نورا علي اسماعيل- ليبانون تايمز
ينمو الطفل بين ربوع اسرة يأخذ منها كل ما يحتاجه ويتمناه ليصبح شخصية في المجتمع تمتلك المسؤولية والارادة لاكمال المسير في نهاية المطاف وحده، فتعتبر الأسرة عامل اساسي في تنشئة الطفل وتربيته توعيته بكافة الأصعدة النفسية والاجتماعية والعقلية، فهي التي تحدد أسس مراحل طفولته الأولى ليمتدّ معه لاحقًا عبورًا بمرحلة المراهقة أو البلوغ ومرورًا بالمراحل اللاحقة.
لكن هناك أحداث تحصل أحياناً يمكنها أن تقلب الموازين رأسا على عقب، وأن تجعل كل ما تم تعليمه يذهب سدى، المشاكل الأسرية التي تحدث بين الأبوين تؤثر سلبًا على نموّ الأولاد وتستمرّ آثار تلك النتائج لاحقًا في المراحل الحياتية المتقدمة، فتنعكس على الطريقة التي يتعامل بها الفرد مع كل من يصادفه وتتغير الطريقة التي ينظر بها إلى الآخرين والعلاقات الاجتماعية.
في هذا السياق، أكدت الأخصائية في علم النفس العيادي مهى جفال، في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، ماهية المشاكل التي تحصل مع الاطفال في حال حدوث مشاكل الأهل أمامهم، أبرز ما تطرأت إليه كان اضطرابات في النموّ الهام للطفل، نظرًا لأنّ تلك المشاكل تؤثر بقوة على الطريقة التي يتطوّر بها دماغه، مشيرة الى “أنه يؤدي الى الضغط والتوتر والقلق والصعوبات النفسية كما العدوان اللفظي مثل السب والشتم والتهديد أو الاستصغار والتحقير، العدوان البدني مثل الضرب ، كما العدوان الصامت مثل التجنب والإهمال والابتعاد، الامر الذي ينشأ الاكتئاب عند الطفل”.
كما أكدت جفال أن “الخوف من المستقبل يصبح جزء لا يتجزأ من حياة الطفل، أما المراحل الأخرى التي قد يمر بها فتكسبه اضطرابات سلوكية، أو قد يتطوّر الى اضطرابات في النوم والأكل وبعض المشاكل الصحية والنفسية، التي تنعكس على علاقاتهم بالآخرين وعلى قدراتهم التعليمية والأكاديمية في المدرسة”.
وأشارت جفال الى ان الأمر لا يقتضي هنا بل يمكن تسريع الوصول لسنّ البلوغ في وقتٍ أبكر من المعدّل الطبيعي المتعارف عليه بين أقران الطفل، والبلوغ المبكّر، خاصة عند الفتيات، يكون محملا بالعديد من المشاكل النفسية والاجتماعية، بما في ذلك الاكتئاب الناتج عن عدم القدرة على إدراك التغير المفاجئ في سنّ أصغر من اللازم، اضافة الى انعدام الثقة بالعلاقات والخوف من انشاء أسرة او التفكير في تأسيس حياة عائلية، وذلك بسبب انعدام الشعور بالأمان واضطراب الجهاز العاطفي.
ولفتت جفال الى أن “جميع هذه الأسباب تلعب دورا اساسيا في تردي الأوضاع الاجتماعية والانحطاط في تقدم المجتمع لان الهرم الأساسي قد نقل صورة سلبية عن العائلة وأعطى مثالا حي بشكل مضطرب مما انتج تراكم المشاكل والانحرافات السلوكية التي نراها في معظم أولادنا ان كان على الصعيد الاجتماعي او الجسدي او المدرسي او النفسي” مؤكدة “أن أولادنا هم مرآتنا الوحيدة للخارج علينا أن نعطي هذه المرآة تصورا سليما وواعيا في كيفية انشاء روابط اسرية متماسكة تعمل على حل مشاكلها بوعي ودراية عما سينتج عنها لاحقاً”.
كثير من الأهالي لا يأبهون للحالة النفسية التي يمكن أن يتسببوا بها في حال ظهرت كافة المشاكل أمام أطفالهم، رغما عنهم أو لا هم يقتلون أحلاما لدى الأطفال، وكل ما يمكن أن يحتاجه الطفل للقيام بخطواته الأولى واكمال المسير، فمنذ الولادة على الأهل الفصل بين المشاكل المتعلقة بهم وحياة أطفالهم، لإبقاء الشعور بالأمان والطمأنينة معهم.
لاستكمال فكرة أهمية الأسرة، والروابط التي تنشأ عنها، واعطاء أسس الاحلام الصحيحة للطفل، واجب الأهل تقديس مبدأ العائلة، لتكون كقصيدة شعر بين أولادهم تبعث بينهم حب الحياة والأمل، وغدٍ أفضل..