كشف مصادر وزارية واسعة الاطلاع عبر صحيفة “الشرق الأوسط” أنه “كان لا مفر من لقاء رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري، لكن من غير الجائز إطلاق موجة من التفاؤل ترحيباً بانعقاده، ومن الضروري التريث لمعرفة الخطوة التالية التي ستليه، وما إذا كانت ستبدّل واقع الحال وتهيئ البلد للانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة غير المرحلة الحالية التي تغلب عليها المراوحة وعدم قدرة الحكومة على اجتياز المطبات التي ما زالت تحول دون زيادة إنتاجيتها”
ولفتت المصادر الى أن “الرئيس عون والحريري تبادلا الرأي في مجموعة من العناوين تجاوزت تلك التي طرحها الأخير في مؤتمره الصحافي الذي أراد من خلاله تمرير رسالة سياسية لا لبس فيها، وعنوانها أنه لن يسكت بعد اليوم وسيردّ على الحملات التي تستهدفه”، مؤكدة أنهما “تصارحا في العمق من دون كفوف أو قفازات”.
وبينت المصادر أن “الحريري صارح عون بقوله إن بقاء الوضع على حاله يعني أننا سنواجه صعوبة في وضعه على سكة الاستجابة لمقررات مؤتمر “سيدر” لمساعدتنا على النهوض من أزماتنا الاقتصادية والاجتماعية”، مشيرة الى أن “الحريري توقّف أمام حالة الغضب التي تسود الشارع السنّي”.
ورأت أن “الاستقرار في البلد يتطلب إشعار الجميع بأنهم سواسية وأن لا طائفة مكسورة، أو مغلوب على أمرها، وأخرى تتصرف وكأن لديها فائضاً من القوة يدفعها للاستقواء على الآخرين”، موضحة أن “اللقاء تطرّق إلى العلاقات المتوترة، داخل الحكومة، وإلى مشروع الموازنة للنصف الثاني من العام الحالي الذي تناقشه حالياً لجنة المال والموازنة النيابية، خصوصاً أنه تبيّن أن بعض المكوّنات الرئيسية في الحكومة وافقت عليه لدى مناقشته في مجلس الوزراء ثم تحاول الآن الانقلاب على ما تعهدت به”.
وعملت “الشرق الأوسط” أن “الحريري أثار مع عون موقف تكتل لبنان القوي”، وكيف تبدّل على ما كان عليه في مجلس الوزراء، خصوصاً بالنسبة إلى إصرار رئيسه، وزير الخارجية جبران باسيل، على وضع ضريبة دخل على المتقاعدين، وكيف أن رئيس لجنة المال إبراهيم كنعان انقلب على موقف التكتّل. ووعد عون بالتدخّل شخصياً من أجل إيجاد حل يؤدي إلى معالجة هذا الإشكال”.
وأكدت المصادر نفسها أن “الحريري دفع من رصيده السياسي على أقساط، وأنه يدرك ذلك جيداً، لكنه راهن على منع البلد من السقوط وقدّم التنازلات والتضحيات التي كانت مدار تجاذب داخل جمهوره”، مشددة على أن “استمرار الوضع على حاله سيؤدي حكماً إلى استنزاف العهد، خصوصاً أنه مضى أكثر من عام على إجراء الانتخابات النيابية من دون حصول أي تقدّم، وإلا ما هو المبرّر لهدر الوقت لتشكيل الحكومة ومن ثم لإقرار مشروع الموازنة؟”.
وسألت المصادر: “لماذا تتعثّر حالياً حكومة العهد الأولى كما كان يروّج أركان في “التيار الوطني الحر”؟ ومن المسؤول عن تأخّر ولادتها، وأيضاً عن اضطرار من هم في موقع المسؤولية إلى تغيير موقفهم والرضوخ لطلب “حزب الله” بتمثيل السنة من خارج تيار “المستقبل”؟.
كما سألت عن الأسباب الكامنة وراء “التباطؤ في التصدي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وكيف أن “الرئيس القوي” و”العهد القوي” و”تكتل لبنان القوي” لم ينجحوا في إحداث نقلة نوعية”، معتبرة أن “قرار الرئيس عون باستيعاب غضب الشارع السنّي كان في محله، لكنها كانت تفضّل أن يوفد من يمثّله غير وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي إلى دار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. وهذا ما يقوله مصدر مقرّب من رؤساء الحكومات السابقين”.
وعزا المصدر السبب إلى أن ” جريصاتي عندما كان وزيراً للعدل في الحكومة السابقة وخلال المشاورات لتشكيل الحكومة الحالية هو من تزعّم الحملات السياسية والإعلامية ضد صلاحيات رئيس الحكومة، بذريعة أن هناك فترة زمنية لتشكيل الحكومة، وإلا يعود للبرلمان أن يبادر إلى سحب تكليفه”، مشيرا الى أن “هناك ضرورة للحوار والتواصل، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود من يتولى الحوار في تكتل لبنان القوي لأن مجموعة من الصقور هي التي تتصدّر الحملات”.
واعتبر أنه “من غير الجائز انقطاع الحوار بين اللبنانيين”، متسائلا: “لماذا لا يبادر رئيس الجمهورية إلى الانفتاح على الجهات الرئيسية في البلد، لأن الرئيس القوي هو القادر على الجمع بين اللبنانيين والتدخّل في الوقت المناسب لقطع الطريق على حصول خلاف بين هذا الفريق أو ذاك”.
ونصح بأن “يبادر رئيس الجمهورية إلى ضبط أداء باسيل الذي لا ينفكّ عن خوض الحروب السياسية على كل الجبهات، من دون أن يتجرأ على التعرض إلى “الثنائية الشيعية”، كما أن باسيل ومن معه يزايدون في موضوع النزوح السوري ويرعون الحملات، مع أنه يمكن معالجة كل ما يترتّب على وجودهم من إشكالات ومشكلات بطريقة أخرى”.