خاص ليبانون تايمز- د سامر ماهر عبدالله
تعرض القطاع المصرفي اللبناني بجملته مؤخرا إلى أزمة خطيرة لم يسبق أن تعرض لها في تاريخه الطويل .
لا شك أن الصناعة المصرفية في لبنان تعتبر فخر الصناعة المصرفية في المنطقة وعسى أن يفهم العقلاء أنها مستهدفة من إسرائيل التي تسعى لأن تكون صيرفي المنطقة بأكملها .
إن الخطير في الأزمة المصرفية الراهنة أنها غير ناتجة عن تعثر المصارف بالمفهوم التقليدي الذي يجب أن يؤدي بصورة روتينية إلى محاولة تعويمها أو وضع اليد عليها وتصفيتها ، بل لأنها ارتبطت أولا بتنامي مديونية الدولة للقطاع المصرفي ، وثانيا بتفضيل السلطة النقدية مصلحة المصارف على حساب مصلحة المودعين وخاصة صغارهم ، وثالثا من حيث الشبهات التي رافقت تهريب كبار المودعين لأموالهم إلى الخارج – بمن فيهم اصحاب المصارف وفي ذات الوقت ارتهان ودائع عامة الناس والمغتربين والمودعين العرب والأجانب .
تحاول السلطة النقدية بتعاميمها الأخيرة استدراك بعض ما فاتها وخاصة لناحية الزام بعض كبار المودعين الذين حولوا أموالهم للخارج بإعادة جزء منها وتجميده في حساب خاص كل ذلك من أجل إعادة بعض السيولة إلى الحياة المصرفية حيث تحول اقتصادنا إلى اقتصاد نقدي .
أعتقد أن مصرف لبنان في إجراءاته الأخيرة يحاول إنقاذ القطاع المصرفي الذي دمر نفسه بنفسه بحيث إن بقي الوضع على ما هو عليه فنحن ذاهبون نحو تصفية أغلب المصارف ، لذا قرر المصرف المركزي وضع خطة لهيكلة المصارف وإلزام المصارف بتسليم الزبائن الحوالات التي تصلهم من الخارج بالعملات الصعبة كاملة وليس تسليمها بعد تحويلها إلى الليرة اللبنانية .
كما حاول المصرف المركزي تشجيع الزبائن على الإيداع في المصارف وتمييز ودائعهم الجديدة عن تلك القديمة من أجل إعادة الحياة إلى عمليات التسليف .
بطبيعة الحال ليس هناك من يرفض تنشيط العمل المصرفي في لبنان ، ولكن يجب إنجاز تصور واضح ونهائي حول مصير ودائع اللبنانيين لناحية ضمانها التام لأنه لا مبالغة أن مصير لبنان وسلطته القضائية واقتصاده ومستقبله وسمعته على المحك إن لم تظهر خفايا ما جرى بالنسبة لودائع اللبنانيين .
يجب أن تستعيد السلطة النقدية مدعومة من الحكومة ومن القضاء هيبتها لتحافظ على ودائع الناس ولتحافظ في ذات الوقت على المصارف من أخطاء أصحابها.