نقلت
صحيفة الحياة عن مصدر سياسي معني بالجهود من أجل ترتيب العلاقات بين أركان الحكم
في لبنان وباستمرارية التسوية التي تمر في كل فترة باهتزازات وانتكاسات بين
فرقائها “أن الامتحان الرئيسي لمدى نجاح هذه الجهود في الأسابيع المقبلة هو
مدى قدرة أطرافها على التوافق على التعييينات الإدارية في المواقع الشاغرة أو التي
تحتاج إلى تغييرات في”.
وأوضح المصدر أن
السجالات التي اندلعت منذ منتصف شهر أيار الماضي، وهدأت قبل منتصف حزيران بلقاء
رئيس الحكومة سعد الحريري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في 13 حزيران ثم
اجتماع رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية جبران باسيل مع
الحريري، انتهت إلى تجديد التزام التسوية بين الجانبين والتي أطلقت التعاون بينهما
بانتخاب العماد عون للرئاسة الأولى، لكن بعض مواضيع الخلاف وعناوينها تطل برأسها
من خلال موضوع التعيينات الإدارية التي يبدو الخلاف عليها مستمرا لجهة دور كل فريق
في المواقع الإدارية الرئيسة المطلوب اتخاذ قرارات في شأنها.
ويشير المصدر
السياسي نفسه ل”الحياة”، إلى أن التعيينات تختزل عناوين أكبر منها، حيث
تعود شعارات من نوع استرداد الحقوق، وتحقيق الشراكة… التي كان التباين في
مقاربتها خلال المرحلة السابقة وراء اندلاع السجالات السياسية والتلفزيونية، إلى
الواجهة في التعاطي مع التعيينات، أصغرها وأكبرها، ما يطرح مسألة الصلاحيات داخل
السلطة التنفيذية بين الرئاستين الأولى والثالثة.
وإزاء تزايد الحديث
عن إمكان حصول تغييرات في التحالفات السياسية بفعل تكرار الأزمات بين فرقاء
التسوية، تقول مصادر مطلعة على المداولات التي جرت بين أركان التسوية إن المرحلة
المقبلة قد لا تشهد تحولات كبرى على هذا الصعيد لكن يفترض رصد تعديلات في الأداء
السياسي لهؤلاء الفرقاء، أو “دوزنة للتحالفات” خصوصا أن التأويلات
بإمكان تغيير التحالفات لا تتناسب مع الواقع الإقليمي الذي كان فرض تلاقيا بين
أطراف متباعدين في التعاطي مع الأزمات المحيطة بلبنان، بهدف تجنيبه أي انزلاق إلى
حرائق المنطقة. والمخاطر التي فرضت هذا التوجه ما زالت قائمة ولا يبدو أنها
ستتراجع.
ووفق المعطيات التي
توفرت لهذه المصادر أنه لولا استدراك التأزم السياسي الأخير لكان ممكنا الحديث عن
تغييرات في التحالفات. وتروي المصادر عن لقاء الحريري الصريح مع عون، أن الأول
أفرغ ما في جعبته من اعتراضات على ما يتعرض له من ضغوط من قبل فريق الرئاسة الأولى
وتحديدا من الوزير باسيل قائلا إن الأخير هو رئيس لحزب سياسي وليس الوزير الأول
الذي يتحكم بسياسة الدولة والذي يتلبس الموقع الأول في السلطة، وأنه يتصرف على أنه
يحظى بدعم الرئاسة ويتحدث باسمها، ويطلق مواقف تتعرض لصلاحيات مجلس الوزراء، في
محاولة فرض مواقفه، في وقت القرار لمجلس الوزراء. وذكرت المصادر
ل”الحياة” أن الحريري طالب الرئيس عون بضبط باسيل لأنه يكفي ما يعانيه
منه في عمل الحكومة، ومن انعكاسات ذلك في البيئة السنية التي لم تعد تتحمل تنطحه
إلى التحكم بسياسات الحكومة ومحاولته الهيمنة عليها وهذا يسبب صدور المواقف التي
صدرت من رموز الطائفة السنية برفض الحديث عن انتزاع الحقوق من السنية السياسية.
وأعاد الحريري عون بالذاكرة إلى ما سببه باسيل من خسائر ل”المستقبل”
بسبب التحالف معه في الانتخبات النيابية السنة الماضية. وأبلغ عون أنه أخذ قرارا
بالرد على التعرض له وبدوره. كما شكا الحريري من إصرار باسيل على احتكار الحصص
المسيحية واستبعاد سائر الفرقاء المسيحيين في وقت لا يمكن إدارة البلد بإحادية أو
بثنائية تهدر حقوق الآخرين. فالبلد لايحتمل هذه العقلية ولا يمكن الاستمرار بهذه
الطريقة.