بتول فواز- خاص ليبانون تايمز
بعد عام على استقالته من رئاسة الحكومة، عاد سعد الحريري اليوم رئيساً مكلفاً لتشكيل حكومة جديدة، مهمتها الأساسية تطبيق الإصلاحات التي تضمنتها المبادرة الفرنسية، وذلك لضمان الحصول على دعم من المجتمع الدولي، بغية وضع حد للانهيار الاقتصادي.
على الرغم من اعتراض عقبات عدة لعملية التأليف لناحية عدد الوزراء، أو مبدأ المداورة بين الحقائب، يُحسب للحريري إصراره على التمسّك برئاسة الحكومة، وإن طالت مدة المشاورات، طمعاً بتحقيق نتائج ايجابية في عملية التأليف.
النوايا بعدم العرقلة كانت حقيقية لأطراف، ولأطراف أخرى كانت حبراً على ورق، فهناك من يرى أفضلية في حكومة الـ20 وزير، والحريري ارتأى أن حكومة الـ18 المؤلفة من اختصاصيين مقربين من القوى السياسية هي الأفضل، لكن الاجماع حتمي بأنها ستكون “حكومة مَهمّة”.
في هذا الصدد، أكد المدير العام للمجلس الاقتصادي الاجتماعي الدكتور محمد سيف الدين في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، أنه “أولى الخطوات الإصلاحية التي يمكن للحكومة البدء فيها هي الشروع بتنفيذ القوانين الـ٥٤ الصادرة عن مجلس النواب، فضلاً عن امكانية تنفيذ خطوات عملانية مباشرة، أهمها اتخاذ اجراءات صارمة تتعلق بمواجهة كورونا من جهة، واعادة تشغيل العجلة الاقتصادية من جهة ثانية، وهي اجراءات لا يجب أن تكون متناقضة اذا ترافق التخطيط لها بالوضوح والجدية”.
وتابع سيف الدين “ليس هناك خياراً آخراً غير الالتزام بالاصلاح وخطوطه العريضة التي تم الاتفاق عليها في قصر الصنوبر، بصرف النظر عن التفاصيل، ضبط مالية الدولة، واستعادة الثقة بالدولة من جهة، وبالقطاعات الحيوية كالمصارف من جهة ثانية، هي اولويات قصوى اليوم، اذا لم تتمكن الحكومة من فعل ذلك فإنها لن تستطيع جذب أية استثمارات أو تدفقات مالية ضرورية اليوم من الخارج”.
وعن المعطيات الاقتصادية بالأرقام، علّق سيف الدين “أرقام الاقتصاد الوطني اليوم كارثية، لا يمكن تعدادها لأنها كثيرة جداً ومتحركة، هذه معطيات عامة، أما الارقام التي تكتسب معانٍ خطرة، فهي التي أعلنها البنك الدولي قبل اسابيع قليلة، نسبة فقر تتخطى 70%، انكماش اقتصادي ونمو سلبي اقتصادي بنسبة 25%، بالاضافة إلى انخفاض القدرة الشرائية وقيمة الليرة بنسبة هائلة.
وعمّا اذا كانت الخطة المُعتمدة من قِبل الحكومة صالحة للتطبيق أكثر من 6 أشهر، شدد المدير العام للمجلس الاقتصادي الاجتماعي على أنه ” ليست المسألة أن الخطة لا تطبق الا لستة اشهر، لكن تحديد المدى الزمني كان ضرورياً للاشارة إلى الجدية في الاصلاح واستعادة الثقة، كما لصعوبة الوضع الذي وصلنا اليه والذي يتطلب سرعة في الاستجابة”.
وعن مدى امكانية تثبيت سعر صرف الدولار، أردف “لا علم لدي بأية نوايا لتثبيت سعر الصرف، السعر يتأثر بقواعد السوق، لكنه يتأثر بصورة شديدة بالثقة بالدولة وبالاقتصاد، وهذا بدوره يتأثر بالخلافات السياسية، الليرة يمكن حمايتها بصورة مستدامة من خلال كفاءة الاقتصاد وليس من خلال التدخل الدائم في السوق”.
ينتظر الحكومة المرتقبة تحديات صعبة، والضبابية ستزول عن المشهد اللبناني حتماً عندما تتساهل جميع القوى السياسية تذليلاً للعقبات كافة، لكن تبقى المعوقات المرتبطة بالاقتصاد والمال صعبة وتحتاج إلى جهود كبيرة ومواكبة ودعم دوليين.