أزمة النفايات والتي اعتادتها أعيننا بين فترة وأخرى، عادت من جديد هذه المرة “معطرة” بخطر كورونا. أطنان من النفايات المنتشرة في شوارع المتن وكسروان منذ أيام عدة من دون تحرك أي مسؤول، وسط صرخات متعهد مطمر الجديدة بأن المطمر استقبل أكثر من 120 ألف طن زيادة عن طاقته ولا يمكن رفع قدرة المطمر الحالي من دون أي دراسة، وإلا نحن أمام كارثة انهياره.
المطمر الذي استقبل كميات كبيرة من ردميات انفجار مرفأ بيروت، وصل بالأصل في 30 نيسان إلى قدرته الاستيعابية، حينها قررت الحكومة رفع المطمر متراً ونصف المتر، وفي منتصف أيلول الماضي، عادت ادارة المطمر وأبلغت الدولة بأن القدرة الاستيعابية الجديدة استنفدت، وبحاجة إلى خطة بديلة، فقررت الدولة حينها، استحداث خلية بمساحة 40 ألف متر مربع، وقد تقدّم المتعهد بعرضين: الأول بالليرة اللبنانية على سعر المنصة أي 3900، والثاني بقيمة 18 مليون دولار، لتبلغ وزارة المال اليوم موافقتها على مبلغ 18 مليون دولار (يرجح أن يكون شيكاً مصرفياً) وعليه فهي أنهت كل المطلوب منها والأمر يعود إلى مجلس الوزراء ومجلس الإنماء والإعمار.
“نحن في قلب الكارثة”. بهذه العبارة يشرح مدير المشروع توفيق قزموز لـ”النهار”، الوضع في المطمر ورغم موافقة الدولة على العرض المقدم، فإن المطمر الجديد بحاجة الى شهرين لاستقبال النفايات، مطالباً بتقديم دراسة عن كيفية استقبال المزيد من النفايات في المطمر القديم، خصوصاً أن المطمر يستقبل يومياً ألف طن وقد استقبل حتى نهاية كانون الأول 80 ألف طن.
وبشر قزموز الى أن المطمر سيعاود فتح أبوابه لاستقبال النفايات، إلا أن المشكلة تكمن في طريقة الاستقبال وهل سيتم رفع أمتار اضافية لحين الانتهاء من أعمال التوسعة؟ وشبّه الوضع بـ”منزل مؤلف من طابق، وقررت بناء عدة طبقات بدون أي دراسة، وهو الحال في الجديدة مع ارتفاع 19 متراً”.
إغراق 40 ألف متر مربع جديد بالنفايات هي الخطة التي أوجدتها الدولة للتخلص من نفاياتها، وحتى انتهاء العمل بالمطمر الجديد فإن المطمر الحالي معرض بالطبع لأي كارثة قد تحصل، خصوصاً وأن المتعهد يقر بأنه لا يمكن البدء بالاستفادة من المطمر الجديد قبل شهرين.
وبعيداً عن طريقة تأجيل المشكلة، فإن شوارع المتن وكسروان بدأت تختنق بأطنان من النفايات، خصوصاً في الأحياء الداخلية لترتفع معها صرخة الأهالي بضرورة ايجاد حل، ولسان حالهم يقول: “كورونا ببيوتنا وزبالة على الطريق، ما بقا فينا نحمل!”.
رائحة النفايات المتخمرة على الطرق تختلط بزينة رأس السنة والآف الكمامات المرمية عند كل زاوية. الخطر يستدركه الأهالي، ففي كل شارع هناك اصابات بكورونا وبالطبع فإن للمنازل نفاياتها تخلصت منها عبر رميها في المكب.
ومع الارتفاع الكبير لإصابات كورونا وصرخة المستشفيات وانهاك الطاقم الطبي، سنكون أمام كارثة صحية أخرى نتيجة تلك النفايات، لكم مثلاً أن تتخيلوا شارع فيه العديد من الإصابات بكورونا تحتله النفايات الملوثة.
العديد من نواب وأهالي المتن رفضوا في السابق توسعة المطمر دون إيجاد حل دائم، خصوصاً أن مطمر الكوستابرافا بالكاد يستطيع تحمل طمر النفايات المخصصة له، معتبرين أن المشكلة الأساسية بطريقة معالجة النفايات في لبنان عبر شراء الوقت والاستفادة قدر الإمكان من الطمر دون الذهاب الى حلول جذرية عبر إنشاء معامل فرز أو تشغيل بعض المعامل المقفلة.
حشرت الدولة المواطن والمتعهد بالزاوية حتى اللحظة الأخيرة لتقرّر الموافقة على توسعة المطمر رغم أن صرخات إيجاد حل بدأت منذ العام 2015 وما تلتها من تحركات شعبية وصلت حينها صور نفاياتنا إلى العالمية، وبالطبع ستتصدر أخبار مجدداً الشاشات رغم إيجاد الحل المؤقت من قبل سماسرة النفايات.