أشارت مصادر لصحيفة الحياة أن الحريري أبلغ الرئيس عون أنه لن يستقيل من رئاسة الحكومة ولن يعتكف وسيبقى على رأسها، ولكنه سيلجأ إلى تغيير تحالفاته إذا استمر الأمر على هذا المنوال وإذا كان الذهاب بالصراع السياسي الذي يطلقه باسيل يأخذ هذا المنحى. وفي كل الأحوال هو لن يقبل بعد الآن أي مس بصلاحياته.
وتقول المصادر ل”الحياة” إن الرئيس عون استمع بتفهم إلى الحريري، وإنه أقر بأن بعض المواقف التي أطلقها باسيل لم يكن يجب أن تأخذ هذا المنحى الطائفي وأن تصل إلى هذا الحد، وأنه مصر على مواصلة طريق التعاون مع رئيس الحكومة، واعدا بالتدخل لدى وزير الخارجية للطلب إليه تهدئة خطابه السياسي. وطلب إلى الحريري لقاء باسيل بعد أن يكون هو أبلغه بملاحظاته على أدائه، لإعادة تجديد التفاهم بين “التيار الوطني الحر” وبين “تيار المستقبل”.
وأوضحت المصادر، أن الحريري لم يكن أقل صراحة مع باسيل عند لقائه به، بعد بضعة أيام، والذي انتهى إلى تأكيد رئيس “التيار الحر” حرصه على “فتح صفحة جديدة” من التعاون في معالجة الملفات العالقة على طاولة مجلس الوزراء. وهو ما عكسه الحريري في بيانه عن اللقاء حين أشار إلى أن التفاهم بين الفريقين “سيستمر قويا وفاعلا” لكن بالتعاون مع كافة المكونات الحكومية”.
والعبارة الأخيرة هي التي حكمت التحضير الذي قام به وزير الإعلام السابق ملحم رياشي للقاء رئيس الحكومة مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بعد اللقاء مع باسيل.
وفي رأي المصادر السياسية أنه مع تجديد مفاعيل التسوية بين “التيار الحر” وبين “المستقبل” وعدم تعديل التحالفات القائمة، ليس ممكنا تجاهل مفاعيل المرحلة السابقة من المشاحنات والسجالات التي دارت والتي لها أسباب سياسية عميقة تتصل بعناوين جوهرية تتعلق بمفهوم كل فريق في تطبيق اتفاق الطائف والشراكة في الحكم. وترى هذه المصادر أنه كان من الطبيعي في هذه الحال أن يجري تقويم ما آلت إليه الأوضاع السياسية بين الحريري وجعجع، إضافة إلى فتح حوار بين “القوات” والرئيس عون تولى بدايته رياشي، على أن يستكمل. لكن هذه المصادر تتلمس سعيا من الحريري وجعجع إلى تمتين التحالف بينهما وفق قاعدتين:
الأولى: أن للحريري مصلحة في أن يكون أحد الأضلع الثلاثة للتسوية التي أنتجت رئاسة العماد عون، أي “القوات”، شريكا أساسيا يمكنه أن يلعب دورا في مساعدة رئيس الحكومة على أن يمسك العصا من منتصفها في التوازنات داخل الحكومة وفي لعب دوره كرئيس للحكومة. وهذا يرتب على باسيل أن يقر بأن الجنرال عون جاء رئيسا للجمهورية بسبب تسوية مع الحريري وجعجع، بالاتفاق مع القوى السياسية الأخرى، وليس بجهد من باسيل نفسه. وفي رأي هذه المصادر أنه إذا كان باسيل يتمتع بتوقيع الرئيس عون في الأمور المتعلقة بإدارة البلد، فهذا لا يعني أن في إمكانه التصرف بإحادية في هذا المجال.
الثاني: أن التحالف بين الحريري و”التيار الحر” أثبت، على حاجة الطرفين له، أن باسيل يتصرف أحيانا بالاتفاقات التي تنجم عنه بتفرد فيعود عن بعضها أو يكتفي بمنافعها لصالح موقعه، أويستفيد منها من أجل تحسين موقعه في الصراع على الدور الدرزي في المعادلة السياسية، في شكل ينعكس سلبا على العلاقة بين الحريري ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط. فباسيل يعمل على تكبير حصته من الحصة الدرزية في السلطة بالتزامن مع محاولته مصادرة حصص الفرقاء المسيحيين الآخرين، على رغم المهادنة التي قام بها جنبلاط مع العهد بتسليفه بعض المواقف، من تسمية الوزير الدرزي الثالث في الحكومة قبل أشهر، وبوضع المعالجة لمشكلة بلدة الشويفات بين حزبه وبين النائب طلال أرسلان، لعله يلعب دورا توفيقيا في مسائل تتعلق بالساحة الدرزية التي يعمل باسيل على استغلال خلافاتها بالتسبب بمزيد من الانقسام فيها لإضعاف “الاشتراكي” وتقليص نفوذه الراجح.
ولهذا السبب يترقب الوسط السياسي ما ستؤول إليه استعادة التواصل بين الحريري وجنبلاط، لمعرفة ما إذا كانت “دوزنة” التحالف ستنطبق على علاقتهما.