رفع الجيش اللبناني الجهوزية العسكرية والأمنية والاستعلامية على الحدود الشمالية لمكافحة التهريب؛ خصوصاً بعد مقتل عسكري وإصابة آخر على يد مهربين عند الحدود الشمالية مع سوريا.
وأكدت مصادر ميدانية في المنطقة لـ”الشرق الأوسط” أن الأوامر صدرت لأفواج الحدود البرية بتفعيل العمليات الأمنية والعسكرية، وإقامة الحواجز وتسيير الدوريات على الحدود في البقاع شمال الهرمل وصولاً إلى العبدة شمال لبنان.
ويأتي هذا الاستنفار بعد ساعات على عملية قام بها الجيش أدت إلى اشتباكات نجم عنها مقتل عسكري وإصابة آخرين.
شرف الدين في دمشق اليوم
وتأكيداً لما اعلنه سابقاً، يزور وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، سوريا اليوم الإثنين، للقاء وزير الإدارة المحلية ووزير الداخلية. وهو قال لـ«اللواء»: أنه سينقل الى المسؤولين السوريين ورقة عمل شفوية، تتضمن خريطة طريق للعودة الكريمة الآمنة للنازحين، وامكانية تشكيل اربع لجان مشتركة لتنسيق ومتابعة عملية العودة.
واضاف: سنتفاهم مع الاخوة السوريين وسيصدربيان مشترك عن الاجتماعات. والعنوان الاساسي لخريطة الطريق هو العودة التدريجية بمعدل 15 الف نازح كل شهر، على ان تكون الدولة السورية قد انجزت التحضيرات اللازمة من مراكز إيواء وبنى تحتية وكل مستلزمات العودة، من بنى تحتية وطرقات وكهرباء ومياه شفة وصرف صحي ومدارس ومستشفيات في اقرب مكان مع تأمين وسائل نقل عام بأسعار مقبولة جدا، ومساعدة المزارعين على العودة الى اراضيهم. مع الإشارة الى ان الفكرة تقوم على مبدأ العودة الى القرى والبيئة نفسها التي نزح النازحون منها.
اضاف: ان الدولة السورية اصدرت العديد من المراسيم والاجراءات بحق السوريين في الخارج، لتسوية اوضاعهم الامنية والشخصية، وتتضمن اعفاءات وإمكانيات العودة الى وظائفهم وإلغاء الحجزالاحتياطي على املاكهم وغيرها من قرارات لتسهيل العودة. وقد بلغ عدد المستفيدين من هذه الاجراءات حتى الان 271030 مواطناً. وتمت مراسلة السلطات اللبنانية بهذه الاجراءات لإبلاغها الى المنظمات الدولية التي تتابع اوضاع النازحين لتكون على بيّنة مما تتخذه السلطات السورية لتسهيل عملية العودة.
“صفقة” لتسوية قضية المطران الحاج
على صعيد منفصل، يتجنّب القضاء العسكري التعليق على معلومات تتردّد حول «صفقة» عُلّقَ بموجبها العمل بالملاحقات القضائية الصادرة في حق راعي أبرشية حيفا النائب العام البطريركي على القدس والأراضي المقدّسة، المطران موسى الحاج، بجرم التواصل مع عملاء مُدانين فارّين إلى الأراضي المحُتلة ونقل أموال منهم إلى مستفيدين داخل الأراضي اللبنانية. سياسة الصمت التي يتبعها القضاء العسكري منذ أيّام، تنسحب على قوى سياسية «غارقة» حتى أخمص قدميها في الملف، ما يشير إلى أن شيئاً ما يجري تركيبه بعيداً عن الأضواء.
مع تكشّف تفاصيل الملف وقيام «المطران» بنقل مبالغ مالية تجاوزت نصف مليون دولار من عملاء إلى أقاربهم في لبنان، قرّرت الكنيسة المارونية الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع. فادّعت بداية أن خلفيات القضية سياسية، ورفع البطريرك الماروني بشارة الراعي السقف مطالباً بوقف التعقّبات في حق «المطران وإعادة الموجودات التي صودرت في حوزته (أموال وأدوية)، في مقابل إصرار وقف القضاء العسكري على تنفيذ إشارته باستدعاء المطران للاستماع إليه ورفض تسليم المصادرات، قبل أن تبدأ ملامح تسوية تلوح في الأفق.
واوضحت بان مشروع «التسوية» بدأ عملياً مع نصائح للبطريركية المارونية بتكليف الوزير السابق ناجي البستاني متابعة القضية مع الجهات المختصّة. وقد استفاد الأخير من مروحة علاقاته مع قوى سياسية وأمنية وقضائية على صلة بالملف، ونجح في إحداث خرق، تمثّل بتجميد التعقّبات بحق الحاج الذي ترفض بكركي مثوله أمام القضاء العسكري أصلاً، بحجة أن «الأساقفة لا يمثلون أمام القضاء» بموجب قانون كنسي خاص صادر عن الفاتيكان معترف به لبنانياً. وتم التوصل، برعاية أطراف سياسية وأمنية، إلى «خريطة طريق» لحل القضية، تبدأ بالإفراج عن المقتنيات الشخصية للمطران، كهاتفه الخلوي وجواز سفره اللذين صادرهما الأمن العام عند معبر الناقورة تنفيذاً لإشارة قضائية. وفي المقابل، تلتزم بكركي بوقف حملة المطالبة باسترداد الموجودات الأخرى كالأدوية والأموال، وتترك القانون يأخذ مجراه. وقد لوحظ أن عظة البطريرك الراعي أمس خلت من أيّ كلام عن القضاء، كما جرت العادة منذ اندلاع الأزمة في 18 تموز الماضي، ما يوحي بأن «مسار الحل» وُضع على سكة التنفيذ. وعُلم أن التسوية تنصّ على الإبقاء على الموجودات في عهدة القضاء على أن يختار لاحقاً اختيار الأسلوب الأفضل لمعالجتها.
وبحسب معلومات «الأخبار» فإن «الصفقة» تتضمّن، وقف التصعيد السياسي والإعلامي، والسماح بمعالجة هادئة لآلية عبور المطران إلى الأراضي المحتلة. ووفق المعلومات، لا تزال الكنيسة تصرّ على العبور من معبر الناقورة، وفق «قرار أمني خاص» ومذكّرة داخلية صادرة عن الأمن العام عام 2006. فيما تطرح جهات سياسية تعمل على إنهاء الملف العودة إلى الآلية التي كانت متّبعة خلال الثمانينيات بالسفر إلى الأراضي المحتلة عبر الأراضي الأردنية.
إلى ذلك، علمت “الأخبار” من مصادر أمنية أن ملف المطران الحاج لم يجرِ ختمه أو حفظه، ولا يزال مفتوحاً في انتظار ما سينتج عن مساعي التسوية، علماً أن الإفراج عن المضبوطات لا يتم إلا بعد صدور إشارة قضائية.
لا غطاء على المخلّين بالأمن في صور
وذكرت “الاخبار” بان الجيش اللبناني بدأ إجراءات خاصة لملاحقة المخلّين بالأمن في مدينة صور ومنطقتها، بعد اتصال الرئيس نبيه بري بقائد الجيش العماد جوزيف عون ودعوته إلى ضرورة تفعيل الجيش إجراءاته وملاحقة مجموعات معروفة بالأسماء، مؤكداً له أن لا غطاء من حركة أمل على أحد. وبالفعل، نفّذ الجيش عمليات دهم وأوقف رؤساء عصابات فيما فر آخرون بعضهم إلى خارج لبنان. علماً أن غالبية ساحقة من هؤلاء لبنانيون من قرى جنوبية يتزعّمون عصابات تفرض خوّات وتنفّذ عمليات سطو.
“أوساط المعارضة”: الإنقاذ يبدأ من الباب السياسي لا الماليّ
على الصعيد السياسي، قالت أوساط سياسية معارضة لـ«الجمهورية»، انّ بعض القوى السياسية في الداخل وبعض دوائر القرار في الخارج تروِّج لنظرية انّ معاناة اللبنانيين الحقيقية اليوم سببها الأزمة المالية الحادة المستجدة وغير المسبوقة، وانّ عدم معالجة هذه الأزمة سريعًا سيؤدي إلى استفحالها، فيما الانقسام السياسي ليس جديدًا ولا مستجدًا ومعالجته ما زالت مستحيلة، وجلّ ما هو مطلوب، بالنسبة لهذا البعض، إعادة الوضع اللبناني إلى ما كان عليه قبل الانهيار المالي، وهو أمر متاح، بمعنى انّ معالجة الأزمة المالية ممكنة خلافًا للسياسية غير الممكنة، وانّ المدخل لهذا الإنقاذ يبدأ مع انتخاب رئيس للجمهورية بخلفية مالية، لا سياسية، يضع كل تركيزه على الشأن المالي بدلًا من السياسي غير القابل للحل والمعالجة، وذلك إن من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أو إقرار القوانين الإصلاحية وغيرها من الخطوات التي تندرج في هذا السياق.
ورأت هذه الأوساط في خطورة هذه المقاربة، انهّا قابلة للترويج تحت عنوان الحفاظ على الاستقرار ومنع الفراغ والانكباب على معالجة الأزمة المالية، ومن خلال هذا النوع من المقاربات يواصل الفريق الحاكم إمساكه بمفاصل السلطة، علمًا انّ الأسباب الأساسية للانهيار المالي سياسية بامتياز ومردها إلى تغييب الدولة ونهب مواردها وتحميلها أعباء دويلة تشرِّع الحدود للتهريب وتعزل لبنان عن محيطه، وفساد طبقة سياسية تستفيد من واقع غياب دولة.
وذكرّت الأوساط بتجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي فُرضت عليه قاعدة الفاصل نفسها، بين ما هو سياسي وأمني من اختصاص النظام الأمني اللبناني-السوري المشترك، وبين ما هو اقتصادي ومالي وإعماري من اختصاصه، وقد أدّى هذا الأمر في نهاية المطاف إلى اغتياله، وأي رئيس يحيِّد نفسه عن القضايا السياسية سيكون مصيره الاغتيال في اللحظة التي يقرِّر فيها مقاربة هذه القضايا واتخاذ المواقف المناسبة منها، وبمعزل عن ذلك، فإنّ معالجة الأزمة من الباب المالي من دون السياسي مقاربة خاطئة تماماً.
وأكّدت الأوساط نفسها «انّ الأزمة المالية هي نتيجة طبيعية للأزمة السياسية، ويستحيل معالجة هذه الأزمة المالية من دون معالجة مسبباتها السياسية، والانهيار الذي وصلت إليه البلاد كان متوقعًا وحتميًا، ولو كان ثمة إمكانية للخروج من هذا الانهيار لكان تمكّن الفريق الحاكم الممسك بالسلطة من الخروج منه، في ظلّ سيطرته المطلقة على السلطة. وعدا عن انّ الإصلاح يتناقض مع طبيعة هذا الفريق، فإنّ التجربة أثبتت انّ الانهيار سببه تغييب الدولة، وانّ الخروج من هذا الانهيار يبدأ مع إعادة الاعتبار لدور هذه الدولة».
وشدّدت الأوساط على «انّ مقولة تجنُّب الفراغ لتجنُّب الانهيار لم تعد تصح، بعدما انزلقت البلاد إلى انهيار ما بعده انهيار، فيما لا فارق بين فراغ وبين تعبئة هذا الفراغ شكليًا من دون اي تغيير في واقع الأزمة القائمة. ولذلك، يجب الإصرار على انتخاب الرئيس الذي يزاوج بشخصه بين السيادة والإصلاح، من أجل ان يضع البلاد على طريق الإنقاذ، كما الإصرار على استبعاد الرئيس الـ8 آذاري والرئيس الوسطي ليتفرّغ للأزمة المالية، وعدا عن انّه سيشكّل غطاءً لـ»حزب الله»، فإنّ الأزمة المالية ستراوح، لأنّ الإنقاذ يبدأ من الباب السياسي لا المالي، ومن الباب السيادي تحديدًا».