- مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أل بي سي آي”
قارِب الموت هزَّ لبنان من أقصاه إلى أقصاه، وكاد أن يضع عاصمة الشمال على فوهة الانفجار. الخطير في مضاعفات الحادثة أنه منذ اللحظة الأولى تسابقت التغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحميل الجيش اللبناني مسؤولية ما حدث، بعض هذه التغريدات فتحَ تحقيقًا وختمه وفتَح محاكمةً وأصدر الأحكام، وكلها في حق الجيش اللبناني، في سيناريو واضح لإبعاد المسؤولية عمَّن خاطرَ وحمَّل قارِبًا يتسع لعشرة أشخاص، خمسةً وسبعين شخصًا . المهم أن الجيش بلسان قائد القوات البحرية في الجيش العقيد الركن هيثم ضناوي في مؤتمر صحافي، قال ان “المركب الذي غرق هو مركب صغير صنع في العام 1974، طوله عشرة امتار وعرضه 3 امتار والحمولة المسموح بها هي 10 اشخاص فقط”.
واذ لفت الى انه “لم يكن هناك سترات انقاذ ولا اطواق نجاة”، شدد على ان “الجيش حاول منع المركب من الانطلاق ولكنه كان اسرع منا”، وقال: “حمولة المركب لم تكن تسمح له بأن يبتعد عن الشاطىء وقائد المركب اتخذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب من الخافرة بشكل ادى الى ارتطامه”. على رغم توضيحات الجيش فإن طرابلس اشتعلت بعد انتشار رواية ان طرّاد الجيش صدم القارب، لكن منذ بعد الظهر، أرسِلت تعزيزات عسكرية من مختلف الأجهزة والقوى الأمنية ولاسيما من الجيش للعمل على تهدئة الأجواء وإعادة الاستقرار، وهذا ما حصل بالفعل وفُتِحَت كل الطرقات في المدينة، وسُحِب صاعق استغلال الحادثة . ويبدو أن محاولة الهروب من اليأس لا تقتصر على اللبنانيين، ففي تونس لقي 17 مهاجرا على الأقل حتفَهم في غرق أربعة قوارب قبالة سواحل وسط تونس، وتم إنقاذ 97 شخصا. وفي ليبيا تمكنت السلطات الأمنية الليبية من اعتراض أكثر من 500 مهاجر غير نظامي، اثناء شروعهم الإبحار من الشواطئ الليبية إلى أوروبا. في الانتخابات الفرنسية، ذكرت وزارة الداخلية الفرنسية أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 26,41% حتى منتصف النهار، أي أقل بنقطتين مقارنة مع انتخابات 2017. وكانت مراكز الاقتراع فتحت عند الثامنة صباحا بالتوقيت الفرنسي للدورة الثانية والتي سيختار فيها حوالي 48,7 مليون ناخب بين الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون ومارين لوبن.
- مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “المنار”
ظَنُّوا أنَّهم رَكِبوا اخيراً قاربَ النجاة، لم يَعلموا أنَّ مركبَهم أكثرُ تهالكاً من سفينةِ الوطن. اعتقدوا أنَّ البحرَ برحابتِه سيأخذُهم الى أرضِ الحُلُمِ بعدَ أن ضاقَ عليهم العيش، لم يُدركوا أنَّ الزورقَ الذي يُقلُّهُم أكثرُ ضِيقاً يتزاحمُ عليهِ طالبو النجاةِ من البؤسِ والفقرِ الذي استوطنَ الكثيرَ من أحياءِ طرابلس وعكار.
ولم يُدركوا أنَ تجارَ البشرِ ومصاصي الدماءِ يُقيمونَ أيضاً في البحرِ كما في اليابسة، العشراتُ حُشروا في مساحةٍ تكفي لبضعةِ أشخاص، وبحمولةٍ تزيدُ عن خمسةَ عشرَ ضعفاً من الوزنِ المسموحِ به، لا ستراتِ نجاة، ولا شيءَ من شأنِه أن يقاومَ الامواجَ المتلاطمة.
عادَ من عادَ مرغماً الى وطنِه بعدَ أن تمكنت قواتُ البحريةِ التابعةُ للجيشِ اللبناني من انقاذِهم فيما ابتلعَ البحرُ نساءً واطفالاً لم تُسعِفْهُم اياديهم الطريةُ على مقاومةِ قساوةِ البحر. وبغضِّ النظرِ عن حقيقةِ ما جرى في العمق، فانَ النتيجةَ فاجعةٌ بحجمِ الوطن، تخبرُ عن شعبٍ مقهورٍ متروك، لكنْ، الحذرُ مطلوبٌ من راكبي أمواجِ هذه المصيبةِ الذين قد يَتسللونَ لاشعالِ الفتنة، فَلْيرحموا هذا البلدَ في شهرِ الرحمةِ حيثُ بحرُ الاُنسِ الالهي المشْرَعُ لجميعِ قاصديه.
حزبُ الله عزّى بالفاجعةِ، وقال في بيانٍ اِنَ ما جرى في عُرضِ البحرِ يجبُ ان يكونَ بمثابةِ صرخةِ انذارٍ لكافةِ المسؤولينَ، مؤكداً انَ الحادثة مظهرٌ مأساويٌ للغايةِ من مظاهرِ الازمةِ الاقتصاديةِ المستفحلةِ نتيجةَ السياساتِ الخاطئةِ لعقود.
- مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أو تي في”
الجرائم كثيرة، والمجرم واحد. الجرائم كثيرة في حق لبنان واللبنانيين، والمجرم الواحد معروف ولو تمَّ التجهيل. الجرائم كثيرة في حق لبنان واللبنانيين منذ سقوط الدولة في يد الميليشيات في 13 تشرين الاول 1990، والمجرم الواحد معروف ولو تمَّ التجهيل من خلال التعميم. آخر الجرائم، غرق زورق الموت قبالة طرابلس. وهذه الجريمة طبعاً ليست بنت ساعتها، بل وليدة 32 عاماً من اللادولة، في كل لبنان، وتحديداً في عاصمته الثانية وعاصمة شماله طرابلس، التي مثَّلها سياسياً مذذاك عشرات كبار الأثرياء في العالم، فيما غالبية أهلها فقراء يعانون. وكأن الجريمة المرتكبة في حق ركاب زورق الموت لا تكفي، حتى جاء من يستمر بكل وقاحة، ومن دون أي خجل، في الانتخابات النيابية المقبلة، وكأن الوطنية فقدت والإنسانية اندثرت، وهذا ليس بغريب عن كثيرين من سياسيي لبنان ومسؤوليه، الذين دمروا بلداً بكامله، وسرقوا شعباً برمَّته، ولا يزالون حتى اللحظة، يتهربون من المحاسبة، سواء بالتدقيق الجنائي أو أمام القضاء المحلي والاوروبي، ويحاضرون بالعفَّة. رحم الله ضحايا طرابلس ولبنان، وصلاتنا على أمل نجاة الباقين من المفقودين. ولأننا على مسافة 21 يوماً من الانتخاباتِ النيابية، نكرر: تذكروا يا لبنانيات ويا لبنانيين، إنو لأ، مش كلن يعني كلن، بغض النظر عن الحملات والدعايات والشتائم والتنمر وتحريف الحقيقة والكَذب المركّز والمستمر بشكل مكثف من 17 تشرين الاول 2019. ولمّا تفكروا بالانتخابات، حرروا عقلكن وقلبكن من كل المؤثرات والضغوطات، وخللو نظرتكن شاملة وموضوعية، وساعتها انتخبوا مين ما بدكن، بكل حرية ومسؤولية. واجهوا الكل، وأوعا تخافو من حدا، مين ما كان يكون.
- مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “الجديد”
شرُفاتُ بحرِ الشمال تَفتحُ بدوامِ موتٍ ليلي، تنقّبُ عن الغائبين فيما البحرُ لا يعترفُ بالمفقودين، وليس في عُرفِه إبقاءُ المخطوفين على قيدِ الحياة. لكنّ الأزرقَ الواسع كان قِبلةَ الناسِ المزنّرة بفَقْرِ أوسع، لجأوا إليه طالبينَ الرحمة من طُغاةِ الأرض، إحتمَوا بملح وماء وقرّروا المغامرةَ معَ حيتانِ البحر على البقاءِ رهائنَ حيتانِ الشرّ على البرّ. والحصيلةُ الحزينة أَسقطت حربَ الحواصل، ووَضعتِ الانتخاباتِ برُمّتِها على زورقٍ مثقوب.
ومعَ ساعاتِ المساء، كانت عمليات البحثِ مستمرةً عن ثلاثةٍ وثلاثينَ مفقوداً من ضِمْنِ عبّارةِ الموت التي انطلقت في رحلةِ الهِجرة غيرِ الشرعية من القلمون. الطوافاتُ والزوارقُ التابعة للجيشِ اللبناني، إضافةً إلى زوارقِ الصيادين، استمرت في الضربِ برملِ البحر؛ إلا أنّ الأملَ يتضاءلُ معَ
مرورِ الوقت. أما الحصيلةُ التي رَست عليها الكارثة فكانت بوفاةِ ستةِ أشخاص، فيما نجا خمسةٌ وأربعون. والناجون اعتَقدوا أنهم نجَوا، ليكتشفُوا أنّ عودتَهم إلى حيث كانوا هي قفزٌ من المياهِ إلى النار. فهم رَجِعوا إلى حيثُ فرّوا، وأصبح عليهم التعاملُ معَ الجحيمِ اليومي الذي يَلُفُّ مدينتَهم.
وعلى سطحِ الأرض جاءت رواياتُ الناجين، ومعظمُهم قدّمَ شهادةَ مَن كاد يُصبحُ شهيداً. التقتِ الروايةُ عند اتهامٍ واحد للقواتِ البحرية في الجيشِ اللبناني، والتي حمّلوها مسؤوليةَ غرقِ المركب أثناءَ منعِ المهاجرين من إكمالِ رحلتِهم. والشهاداتُ التي توالت على عرضِ البحر، نفاها الجيش في مؤتمرٍ صِحافي وقال إنّ مركَبَ المهاجرين هو الذي اصطدمَ بخافرةِ الجيش خلالَ محاولةِ الولوج نحوَ المياهِ الإقليمية، ما أدى الى غرقِه. وتحدّثَ الجيش كذلكَ عن حمولةٍ أكثرَ من زائدة للمركب، وعن مخالفاتٍ في بُنيتِه وتسجيلِه. غير أنّ كلَ هذه الأدلة تصبحُ تفاصيل أمام زهْقِ الأرواح ودفعِ الركابِ إلى المقاومةِ للنجاة، فمِن حقّ الجيش مطاردةُ المهاجرين بطريقةٍ غيرِ شرعية لكنْ ليس للقواتِ البحرية أن تطوّقَ وتُربِكَ وتتسبّبَ بحالةِ فوضى وتدافع، ثم تبدأ بعملياتِ الإنقاذ. فلماذا وَقعت عمليةُ الطوقِ البحري، ومَن قال إنّ الهِجرةَ الشرعية لم تعُد شرعيةً بقرارٍ رسمي غيرِ معلَن؟ فطرابلس مدينةُ الأغنياء من الزعماء، تَركت أولادَها إلى مصيرِهم يبحثون عن شاطئٍ آمِن وعن أحياء خارجَ الوطن تَعترفُ بوجودِهم كشعبٍ يجوعُ ويثورُ وينتفض، تارةً يُنعت بالإرهاب وطوراً تَخطفُه أصواتُ المرشّحين كلَ أربعِ سنواتٍ مرة، قبل أن يُنسى لكأنه “صِفرٌ في الشمال”.
نعم هؤلاء هاجروا، وارتَكبوا الخطَر وغيرُ شرعيين، وتمرّدوا على كلِ ما في الدولة من حواجزَ بحريةٍ وبرية، لكنْ هل أَبقت لهم سلطتُهم طوْقَ نجاة؟ وسَواءٌ ضُرِبَ زروقُهم بقاربِ الجيش أم الروايةُ كانت عكسية، فإنّ المؤسسةَ العسكريةَ اليوم أمام تحدي إثباتِ الحقائق في كشفٍ مَبنيٍ على الصوتِ والصورة والاقمارِ البحرية إنْ وجدت، وبفتحِ تحقيقٍ عسكريٍ جاد يَقطعُ فيه الجيش الطريقَ على اللَعِبِ بأمن طرابلس الواقفِ على جبهات وكلِ الاحتمالات… فحقيقةُ مرفأ طرابلس لا يمكنُ لها أن تَذوبَ كملحِ مرفأ بيروت. أما السلطةُ الرسمية التي أَعلنتِ الحِداد، فإنّ الحزنَ وحدَه لا يكفي، وتنكيسُ الأعلام أصبح واجباً على حُكمٍ نتقبّلُ فيه التعازي.
- مقدمة نشرة أخبار تلفزيزن “أن بي أن”
كأنه لا يكفي اللبنانين الغرقُ في بحر همومهم الواسع حتى يأتيَ الغرقُ في بحر الهجرة من نار الحرمان مهما كانت توصيفاتُ الهجرة…
ستون شخصاً… وربما سبعون… وربما أكثر… رجالاً ونساءً وأطفالاً حاولوا الإفلات من جحيم بلدهم باتجاه بلاد الله الواسعة فكانت المأساة… مأساة الفقر والبحر.
نحوُ سبعةٍ واربعين شخصاً أنقذتهم القوات البحرية التابعة للجيش فيما انتشلت خمس جثث تعود إحداها لطفلة لا يتجاوز عمرها سنة ونصف سنة وتواصِلُ البحث عن مفقودين آخرين.
في الرواية الرسمية التي قدمها الجيش اللبناني أن قائد المركب حاول الهرب بعد انطلاقه من شاطئ القلمون فارتطم بزورق للقوات البحرية ناهيك عن كون حمولته كانت تفوق الحمولة المسموحة بها بخمسة عشر ضعفاً نافياً حصول أي خطأ تقني تجاه المركب.
في مقابل رواية الجيش ضخٌ لروايات بدا الكثير منها لا صدقية لها ولا تمت إلى الواقع بصلة. لكن الجيش اللبناني أكد أنه يقوم بتحقيق شفاف قائلاً إنه إذا كان ثمة أحد قد أخطأ نحاسبه.
مأساة ركاب المركب حصدت تعاطفاً شعبياً واسعاً واستنفاراً رسمياً عكسه خصوصاً الإعلان عن حداد رسمي غداً كما عكسه رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة الذين أجمعوا على ضرورة التحقيق في ملابسات ما حصل.
على أن العزاء الحقيقي في هذه اللحظات الحزينة أن يسمع جميع المسؤولين على جميع مواقعهم خاصة من هم في السلطة التنفيذية لصوت ابناء طرابلس والشمال المفجوعين بفلذات أكبادهم من أجل مقاربةٍ حقيقية تضع حداً لحرمان هذه المنطقة العزيزة وإنقاذ ابنائها الشرفاء من مصيدة الموت المجاني على ما قال الرئيس نبيه بري في بيان عزَى فيه بالضحايا.