كشفت مصادر سياسية عبر “الشرق الاوسط” بأن تأخير وزارة الطاقة ومن خلالها الحكومة في الإفادة من استجرار الغاز المصري للتعويض عن النقص في توليد الطاقة بعد أن بلغ ذروته وبشكل غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة يعود إلى ثلاثة أسباب، الأول يتعلق بعدم وجود اتفاق مع البنك الدولي لتأمين القرض المالي لتغطية التكلفة المالية المطلوبة لاستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، والثاني يعود إلى امتناع واشنطن عن إعطاء موافقة رسمية تؤكد عدم شمول استجرار الغاز بالعقوبات بموجب “قانون قيصر”.
أما السبب الثالث، بحسب المصادر، فيعود إلى تلكؤ الحكومة من خلال وزارة الطاقة في تحضير دفتر الشروط الذي يتضمن الإصلاحات المطلوبة في قطاع الكهرباء كممر إلزامي لموافقة البنك الدولي على صرف القرض المالي المطلوب بطرحه لاحقاً على التصويت من قبل الدول والمؤسسات ذات العضوية الدائمة في البنك الدولي.
وسألت المصادر، ما دام أن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا تؤكد باستمرار أن واشنطن لا تقف ضد استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن لأسباب إنسانية ولن تكون مشمولة بقانون قيصر، فلماذا لم يبادر الكونغرس الأميركي إلى تسطير رسالة في هذا الخصوص يبعث بها إلى مصر والأردن، لأن هناك حاجة إليها لقطع الطريق على شمولها لاحقاً بهذا القانون مع تبدل الإدارة الأميركية؟
واكدت أن لا علاقة لمصر بأي تأخير بخصوص الإفادة من استجرار الغاز المصري والكهرباء من الأردن، وتقول إن المشكلة محصورة بالإدارة الأميركية التي ما زالت تتردد في توجيه رسالة لكل من مصر والأردن بعدم شمولية الاستجرار لتوليد الطاقة بقانون قيصر ما دام أنه يعود لأسباب إنسانية باعتراف السفيرة الأميركية.
كما أن المشكلة، كما تقول المصادر، تعود إلى تردد لبنان الرسمي بإعداد دفتر الشروط للحصول على قرض البنك الدولي لتمويل هاتين العمليتين، والذي ينص على تشكيل هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء وزيادة التعريفة، ووقف التعديات على الشبكات والخطوط، وإعادة تأهيلهما لوقف الهدر من جراء الأعطال التي أصابتهما.
وفي السياق نفسه، لن يكون الفيول الإيراني الخلاص النهائي بقدر ما يشكّل حلاً لجزءٍ من الأزمة التي يغرق بها لبنان. ومن المفترض، بحسب مصادر “الأخبار”، أن تؤمّن كميّة الـ120 ألف طن من الفيول الإيراني 5 إلى 6 ساعات تغذية كهربائيّة يومياً إلى المناطق اللبنانية على أن تصل إلى 8 ساعات مع احتساب الساعتين الإضافيتين اللتين ستؤمَّنان من جراء التغذية من الفيول العراقي، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا العدد من الساعات مرشّح إلى الزيادة والنقصان بحسب عمليّة التوزيع والاحتياجات وفق أيّام الذروة. بالتالي، سيكون بمقدور مؤسسة كهرباء لبنان تشغيل معملَي دير عمار والزهراني ليصلا إلى شبه الطاقة القصوى لهما.
وإذا كان الأمل معلّقاً على الفيول الإيراني، فإنّ “الركلات السياسية” يُمكن أن تطيح بها في أي لحظة لأنّ الاتفاق اللبناني – الإيراني يحتاج لإنجازه توقيع مذكرات تفاهم رسميّة بين الدولتين، والأهم أن تقديم الفيول كهبة مئة في المئة لعدم تعريض لبنان إلى خطر العقوبات الأميركية عليه يُلزم مجلس الوزراء بقبول الهبة وإلا لن ترسو السفن الإيرانية في الموانئ اللبنانيّة. وعليه، فإن أي “غمزة” أميركية إلى بعض المسؤولين اللبنانيين بعدم رضاهم تعني إمكانية أن “يطير” الفيول.
وبالإضافة إلى إمكانية عرقلة سياسية، فإنّ العقدة الفنيّة التي ما زالت عالقة تكمن في كيفيّة تنفيذ عملية التبادل بين الفيول الإيراني والفيول الذي يتناسب مع المعامل اللبنانيّة. ولم تخلص المباحثات بين الوفد اللبناني والمسؤولين الإيرانيين إلى حسم الخيارات المتاحة: إمكانية قيام إيران بهذه العمليّة أو أن تترك الأمر للدولة اللبنانية بالتعاقد مع إحدى الشركات المتخصّصة.