د. سامر ماهر عبدالله – ليبانون تايمز
نجاح المبادرة الفرنسية في لبنان كان بحاجة إلى عدة عناصر إيجابية أبرزها الواقعية والصدق حتى يمكن ربطها بمكامن العجز الداخلي ومن ثم الوصول إلى حلول وسط تطغى على جميع المواقف السلبية .
حاول ماكرون التسويق لمبادرته من خلال القول أن الطبقة السياسية قد فشلت في إدارة البلد، وأن الفساد قد تسبب بإفقار اللبنانيين، وأنه لا بد من إفساح المجال أمام جيل جديد من المختصين .
هذه العناوين أعلاه هي التي أضعفت المبادرة الفرنسية لأن لبنان ليس بشركة خاصة لنأتي بمجلس إدارة لإدارته عبر الفرض والتهديد والوعيد وبشكل فوقي نافر، بل كان على فرنسا العمل بقوة على الأسباب الداخلية الحقيقية للأزمة وأبرزها الاصلاح السياسي ومن ثم الاداري ومن ثم الاقتصادي والمالي والنقدي والمصرفي .
ويحق لنا التساؤل، هل كان ماكرون يريد المساعدة في إصلاح البلد أم كان فقط يريد مصادرة قرار البلد وخاصة الإقتصادي من خلال تقديم خدمة للأميركي تتمثل بحصار المقاومة سياسيا؟
منهجية الإصلاح في لبنان بالدرجة الأولى هي دستورية – سياسية – إدارية ومن ثم يتم العمل على ربط النظام الجديد بعوامل النجاح الإقتصادية المعروفة .
وإذا كان ماكرون – في البدء – قد حاول تجنب موضوع المقاومة، إلا أن الولايات المتحدة ومن معها في الاقليم وفي الداخل اللبناني ربطا بقوة بين المبادرة الفرنسية وموضوع المقاومة مما كشف الوجه الحقيقي للمبادرة الفرنسية على أنها تتوجه في الخفاء لتطويق وإضعاف المقاومة تدريجيا وهذا ما اتضح من كلام ماكرون الأخير .
لقد اتضح ان ماكرون – الذي لا يملك أوراق قوة إقليمية – لم يكن يملك تفويض حل مشاكل لبنان السياسية والاقتصادية بمعزل عن الحصول عن تنازلات سيادية من فريق ٨ آذار، فسقط رهانه في لبنان واضطر – للأسف – للإنضمام علنا إلى منهجية القرار ١٥٥٩ وهذا سيسقط بالتأكيد طموحات فرنسا في لبنان وربما نهائيا وإلى غير رجعة .
بناء على ذلك، ولطالما خرجت فرنسا عن حيادها الظاهري، علينا الانتظار لحين الانتهاء من الاستحقاق الرئاسي الاميركي لأن المبادرة الفرنسية قد أصبحت بالكامل مبادرة أميركية، وأن أميركا لن تتحدث بصورة جدية الآن وهي في خضم الحملات الانتخابية .