أشارت صحيفة “الشرق الاوسط” الى أن المصرفي الذي اتخذه مصرف لبنان، والقاضي برفع قيمة رواتب القضاة خمسة أضعاف، رفع مستوى الاعتراض عند موظفي الإدارات العامة من جهة، والتشكيك السياسي من قبل “التيار الوطني الحر” بأغراض هذه الخطوة، رغم تأكيدات قضائية بأن هذا التدبير يسعى لإعادة الانتظام لعمل المحاكم وتأمين سيرورة المرفق القضائي في ظل تدهور قيمة رواتب موظفي القطاع العام على خلفية تدهور قيمة العملة المحلية.
وبدأت بعض المصارف في 6 تموز الفائت، تبليغ قضاة لبنانيين بارتفاع قيمة رواتبهم 5 أضعاف، حيث باتت تحتسب سعر صرف الرواتب على قيمة 8 آلاف ليرة لبنانية للدولار الواحد، علما بأن سعر الصرف الرسمي لا يزال 1515 ليرة. وتجري العملية وفق قاعدة قسمة الراتب على سعر صرف 1515 وضرب الرقم بـ8 آلاف ليرة، وهو سعر الصرف الذي تعتمده المصارف اللبنانية لسحوبات الودائع بالدولار، ما يعني ارتفاع قيمة الرواتب بـ5.3 ضعف.
واكدت مصادر قضائية لـ”الشرق الأوسط” إن بعض المصارف أرسلت لزبائنها من القضاة إشعارات بزيادة رواتبهم في هذا الشهر، مشيرة إلى أن العملية دخلت حيز التنفيذ لكنها لم تنتظم بشكل نهائي بعد “بالنظر إلى أن بعض القضاة لم يتبلغوا بعد بالقرار الجديد، وهم يتواصلون مع الفروع المصرفية للتأكد من تنفيذها”.
وكشفت المصادر إن هذا الإجراء اعتمد “بعد إضراب القضاة والمساعدين القضائيين، ما ساهم في توقيف عجلة المحاكمات في وقت سابق”، رغم أن الإجراء بات سارياً رسمياً على القضاة، لكنه لم يسرِ بعد على المساعدين القضائيين الذين نفذوا إضرابات في وقت سابق مطالبين برفع قيمة رواتبهم، ويتشابه حالهم مع أحوال موظفي الدولة الآخرين.
وارتفع راتب القاضي من نحو 7.5 مليون ليرة (التي كانت قيمتها قبل الأزمة تعادل 5 آلاف دولار وباتت الآن نحو 250 دولارا) إلى حدود الـ40 مليون ليرة (نحو 1300 دولار). وتأمل المصادر القضائية أن يساهم هذا الإجراء بتحقيق انتظام في عمل القضاء، وتأمين سيرورة المرفق العام.
ووسط معلومات عن أن الإجراء سينسحب على النواب، نفت مصادر نيابية لـ”الشرق الأوسط” أن يكون هذا الأمر وارداً، قائلة لـ”الشرق الأوسط” إن رفع رواتب النواب “غير مطروح بتاتاً وليس على بساط البحث”، مشددة على أن ما جرى “هو تدبير مصرفي محصور بالقضاة”. لكن المصادر لم تستبعد أن يتوسع في مرحلة أخرى ليطال موظفي الإدارات العامة “بهدف تأمين استمرارية المرفق العام”، مذكرة بأن سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت في العام 2017 “بدأت من القضاة، ثم تلاها أساتذة الجامعات، قبل أن تتوسع لتشمل جميع موظفي الإدارات العامة”. وأكدت إن زيادة الرواتب “تحتاج إلى قانون صادر عن مجلس النواب، لكن ما جرى أخيراً للقضاة، بدأ تطبيقه من غير صدور أي قانون، وهو ما لا يتخطى التدبير الداخلي لدى المصارف ومصرف لبنان”، مضيفة “أحياناً الضرورات تبيح المحظورات”.
والحال أن القرار المتخذ لناحية تصحيح رواتب القضاة، ليس قانوناً ولا يعد زيادة للراتب، حسب ما تؤكد مصادر مصرفية، موضحة لـ”الشرق الأوسط” أن الإجراء “هو بمثابة منحة، تمت ضمن عملية إجرائية بموجب اتفاق بين المصارف ومصرف لبنان، من غير تعديل في أصل الراتب الذي يحتاج إلى قانون يصدر عن البرلمان”. وقالت المصادر إن وزارة المال “لا تصرف أكثر من قيمة الرواتب الأصلية، لكن المصرف المركزي أوعز للمصادر بصرف الرواتب على سعر صرف 8 آلاف ليرة، ويتكفل هو بتغطية تلك الزيادات والفوارق بين ما تصرفه وزارة المال وما يتقاضاه القضاة”.
وأشارت المصادر إلى أن “مصرف لبنان ينفذ هذا التدبير، وأخذه على عاتقه بعد التنسيق مع جهات حكومية وتشريعية حيث يستحيل أن يتخذ بشكل منفرد”، مشددة على أن الإجراء “ليس تعديلاً بأصل الراتب”. وأشارت المصادر إلى أن هناك عدة تدابير في بعض الإدارات والقطاعات لتحسين قدرات الموظفين، مثل صرف مساعدات اجتماعية، أو صرف بدلات عمل ساعات إضافية، وذلك لتأمين استمرارية المرافق، وخصوصاً القطاعات المعنية بالأمن وتحصيل الإيرادات المالية لصالح خزينة الدولة.