيس قاسم جومارت توكاييف و”كازاخستان القديمة”، والحصول على دعم الشعب الكازاخستاني في الوقت الحالي للبدء بالاصلاحات التي ترتكز على ثلاثة مبادئ:
“رئيسًا قويًا – برلمانًا مؤثرًا – حكومة خاضعة للمساءلة”
هذه الانتخابات تاتي بعد عدة مؤتمرات دولية تحولت عبر كازاخستان الى نقطة التقاء عالمي ومنبر لآسيا، حيث عقدت الدورة السادسة لمؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا “سيكا”، والتي تهدف إلى ترسيخ السلام والحوار بين الدول الأعضاء. وهذه القمة كانت برعاية توكاييف، وبمشاركة أكثر من 10 رؤساء دول بينهم الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى نحو 50 وفداً رفيع المستوى من الدول الأعضاء الـ27 في سيكا.
وفي اطار التسامح والسلام ايضا، انعقدت في العاصمة الكازاخية استنا ، أعمال “المؤتمر السابع لزعماء الأديان”، الذي يشارك فيه 100 وفد من 60 دولة، تحت عنوان “دور قادة الأديان العالمية والتقليدية في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء (كوفيد – 19)”. ومؤتمر “قادة الأديان” يعقد كل ثلاث سنوات لدعم “مبادرات السلام والتسامح والحوار بين قادة وأتباع الأديان” بمشاركة البابا فرنسيس وشيخ الازهر وغيرها من الشخصيات الدينية العالمية.
الاصلاحات
الكاتب والمحلل السياسي “سامر كركي” اشار في حديث الى “ليبانون تايمز” الى ان الرئيس توكاييف يحاول انتهاج نهج مختلف، وهو دعا للانتخابات الرئاسية المبكرة لضم الجميع لا سيما المعارضة في الحكم. ولفت الى ان العامل المرجح لاي استقرار بالاضافة الى الاصلاحات هو الانفتاح والتعاون مع روسيا والصين.
وردا على سؤال، اعتبر كركي بان “كازاخستان ليست دولة عادية، وهي في وسط اسيا وتملك ثاني اكبر احتياط لليورانيوم وسابع احتياط للفحم، وهي غنية بالمواد الهيدروكاربونية التي تشكل 21 بالمئة من الانتاج المحلي وهي مفترق طرق رئيسي بين موسكو وبكين، وهي مفترق اساس في طريق الحرير بالنسبة للصين، والاستقرار اساس من اجل لعب دور في المنطقة، وروسيا والصين لاعبان اساسيان في هذه المنطقة.
الانتخابات محطة مفصلية
وفي السياق، اشار الكاتب والصحافي اللبناني ايمن شحادة بأن الانتخابات في كازاخستان تشكل نقطة تحول بعد عام حافل، واعلان إنتخابات مبكرة، وما بينهما تحول كازاخستان الى وجهة دولية للمؤامرات، من قمة الاديان الى قمة “سيكا”، حيث جمعت العالم الديني ومن بعدها تحولت الى قلب آسيا الاقتصادي من خلال مؤتمر سيكا وما له من تبعات اقتصادية واجتماعية مهمة.
ورأى شحادة بأن موقع كازاخستان له بعد جيوسياسي مهم لكل من روسيا والصين والولايات المتحدة حيث يوجد تنافس بين هذه الدول الكبرى، حيث تمثل كازاخستان ركن اساسي من طريق الحرير بالنسبة الى الصين، وهي في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، بينما الولايات المتحدة تريد تعزيز هيمنتها في دول الاتحاد السوفياتي السابق.
وتمثل الانتخابات، بحسب شحادة، نقطة انطلاق الى كازاخستان الحديثة المنفتحة على التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة، وهي تعطي الشرعية للرئيس المنتخب في تثبيت الاصلاحات التي تم اقرارها من قبل الرئيس توكاييف.
في المحصلة
تنص هذه الإصلاحات الطويلة المدى على إجراء انتخابات مبكرة وهي بمثابة تفويض جديد لثقة الشعب وإعادة تمهيد مؤسسية متسقة، وتحديث الخريطة الحزبية للبلد، ونظام الانتخابات، وتجديد كبير لتكوين وأنشطة البرلمان، والحكومة، والهيئات الحكومية المحلية، واللامركزية الجزئية للسلطة، وتطوير الحكم المحلي وإضفاء الطابع الديمقراطي عليه والحكم الذاتي، وزيادة فعالية أجهزة إنفاذ القانون، وتشكيل فريق جديد من المصلحين. وتتيح فترة السبع سنوات فرصًا حقيقية لتنفيذ برامج رئيسية طويلة الأجل لإصلاح المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للحياة العامة.
العالم يشهد المزيد والمزيد من التغييرات الجيوسياسية الرئيسية. ولضمان استقرار البلاد في نظام العلاقات الدولية، من الضروري مواءمة وتنفيذ سياسة خارجية طويلة الأمد ومسار اقتصادي خارجي، مع مراعاة أزمة العالم النامي لبناء سياسة خارجية متجددة وتوحيدها في نظام عالمي جديد ناشئ، هناك حاجة أيضًا إلى وقت تاريخي معين.
داخليا عملت كازاخستان على إصلاحات جديدة في المجال الاجتماعي في إطار مفهوم “الدولة المصغية والملبية لحاجات مواطنيها”:
- حل المشاكل الاجتماعية للسكان (بناء وإعادة بناء المدارس والمستشفيات)
- تحسين رفاهية السكان (تخصيص أموال من الصندوق الوطني للادخار لاحتياجات الأطفال في المستقبل)
- إعادة ضبط الراوتب (تخفيض سن التقاعد)
- تحسين النظام الضريبي (تحديث قانون الضرائب، وإدخال ضريبة الكماليات)
- التحول الرقمي (تحديث الأنظمة الضريبية، إطلاق بطاقة الأسرة الرقمية، إدخال المحفظة الاجتماعية).