مقدمة الـ”الجديد”
وقع لبنانُ تحتَ تأثيرِ “العواميدِ” الأربعةِ التي هَدّت هيكلَ التأليف وطَرحت في الأسواقِ السياسية “نظامَ الاستمارة”.. واملأِ الفراغَ بالكلماتِ الحزبيةِ المناسبة وبعد نهارٍ على واقعةِ حربِ الأوراقِ المُلغاةِ كانت التبليغاتُ للسفراء بهدفِ وضعِهم في أجواءِ البلدِ المأزوم غيرِ القادرِ على إنتاجِ حكومةٍ ولإصدارِ براءةِ ذمةٍ أمامَ سفراءَ عربٍ وأجانبَ كان رئيسُ الجُمهوريةِ يَضرِبُ الحريري ثُمّ “يَسبِقُه ويشتكي” ويقدّمُ أوراقَ اعتمادٍ إلى سفيرَي فرنسا والسُّعوديةِ ومنسّقةِ الأمم ِالمتحدة.. واضعاً الأمانةَ أيضاً لدى المُنظمةِ الفرنكوفونيةِ التي زارت قصرَ بعبدا اليوم. في التداول نفَت دوائرُ قصرِ بعبدا أن يكونَ رئيسُ الجُمهورية قد فاتحَ السفيرَ السًّعوديّ بأيِّ طرحٍ يتعلّقُ بالخلافةِ وبالتوجّهِ نحوَ اختيارِ اسمِ رئيسِ حكومةٍ جديد بدلاً مِن الحريري وقد أبدى السفيرُ وليد البخاري حِرصَه على ترسيمِ المَسافة.. معلنًا بدلوماسيةٍ مُتْقنةٍ أنّ المملكة تنطلقُ من مرتكزاتٍ تؤكّدُ احترامَ سيادةِ الدول وعدمَ التدخّلِ في بشؤونِها الداخلية وإذ مرّر الاشارة بأنّ زيارتَه هي بناءً على دعوةِ الرئيس ميشال عون دعا البخاري السياسيين الى تغليبِ المصلحةِ الوطنيةِ المُلحة للقيامِ بإصلاحاتٍ تُعيدُ الى المجتمعِ الدَّوليّ ثقتَه بلبنان معَ تنفيذِ القراراتِ الدّوليةِ وضِمنًا القرار رقْم الفٍ وخمسِمئةٍ وتسعةٍ وخمسينَ المتعلقِ بحزبِ الله انقضت دبلوماسياً مع البخاري.. اما في لقاءِ السفيرةِ الفرنسية فقد شرح عون الوضعَ الحكوميَّ ووضعَ آن غريو في صورةِ الإشكالاتِ التي رافقت عمليةَ التأليف.. أكد تمسّكَه بالمبادرةِ الفرنسية كمشروعٍ إنقاذيٍّ للبنان وليس كوسيلةِ سلطة لكنْ ما لم يبلّغْه رئيسُ الجُمهورية السفيرةَ غريو أنه شخصيًا قام بالغزوِ على مبادرةِ بلادِها.. فأجهزَ عليها واستبدلَها بأوراقِ لعِبٍ خرَجت مِن كُمِّ الساحر وأرسى عون منصةَ صواريخَ سياسيةً جديدةً يقصِفُ بها أيَّ رئيسٍ مكلّف، عليهِ منَ اليومِ فصاعدًا أن يُمتحنَ بعلامةِ “الخانة” وأن يُستثمرَ به في استمارةٍ صُنّفت بأنها مُمنهجة وهذا الطريقُ سيؤدّي الى أزْمةِ نظامٍ وحروبِ إلغاءٍ جديدةٍ لاسيما أنّ الرئيسَ القويّ استقوى.. وأحضرَ الرئيسَ المكلّفَ “بورقةِ جلب” مضمونُها عسكريّ.. نفّذ ثُمّ اعترض وفي ردٍّ لرؤساءِ الحكوماتِ السابقين عُقد اجتماع في بيت الوسط أبدى فيه النادي الرئاسيّ اسفَه واستغرابَه لتجاوزاتِ رئيسِ الجمهورية الدستورَ والأعرافَ وكأنّ المقصودَ إحراجُ الرئيسِ المكلّفِ لإخراجِه والاستنكارُ لجأ اليه ايضاً تكتّلُ جبران القويّ الذي اتّهم الرئيسَ المكلّفَ بعدمِ اللَّياقة، وسأله: ما المانعُ في تشيكلِ حكومةٍ مِن اثنينِ وعشرين أو أربعةٍ وعِشرينَ وزيرًا ومواقفُ التيار وبإسنادٍ من رئيس الجمهورية تسنبط قوتَها من دعمِ حزب الله الذي يقف وسَطَ الازمة منسجماً معَ انهيارِ الحل فهل هذا المسارُ ينسجمُ وخطوطاً دَوليةً وإقلميةً تشهدُ على انهياراتٍ مماثلة؟ فالجانبُ الحوثي في اليمن رفض كما في لبنان الحلَّ الذي عرضته السعوديةُ.. ونوابُ العراق المدعومون من ايران رفضوا اقرارَ الموازنة وعلقوها وفي لبنان فإن الحلّ ينتظرُ اتفاقاً ايرانيًا اميركيًا .. فإذا عادت طهرانُ الى الخمسة زائد واحد تصبحُ الأعدادُ الوزاريةُ في بيروت مجردَ تفصيل .
********
مقدمة الـ”LBC”
بعد “الإثنين الأسود” عاد البلدُ إلى النفق المجهول، وعاد الشللُ إلى الحركة السياسية ومساعي التقريب، ولولا زيارة السفير السعودي لرئيس الجمهورية واجتماعُ رؤساء الحكومات السابقين في بيت الوسط، لأَمكَنَ القول: البلاد دخلت في غيبوبة..
زيارة السفير السعودي لقصر بعبدا، لافتة في توقيتها وفي مضمون الكلمة التي ألقاها إثر اللقاء… صحيح ان هذا اللقاء جاء إثر دعوة نقلها المستشار الرئاسي سليم جريصاتي، لكنه جاء إثر انهيار أحدثِ مساعي تشكيل الحكومة.
اللقاء الذي دام قرابة النصف ساعة، ألقى إثره السفيرُ السعودي كلمة مكتوبة بدا واضحًا أن تعابيرها اختيرت بعناية فائقة: ذكَّر بقرارات مجلس الأمن الدولي 1701 و1680 و1559 والقراراتِ العربية والدولية ذات الصلة من أجل الحفاظ على إستقرارِ لبنان وإحترام سيادتهِ ووحدته.
نشدّد بأن اتفاق الطائف هو المؤتمنُ على الوحدةِ الوطنية وعلى السلمِ الأهلي في لبنان، قال السفير السعودي. أكد التضامنَ مع الشعب وطالب بالإسراع في تأليف حكومة وحضَّ على تنفيذ إصلاحات ٍ جذرية…
ذا في الموقفِ المكتوب والمختارة ِكلماتُه بعناية فائقة…
جوُّ اللقاء، ووفق مصادرَ اطلعت عليه، كان مريحًا وأكد فيه السفير السعودي على سيادة البلد وعدم ِ التدخل في شؤونه الداخلية، ما يُفسَّرُ على أنه قرارٌ بعدم التدخل في ملف تشكيل الحكومة، وأنَّ الموقفَ السعودي على ما كان عليه قبلَ الزيارة.
موقف رؤساء الحكومات السابقين جاء عالي السقف: إعتبروا أن تصرّفَ الرئيس عون تجاوزَ أحكامَ الدستور وكأن المقصودَ إحراجُ الحريري لإخراجه.
واعتبروا أن الكرة َاليوم عند الرئيس عون والأمرَ متروك له والاستقالة َ من مجلس النواب غيرُ مطروحة حالياً.
اللافت في هذا الجو غيابُ أي مسعى داخلي او ديبلوماسي وكأنه تُرِكَ للمعنيين أن يُقلِّعوا أشواكَ العراقيل بايديهم، مع العِلم أن هذا المنحى محكومٌ عليه مسبقًا بالفشل…
وفي الخلاصة “سارحة والرب راعيها”، ولهذا فإن البداية من مكان آخر: من مستشفى تحوَّل إلى معتقل، ومن مريض تحوَّل إلى رهينة كأنْ لا يُطلَقُ إلا مقابلَ فدية، وهذه الفدية هي كلفة العلاج وهناك جدلٌ حول حقيقة قيمتها.
********
مقدمة الـ”OTV”
بعدما باتت من الماضي أيُّ تشكيلة حكومية تتجاوز الدستور والميثاق والمعايير الواحدة ومبدأ الاختصاص، عادت كل الأسئلة اليوم لتتجه إلى المستقبل، لمعرفة ما سيحمله من تطورات بعدما وصلت عملية التأليف إلى حائط مسدود.
وفي هذا السياق، ظلَّ قصر بعبدا محطَّ الأنظار، حيث برز بعد الظهر استقبال الرئيس ميشال عون للسفير السعودي وليد بخاري، الذي أكد أن المملكة لطالما أعلنت وقوفها وتضامنها مع الشعب اللبناني في وجه كل الازمات، مشدداً بشكل خاص على ضرورة الاسراع بتأليف حكومة قادرة، ودعوة جميع الافرقاء السياسيين الى تغليب المصلحة الوطنية العليا، من منطلق الحاجة الملحة للشروع الفوري بتنفيذ اصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان. وحرُص السفير السعودي على التشديد على أن اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الاهلي في لبنان.
وفي قصر بعبدا ايضاً، السفيرة الفرنسية آن غرييو، التي شرح لها الرئيس عون الاشكالات التي رافقت مراحل تشكيل الحكومة، مؤكدا تمسكه بالمبادرة الفرنسية كمشروع انقاذي للبنان.
وفي الموازاة، كان تجمع رؤساء الحكومة السابقين يعقد اجتماعاً في بيت الوسط، أيد موقف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وفي انتظار بلورة مشهد جديد على مسار تشكيل الحكومة في ضوء المعطيات الجديدة، شكل اقرار اقتراح قانون استعادة الاموال المنهوبة في اللجان المشتركة مؤشراً إيجابياً يبنى عليه، ولفت النائب ابراهيم كنعان في هذا السياق إلى أن ما أقر هو اقتراح القانون الذي تقدم به تكتل لبنان القوي مع اقتراحات اخرى، مع الأخذ بالملاحظات المقدمة.
ماذا يعني كل ما سبق؟ عملياً، أمر واحد، وهو أنَّ ما جرى أمس ليس النهاية، بل يمكن أن يتحول بداية لحل منتظر، إذا صُحح المسار، وعاد المعنيون إلى التزام نص الدستور وروحه، إلى جانب التوجهات الأساسية المعروفة للمبادرة الفرنسية في شأن لبنان.
********
مقدمة الـ”المنار”
نزالٌ غيرُ دبلوماسيٍ بالامسِ اعادَ الملفَ الحكوميَ الى قعرِ الأزمة، فماذا عن الحراكِ الدبلوماسي اليومَ على خطِ قصر بعبدا؟
لا جديدَ محلياً يُخرجُ المشهدَ عن ضبابيتِه، ولا نوايا باختلاقِ الحلولِ على ما يبدو، فيما بدا حضورُ السفيرينِ الفرنسي والسعودي الى القصر الجمهوري كمَلءٍ للفراغِ المحلي، معَ لازمةِ الدعوةِ الى ضرورةِ تشكيلِ حكومةٍ قادرةٍ لتحقيقِ الاصلاحات. ومن منبرِ بعبدا تمسكَ السفيرُ وليد البخاري باتفاقِ الطائفِ كضامنٍ للوحدةِ الوطنيةِ والسلمِ الاهلي، وهو العائدُ الى قصرِ بعبدا بدعوةٍ رئاسيةٍ كما قال، بعدَ انقطاعٍ طويل..
صاحبُ الباعِ الطويلِ بالخرابِ اللبناني عادَ لينعقَ من جديد، انه مساعدُ وزيرِ الخارجيةِ الاميركي السابق ديفد شينكر الذي بشرَ اللبنانيينَ بعودةِ داعش، ودعاهم الى تشكيلِ حكومةِ وحدةٍ وطنيةٍ بعدَ ان كان المعطلَ لمسارِ التأليفِ والمحرضَ ضدَ كلِّ تقاربٍ لبناني. ولم ينسَ الدبلومسيُ الاميركيُ ان يكونَ شيطانَ التفاصيلِ بوصولِه الى الثلثِ الضامنِ وتصويبِه على التيارِ الوطني الحر وحزبِ الله..
ولكلِّ المصوبين والمحرضين، كان جوابُ قيادتي حزبِ الله وحركةِ أمل أنَ علاقَتَهما أكبرُ من كلِّ الواهمين المحليين والخارجيين، وانَ وحدتَهما فوقَ كلِّ المشككين، لقاءٌ جمعَ المعاونَ السياسيَ للامينِ العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ومسؤولَ وِحدةِ الارتباطِ والتنسيق الحاج وفيق صفا بالمعاونِ السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل ومستشارِ الرئيس نبيه بري الحاج احمد البعلبكي أكدَ على التنسيقِ في كلِّ الملفاتِ والتأكيدِ على استراتيجيةِ العلاقاتِ ومتانتِها التي لن يقوى عليها شيء..
شيءٌ من التحذيرِ رفعتهُ المنظماتُ الدوليةُ حولَ الامنِ الغذائي في لبنان، فسبعونَ بالمئةِ من الشعبِ اللبناني لا يتقاضى أكثرَ من ثلاثةِ دولاراتٍ يومياً بحسبِ البنكِ الدولي، ولبنانُ مهددٌ بانعدامِ الأمنِ الغذائي لمعظمِ سكانِه، وحالُه كحالِ الصومالِ وسوريا واليمنِ بحسبِ منظمةِ الفاو التابعةِ للاممِ المتحدة. فهل الامورُ ما زالت تحتَ السيطرةِ عندَ حاكمِ مصرفِ لبنان؟ وهل تشكيلُ الحكومةِ يحتاجُ الى التمعنِ بالمشاوراتِ بحسبِ السياسيينَ المعنيين؟..
********
مقدمة الـ”NBN”
الواقع السياسي في الحضيض، والملف الحكومي في “خبر كان”… إنه مشهد محزنز.!
كان اللبنانيون المألومون يُمَنّون النفس بتصاعد دخان أبيض حكومي من اللقاء الثامن عشر بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لكن رياحه جرت بما لا تشتهي السفن… بفعل لغة التخاطب ومضمون الرسائل وتعبئة الجداول والثلث المعطل.
وبَدَلَ أن يُرسي اللقاء أسس اتفاق على تشكيلة حكومية، انتهى إلى حرب بيانات ووثائق وأوراق ومستندات، كان من شأنها كسر الجرّة بين الرئيسين.
وربطاً بتطورات الملف الحكومي سُجلت بالتوازي لقاءات في بعبدا وبيت الوسط.
الى القصر الجمهوري حضر السفيران الفرنسي والسعودي بطلب من الرئيس عون الذي شرح الاشكالات التي رافقت مراحل تشكيل الحكومة، وفي بيت الوسط إجتمع رؤساء الحكومات السابقين دعماً للحريري وحفاظاً على صلاحيات رئاسة الحكومة ورفضاً لتجاوز الدستور.
ويبقى كسر ظهر المواطنين الموجوعين، خارج دائرة الإهتمام علماً بأن بلدهم بات واحداً من أربع دول عربية مهددة بانعدام الأمن الغذائي وفق تقرير للفاو وبرنامج الإغذية العالمي. صحيح أن تشكيل الحكومة لن يأتي سريعاً بالترياق لمواجهة السموم السارية في جسد الوطن المنهك، لكنه بلا شك يفرمل على الأقل الإنهيار المتسارع في السياسة والاقتصاد والمال والمعيشة.
أما النقد فحدث ولا حرج، وقد ارتفع سعر صرف الدولار الواحد إلى أكثر من أربعة عشر ألف ليرة قافزاً نحو ألفي ليرة خلال أقل من أربع وعشرين ساعة، غير عابىء بمنصة إلكترونية ولا من يحزنون.
********