د. سامر ماهر عبدالله – ليبانون تايمز
إتضح مع بدء ولاية الرئيس الأميركي الجديد بايدن أن هناك نهجا أميركيًا جديدا يسعى لمقاربة أزمات المنطقة بصورة معاكسة – وفي أكثر من جانب – لتوجهات الرئيس السابق ترامب .
فإدارة بايدن لا تخفي رغبتها في العودة إلى الإتفاق النووي مع إيران بشروط جديدة.
وفي المقابل فإن إيران على أتم الإستعداد للحوار مع واشنطن ضمن الأسس السابقة، بشرط أن يكون خلافا لمنطق الإستسلام الذي حاول ترامب فرضه، سيما وقد إتضح أن طهران قادرة على الصمود بوجه العقوبات لفترة أطول ودون أن تفرط بأوراقها الإستراتيجية، مع استمرارها في تخصيب اليورانيوم، ومع تزايد قدرتها على تطويق اسرائيل وتقليص قوة ردعها.
لا يخفى على أحد أن العودة الى التفاوض مع ايران ستجري وفقا لأسس جديدة – وهذا مع تعرفه واشنطن وطهران – لأن عوامل كثيرة قد تغيرت في السنوات الأربع الأخيرة، أبرزها ما يلي :
١- فشل الحرب الاقتصادية في تركيع ايران والمقاومة في لبنان، مما يعني أن واشنطن قد فقدت إحدى أوراق قوتها الأساسية.
٢- فشل الحرب الارهابية ضد المنطقة وخاصة ضد سوريا، في ظل تقارير عدة عن إستعادة الجيش السوري لقوته العسكرية، بل ومضاعفتها، مع الاستفادة من تقلص العمليات الحربية على الجبهات، ومع الخبرات المعقدة التي راكمها في قتاله منظمات ارهابية خطيرة تقف خلفها أكبر أجهزة المخابرات في العالم.
٣- التفويض الاميركي لدول الخليج -وتحديدا للمملكة العربية السعودية – في المسألة اليمنية قد شارف على نهايته. لذا، فإن إدارة بايدن مضطرة لادارة ملف اليمن مباشرة، وهذا يستلزم التعاطي المباشر مع الحوثيين تمهيدا لتسوية تقفل هذا الملف الذي – في جانبه الانساني – يربك واشنطن وأوروبا .
٤-ستحاول إدارة بايدن إعادة الفلسطينيين والاسرائيليين إلى طاولة المفاوضات، رغم أن ترامب قد كرس أمرا واقعا شاذا تمثل في نقل السفارة الاميركية لدى اسرائيل من تل ابيب إلى القدس.
ومن المؤكد أن تحريك المحكمة الجنائية الدولية البارحة لملف جرائم اسرائيل في الاراضي المحتلة قد أتى بضوء أخضر أميركي من أجل “ضبط ” نتنياهو وترويضه.
طبعا، الملف الفلسطيني شائك، وإن نجحت المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، سيكون هناك حتما موقف وطني فلسطيني يرفض التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني.
٥- هناك سعي أوروبي وفرنسي تحديدا لمقاربة الحوار مع إيران بصورة يتم من خلالها اشراك السعودية في التفاوض كعامل أساسي.
فالفرنسي يعتبر أن هناك عيبا طال الاتفاق السابق مع ايران تمثل في تجاوز وتهميش حلفاء الغرب وخاصة دول الخليج العربي .
يبدو أن الإيراني مستعد أيضا لإشراك دول الخليج من أجل إنجاح التفاوض مع الغرب. غير أن هناك عقبة أمام ذلك تتمثل في كون مشهد العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة لم يكتمل بعد في ظل إدارة بايدن وسبب ذلك ما يلي :
١- ملف الصحفي السعودي جمال الخاشقجي كونه كان مقيما في الولايات المتحدة الأميركية.
٢- ملف الخلاف السعودي – القطري وان كان قد جرى ترميمه مؤخرا .
٣- الملف الداخلي السعودي.
إن لبنان ليس خارج كل المقدمات السابقة، لأنه على خط النار مع فلسطين المحتلة، وهو جزء لا يتجزأ من معادلات المنطقة. إلا أن نقطة ضعف لبنان هو فشله السياسي والإقتصادي، وهو بحاجة إلى قيادة ليواكب ما يجري في المنطقة.
فلبنان إن بقي دون مؤسسة قرار فاعلة سيتشظى، سيما أن واجهته البحرية ليست بعيدة عن أطماع الدول التي تتنافس على المتوسط ، وخاصة تركيا وفرنسا.