في الوقت التي تتزايد أعداد إصابات كورونا بشكل مرعب، تعلّق الآمال على لقاح قد يصبح متوافراً قريباً وفق الأخبار التي يتم تداولها وعلى مناعة القطيع المنتظرة حيث تصبح المناعة ضد الفيروس متوافرة لدى النسبة الكبرى من الناس. فهل علينا أن نعيش حالياً حالة الترقب هذه بتفاؤل بانتظار أن تتحقق الآمال بنهاية قريبة للفيروس؟ في حديثها مع “النهار” تحدثت الطبيبة الاختصاصية في الأمراض الجرثومية في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية-مستشفى رزق الدكتورة رولا حصني سماحة عن الواقع في لبنان حالياً وعن طبيعة الفيروس بعد اشهر على ظهوره وما إذا كان من المجدي انتظار لقاح قريب واكتساب مناعة القطيع لمواجهة الفيروس.
هل يعتبر الوضع خطيراً اليوم في لبنان ام أن الأمور تحت السيطرة؟
من المؤكد أن الوضع اليوم خطير وصعب جداً نظراً للارتفاع الملحوظ في عدد الإصابات التي تسجّل يومياً. ووفق ما توضحه سماحة بلغت المستشفيات الحد الأقصى من قدرتها الاستيعابية. ففي مقابل كل مريض يخرج من المستشفى اثنان ينتظران للدخول. فطوابق كورونا ممتلئة والاسرى كلّها محجوزة كذلك في أقسام الطوارئ ينتظر المرضى دورهم للدخول. لكن حتى اللحظة تؤكد أنه على الرغم من الضغط الكبير، لم يحصل أن لم يؤمن سريراً لمصاب بكورونا فيلبّى كافة المرضى وتؤمّن الاسرّة لهم والعلاجات اللازمة سواء في المستشفيات أو في المنزل حيث يعالج القسم الأكبر منهم في حال عدم وجود حاجة للأكسيجين وعدم وجود مضاعفات، بناء على استشارات الأطباء بما يتناسب مع حالاتهم. في الوقت نسه تتخوّف سماحة من تزايد أعداد الإصابات بمعدل أكبر بعد بشكل يتخطى القدرة الاستيعابية للمستشفيات فهو الهم الأكبر اليوم. فحتى إذا سعت المستشفيات إلى زيادة قدرتها الاستيعابية وخصصت المزيد من الأقسام لاستقبال المصابين، تبرز مشكلة الشح في مستلزكات الوقاية اللازمة لمعالجة مرضى كورونا لاعتبار أن ما تأمن في المساعدات التي أتت إلى لبنان ليس مناسباً كلّه لهذا الهدف ووفق المعايير المطلوب لتأمين الحماية التامة. يضاف إلى ذلك تحدي آخر ألا وهو تأمين أفراد الجسم الطبي لتقديم الرعاية للمرضى.
هل يمكن أن نعوّل على مناعة القطيع لمواجهة الفيروس؟
يبدو تحقيق مناعة القطيع من الأمور البعيدة المنال فيصعب تحقيقها أو ترقبها في المرحلة الحالية. وتشير سماحة إلى أن الدراسات التي أجريت حالياً وأحدها دراسة كبرى في Iceland تبين ان المناعة المكتسبة جراء الإصابة بالفيروس لا تدوم لأكثر من 4 أشهر. يضاف إلى ذلك أن الكل قد لا يكتسب المناعة المطلوبة عند الإصابة بالفيروس. فالمناعة المكتسبة نوعان منها ما ينتج أجساماً ضدية ومنها ما لا ينتجها. حتى أن إنتاج الأجسام الضدية لا يكون دائماً للمدى البعيد أو لا يكون بمعدلات كافية. حتى انه في دراسة تجرى في لبنان تبين حتى الآن عدم وجود معدلات كافية من المناعة المكتسبة جراء الإصابة بالفيروس.
أما مناعة القطيع فثمة جدل حول ما إذا كانت تتحقق مع إصابة نسبة 50 غلى 60 في المئة من الناس أو مع نسبة إلى 60 إلى 70 في المئة. وفي كل الحالات يبدو حصول ذلك بعيد المنال لأن نسبة الصمابين لا تزال قليلة جداً. وحتى في الدول التي ترتفع فيها أعداد الإصابات لم تتخطَّ النسبة ال20 أو 30 في المئة.
ونظراً لعدم إمكان الاعتماد على هذه المناعة التي يمكن اكتسابها جراء الإصابة بالفيروس، من الطبيعي أن تزيد المخاوف مع موسم الانفلونزا. فبحسب ما تبين حتى الآن في الدول التي فيها موسم الانفلونزا زادت المضاعفات ومخاطر المرض عندما يجتمع الفيروسين. وبالتالي ثمة تخوّف من أن تحصل إصابات بالفيروسين معاً في موسم الانفلونزا بشكل يزيد من الخطر ومن الحالات الصعبة.
هل من تغيير في طبيعة الفيروس من بداية ظهوره إلى اليوم؟
تكثر الاخبر المتداولة حول تغييرات جينية في الفيروس من بداية ظهوره إلى اليوم. وما تؤكده سماحة أنه ثمة حاجات إلى دراسات علمية على نطاق واسع لتأكيد ذلك. لكن يبدو واضحاً حالياً ان الفيروس يحقق اليوم انتشاراً أوسع بحيث ان الإصابة الواحدة باتت تسبب عدداً أكبر من الإصابات مع انتقالها بالعدوى مقارنةً بما كان يحصل مع بداية ظهور الوباء. لكن بالنسبة إلى الحالات الحرجة فهي لم ترتفع إلا نسبياً لارتفاع اعداد الإصابات بشكل كبير. فمن الطبيعي ان يزيد عدد الحالات الحرجة بشكل نسبي مع الزيادة في عدد الإصابات .
هل بات ظهور اللقاح قريب؟
لا يدعو المشهد حت اللحظة إلى التفاؤل. فبحسب ما تظهره المعطيات لا يزال الوضع صعباً في مواجهة الفيروس وثمة توقعات أسوأ بعد حول الموسم المقبل. ووفق سماحة من المتوقع أن يكون عام 2021 صعباً مع كورونا إلى حين اكتشاف اللقاح الفاعل القادر على تأمين الوقاية من الفيروس بطريقة فاعلة وأكيدة وكافية. ففي حال اكتشاف لقاح قبل ذلك قد لا يكون بالمتسوى المطلوب. كما انه لن يوزّع على الكل في المرحلة الأولى بل إن من يحصل عليه في الفترة الأولى هم أفراد الجسم الطبي والمسنين على أن يوزع في مرحلة لاحقة لباقي الفئات.
المصدر ـ جريدة النهار