زياد الزين_ ليبانون تايمز
في زمن التحولات الهيكلية لخريطة العالم، التي ستصبح يوما ما تاريخا محفورا بصلافة الأحداث، بادرت بشغف أم الأمم التاريخية الى استعادة مجدها لتنتزعه من شرنقة جرح في الخاصرة الرخوة، تتهافت دول القارة العجوز بدعم أميركي مطلق لا سابق له لتثبيت فولاذية الحدود بغية عدم انجراف اوكرانيا مع ذوبان الجليد القطبي الروسي؛ وتطول الأزمة وتدفع بكل الثروات جذرا وفروعا، تجاه وقف امدادات الطاقة التي تعتمد في أس عناصر الانتاج والاستهلاك على الغاز ، لتعود دول الطاقة النظيفة والمتجددة الى قرون الفحم الحجري، ويطل علينا العملاق الصيني شريكا استراتيجيا في عالم الشرق الذي يعاد تشكيله. اما إيران فلها طلتها البهية في الدخول إلى هذا العالم من شاشة المباراة الكبرى كلاعب اساسي وليس كلاعب احتياط ؛ وهي تفاوض على ملفها النووي حتى قيام الساعة او زوال كل المحظورات.
مشهد قاتم من البحر الأسود وصولا الى المفاوضات غير المباشرة في البحر الأبيض المتوسط: قانا التي تواجه كاريش ما كان لها ان تحضر لولا دماء شهدائها. وليس طبعا لمرجعية التصريحات النظرية المتجذرة حتى آخر الرمق في نهاية هذا العهد. ان اشكالية ما تم عرضه ليس في افرادية كل حدث، بل بالتعقيدات الناتجة عن التداخل والتشابك في عناصر العمليات وادارتها ونتائجها من تداعيات وأزمات خانقة على مستوى العالم.
طبعا لبنان دائما المتلقف والمتلقي ولم يحسب يوما مصدرا لا لمشكلة ولا لحلول ،
لبنان الوطن أصبح لبنان الوهن وقد أدمن على الضعف منذ سنوات على التوالي وبتراكم تصاعدي، دون صدفة.
ما أريد قصده ، أنه رغم الارتباك المحلي والاقليمي والدولي؛ لهفة صدى صوت كل لبناني وموظف وعامل قابع في منزله، لا يقوى بسبب العتمة العميقة على متابعة نقل مجريات الجلسة النيابية التي خصصها الرئيس نبيه بري لمناقشة الموازنة للعام ٢٠٢٢ التي استهلكت بنودها في الشهر العاشر رغم ان المنطق العلمي الموضوعي للموازنات يستقرئ وضع المالية العامة لسنة قادمة ولا يجري مسحا رقميا لعام مضى وتكون نفقاته قد تمت عمليا وفق قاعدة ” القضم ” .
أروع ما أثلج قلوب هذه الطبقة الكبيرة والشريحة الواسعة الممتدة على مساحة كل الوطن من جميع الأطياف؛ أن رجلا مبدعا استطاع إسدال الستارة لا لإخفاء بل للتصويب على أهداف خبيثة لمجموعة من المزايدين الجدد في أطول فيلم وثائقي من الاستعراض؛ يؤكد مرة جديدة بحضوره ومطرقته حقوق الجيوب التي أفرغت عمدا. ليس طموح هؤلاء سوى العيش الكريم، ومن غيرك أيها الأمل ثابت على حقوق المحرومين.